تونس الصباح: لا تكاد أشغال مجلس بلدي أو جهوي تمضي دون التطرق إلى ملف النظافة والعناية بالبيئة وحفظ الصحة.. ودون استعراض مختلف التدخلات والجهود المبذولة لتجاوز النقائص وتذليل الصعوبات.. ولكن أين هي الحصيلة؟ إذ تخصص البلديات ميزانيات وموارد بشرية كبيرة وتجهيزات ومعدات وأساطيل ضخمة لهذا الجانب.. ولكن رغم ذلك مازالت النتائج في العديد من جهات الجمهورية دون المأمول.. فرغم كل ما يرصد من أموال.. ورغم كل ما يبذل من جهود.. مازلنا نشاهد أكواما من الفضلات المكدسة تعبث بها القطط والكلاب السائبة على قارعة الطريق وأمام المتاجر وعلى مقربة من الاسواق وتحت شبابيك العمارات.. كما تزدان الشوارع والساحات ومحطات النقل العمومي ببقايا السجائر والمعلبات وتذاكر النقل المنتهية صلوحيتها والمعلقات الاشهارية الممزقة؟ والغريب في الامر أن التونسي ينجذب كثيرا إلى مظاهر التحضر والنظافة التي يشاهدها في بلدان أوروبية.. ويتحدث بإعجاب عن شعوب منضبطة للغاية لا يلقي الفرد منهم حتى "لوبانة" صغيرة في الشارع.. ولكن رغم ذلك تجده لا يتورع عن تلويث الرصيف بعلبة سجائر أو بقارورة ماء أو مشروبات غازية فارغة أو رمي أوراق لا يحتاجها أو إلقاء بقايا لمجته من نافذة سيارته؟؟ ولكن لماذا يحدث كل هذا؟ وإلى متى سنشاهد الاخلالات المتعلقة بالنظافة فالكل يرغب في العيش في محيط نظيف.. ولكن يبدو أن الكل لا يبذل جهدا لتأسيس هذا المحيط. وفي هذا الصدد يرى البعض أن الحل الامثل للقضاء على مثل هذه الاخلالات يكمن في الردع ويعتبرون أن تطبيق القرارات والاوامر الموجودة كفيل بتغيير السلوكيات؟؟ في حين يرى آخرون أن الردع لوحدة لا يكفي بل يجب أن يكون هناك استعداد حقيقي من المواطن للمساهمة في نظافة المحيط الذي يعيش فيه ويتنسم من هوائه.. ولكن يتفق الشقان على أنه لا فائدة من سن قوانين وأوامر وقرارات لا تؤخذ في الواقع بعين الاعتبار ولا تطبق؟؟ ومن بين هذه النصوص نجد الامر عدد 1866 لسنة 2007 المؤرخ في 23 جويلية 2007 والمتعلق بضبط قائمة المخالفات لتراتيب حفظ الصحة بالمناطق الراجعة بالنظر للجماعات المحلية والخطايا المستوجبة. ردع المخالفين يرى المهتمون بالمجال البلدي أن الردع صعب للغاية.. وفي حديث مع مسؤول بلدي أفادنا أنه يستحيل على البلديات مراقبة كل المخالفين ومعاقبتهم لانه ليس لديها الامكانيات الكافية لكي تضع مراقبا عن كل مواطن يسير في الشارع.. وبين أن الاعوان البلديين يعملون دون هوادة ويتكبدون مشاقا كبيرة لتنظيف الشوارع لكنهم بمجرد انتهائهم من مهامهم يعود الحال إلى ما كان عليه قبل مرورهم بدقائق.. ويتكرر هذا الامر بصفة ملحوظة في الشوارع الكبرى وخاصة في الشوارع الكائنة في قلب العاصمة.. وذكر محدثنا أن العديد من المواطنين لا يمتثلون إلى قرارات البلدية المتعلقة بمواعيد إخراج الفضلات وعوضا عن وضعها في الاماكن المخصصة لها وفي الاوقات المحددة لاخراجها تراهم آخر الليل يلقون بأكياس فضلاتهم المنزلية من نوافذ بيوتهم فتفتحها