عقدت لجنة التشريع العام جلسة يوم الأربعاء 11 نوفمبر 2020 خصصت لإجراء سلسلة من الاستماعات في خصوص مقترح التعديل 45/2020 المتعلق بتنقيح أحكام الشيك بدون رصيد في المجلة التجارية. واستمعت اللجنة إلى ممثلين عن الجمعية التونسية لمكافحة الفساد الذين بينوا في بداية مداخلتهم أن الشيك فقد دوره الحقيقي في تسهيل المعاملات المالية والتّجارية والمساهمة في تنشيط الدّورة الاقتصادية نظرا لانعدام عنصر الثقة بين المتدخلين الإقتصاديين حيث تحوّل إلى وسيلة للتحيّل والابتزاز ممّا نتج عنه تراجع في المعاملات بواسطة الشيك إلى حدود 21%. وأضافوا أن الإرتفاع المذهل لجرائم إصدار الشيك بدون رصيد أدى إلى إنهاك القضاء مما انجر عنه بطء كبير في البت في القضايا وهو ما يستدعي التدخل لتعديل الأحكام المتعلقة بالشيك بما يتلاءم مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. وأوضح ممثلو الجمعية أن المبادرة التشريعية المقترحة ولئن تضمنت بعض النقاط الإيجابية كالشيك الألكتروني والمصادقة الإلكترونية فإن بعض النقاط الأخرى تستدعي التعمق والتريث وأهمها إلغاء عقوبة السجن.وبيّنوا أن المناخ الاقتصادي والاجتماعي الحالي لا يتلاءم مع هذا الحل وإقترحوا التدرج والمرحلية في تطبيقه كالتمديد في اجال رفع الدعوى العمومية وتشريك البنوك عند إثارة الدعوى و تحميلها المسؤولية عند إصدار شيك بدون رصيد. واستمعت اللجنة إثر ذلك إلى الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية حيث بين ممثلوه أن إلغاء عقوبة السجن بالنسبة للجرائم المتعلقة بإصدار الشيك بدون رصيد ليس بالحل الناجع والفعال للحد من هذه الجريمة بل إنه سيزيد في تعميق الأزمة الاقتصادية وفي إحجام عديد الأطراف عن التعامل بواسطة الشيك وهو ما سيعمق الأزمة التي تعاني منها المؤسسات الصغرى وصغار الحرفيين . وبينوا أن الوضعية الاقتصادية والاجتماعية الحالية ليست ملائمة لتطبيق هذا الحل وانه يجب في البداية العمل على تعصير الإدارة ورقمنتها وتطوير القضاء وإصلاحه إلى جانب تطوير وتحسين المنظومة القانونية المتعلقة بالأوراق التجارية و بوسائل الدفع و اليات الخلاص ككل. ومن جانبهم بين ممثلو الهيئة الوطنية للمحامين أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية والتشريعية الحالية لا يمكن أن تساهم في تطبيق ما ورد بالمبادرة التشريعية المعروضة من نقاط وخاصة ما تعلق منها بإلغاء العقوبة السجنية حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى فتح المجال إلى التحيل والإبتزاز علاوة على ما سيحدثه من اثار سلبية على المعاملات الاقتصادية خاصة بالنسبة للمؤسسات الاقتصادية الصغرى و المتوسطة.واعتبروا بالتالي ان مشروع القانون يعد سابقا لأوانه وانه يجب توفير الأرضية الملائمة لتنفيذه. كما تعهّدوا بتقديم مقترحات كتابية بخصوص المبادرة التشريعية المعروضة. وفي ذات السياق، لاحظ الأستاذ يوسف الكناني أن مراجعة أحكام الشيك تتطلب مراجعة جميع النصوص القانونية المتعلقة بالأعمال التي تعتبر متأخرة مقارنة بالقوانين المقارنة كما كانت من أهم الأسباب التي أدت إلى تقلص نسب الإستثمار و تراجع النمو الاقتصادي. وفي ما يتعلق بإلغاء العقوبة السجنية بين الأستاذ الكناني أن هذا الحل يندرج ضمن التوجهات العامة لغالبية القوانين المقارنة وان غالبية التشريعات المعاصرة تتجه في معظمها إلى إلغاء التجريم في مادة الشيكات بدون رصيد إلا ان الوضع الاقتصادي والاجتماعي التونسي الحالي وما يتسم به من صعوبات وأزمات يجعل تطبيق هذا الإجراء محل تساؤل وتخوف كبيرين من تفاقم ظاهرة إصدار الشيكات بدون رصيد لغياب عنصر الردع واقترح في هذا المجال اتخاذ وسائل وقائية وإجراءات تقنية متطورة استئناسا بالتجارب المقارنة للحد من هذه الجريمة. وفي تفاعلهم مع ما قدم ثمن النواب هذه المداخلات معتبرين أن المسألة تستدعي مزيدا من النظر والتعمق في دراستها داعين جميع الاطراف التي تم الإستماع إليها إلى تقديم مقترحات عملية لتطوير وتعديل المبادرة التشريعية المعروضة.