القطط لتقتات منها وتصبح بعد ذلك مصدرا لتكاثر الحشرات وخاصة الذباب.. وبين المصدر نفسه أن الاعوان البلديين يجوبون يوميا وفي أكثر من مناسبة الاسواق ويخرجون منها كميات ضخمة من الفضلات وخاصة علب الكرذونة الفارغة ولكن رغم ذلك يصر التجار على إلقائها أمام بوابات متاجرهم دون مراعاة عنصر النظافة.. وعن بقايا السجائر وعلب المشروبات قال محدثنا إن الاعوان البلديين كثيرا ما يتذمرون من سلوكيات المارة فرغم وجود حاويات على جنبات الطريق وعلى مقربة منهم فإنهم يتعمدون إلقاء الفضلات على الرصيف.. ولكن لماذا لا يتم تمكين أعوان البلدية من صلاحيات ردع المخالفين؟ عن هذا السؤال أجاب مصدرنا أنه قبل التفكير في الردع يجب التفكير في كيفية تغيير سلوكيات المواطن تجاه المحيط والملك العمومي المشترك وغيره من المرافق.. لانه سيكون الحل الافضل.. خطايا مالية لئن اعتبر مصدرنا أن الردع لا يؤتي أكله؟؟ فإن هناك من يرى أن الردع هو الذي جعل المواطن الاوروبي منضبطا بمثل ما هو عليه الان.. فهو يخشى أن يلقي بقايا سيجارة على قارعة الطريق لانه سيتكبد خطية مالية كما أنه يخاف إلقاء كيس من الفضلات في حديقة عمومية لان ذلك سيعرضه للردع.. ولو يتم في تونس تطبيق الامر المتعلق بالمخالفات لتراتيب حفظ الصحة سالف الذكر قد يتغير الحال.. كأن يقع على سبيل المثال إسناد خطية مالية قدرها عشرون دينارا لكل مواطن يقوم بإلقاء أو وضع فضلات الاطعمة أو بقايا السجائر أو القوارير أو علب أو أوراق أو أكياس أو غيرها من الاشياء على الارصفة أو الطرقات أو في الساحات أو الشواطئ أو الحدائق العمومية أو يخرج الفضلات المنزلية في غير الاوقات المحددة لاخراجها أو يضعها في أوعية لا تستجيب للمواصفات أو خارج الحاويات المخصصة لوضعها أو يحول حاويات البلديات من الموقع المحدد لها أو يستعملها في أغراض أخرى أو يتبول ويبصق في الاماكن العمومية لان تطبيق هذا الاجراء قد يحد من التجاوزات.. يذكر أنه طبقا لنفس الامر تسند نفس الخطية عند الكنس دون رش الماء أمام المحلات التجارية والحرفية والمحلات السكنية أو عند تنظيف الواجهات والارصفة في غير الاوقات المحددة لذلك وعند عدم الاعتناء بواجهات تلك المحلات من حيث الصيانة وإزالة الاعشاب الطفيلية وكذلك عند نفض المفروشات والاقمشة وما شابهها من النافذ والشرفات والاسيجة المطلة على الطريق والساحات العمومية في غير الاوقات المحددة لذلك من قبل الجماعة المحلية.. ويعاقب بخطية قدرها عشرون دينارا من يلقي أو يعرض بالنوافذ والشرفات والاسيجة أشياء تضر بالمارة أو تحدث رائحة مزعجة او مضرة بالصحة العامة وكذلك من يضع جثث الحيوانات والسوائل والمواد البلورية والحديدية والخشبية والخزفية والاسمنتية في حاويات الفضلات المنزلية ومن يلقي الفضلات بأحواض المياه والنافورات العمومية أو بجوانبها وعند تلويث المحيط أو إزعاج المارة جراء عدم وجود ميازيب أو أنابيب أو قنوات صرف المياه المنحدرة من السطوح ومياه مكيفات الهواء أو نتيجة عدم صيانتها وعند عدم العناية بالاسطبلات ومرابط الدواب.. وطبقا لنفس الامر تسند خطية قدرها 40 دينارا عند إتلاف الحاويات وعند إخراج فضلات المحلات التجارية والحرفية في غير الاوقات المحددة لها أو عند وضع هذه الفضلات في أوعية لا تستجيب للمواصفات أو في الاماكن غير المخصصة لها وعند تعطيل سيلان مياه الامطار بسبب وضع مواد البناء وغيرها من الحواجز على الرصيف أو الطريق وعند تلويث الارصفة والطرقات والساحات العمومية بالمياه المستعملة في المحلات التجارية والحرفية والسكنية وفي صورة عدم الاعتناء بالواقيات والعلامات الاشهارية بالمحلات التجارية والسكنية والارصفة والطرقات والساحات العمومية. وتسند نفس الخطية عند تلويث الارصفة بفضلات الدواب وبفضلات الانتصاب وبمواد إصلاح العربات وترك الاثاث المنزلي وهياكل وسائل النقل وعند الاضرار بالمساحات المزروعة بالحدائق والمنتزهات والمناطق الخضراء وعند إدخال الحيوانات إلى المقابر. وترتفع قيمة الخطية المالية إلى ستين دينارا في صورة تلويث الارصفة والطرقات والساحات العامة عند نقل فضلات في وسائل نقل أو أوعية غير مغطاة وعند نقل الفضلات المستخرجة من حفر تجميع الفضلات أو الخنادق الخاصة في أوعية لا تستجيب للشروط الصحية وعند إلقاء فضلات البناء والاتربة والحدائق في غير الامكنة المخصصة لها وعند عدم تنظيف أرض غير مبنية من قبل المتصرف فيها أو عند عدم تسييجها بما يجعلها مصبا للفضلات وعند إلقاء جثث الحيوانات حيثما كان وعند التسبب في تكاثر الحشرات وإزعاج راحة الاجوار نتيجة تربية الحيونات داخل المحلات السكنية وعند غياب صيانة وتنظيف المركبات الصحية داخل المحلات التجارية والحرفية وعند عدم احترام شروط حفظ الصحة بالنزل والحمامات وقاعات الحلاقة والتجميل والتمسيد وبكل نشاط تجاري أو حرفي وتتعلق بالتجهيزات وبالعمال من حيث سلامة الجسم والهندام ونظافتهما أثناء القيام بالعمل.. وتسند نفس الخطية لكل مخالفة تتعلق بنقل مواد غذائية في وسائل لا تستجيب للشروط الصحية أو عند خزنها بكيفية غير صحية وعند تشذيب الاشجار المزروعة بالارصفة والطرقات والساحات دون رخصة وعند إحداث أي نوع من الضجيج في المحلات التجارية والحرفية والمنتصبة بالتجمعات السكنية في غير الاوقات المحددة وعند حرق الفضلات في الاماكن غير المخصصة لذلك وعند إزالة أغطية البالوعات والاضرار بقنوات صرف المياه المستعملة ومياه الامطار وعند غسل الصوف والثياب والجلود والاواني في مياه البحر أو عند إدخال الحيوانات إلى البحر وعند رش الخضر والغلال والنباتات بماء غير صالح للشراب أو عند عرضها في الاماكن غير المخصصة لذلك وعند غياب الشروط الصحية للمداخن بالمحلات المعدة لممارسة الانشطة التجارية والحرفية كالمطاعم والحمامات وغيرها أو فقدانها أو وجود خلل بها. هذه إذن المخالفات التي تنجر عنها خطايا مالية.. ولو يقع تطبيقها قد يتغير الحال إلى الافضل.. لانه ما الفائدة من إقرار مثل هذه الخطايا في صورة عدم تطبيقها؟