الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    القيروان: القبض على مقترفي عمليّة سرقة قطيع أغنام    روح الجنوب: إلى الذين لم يبق لهم من عروبتهم سوى عمائمهم والعباءات    لعبة الإبداع والإبتكار في رواية (العاهر)/ج2    إمضاء اتفاقية تعاون بين وزارتي المالية والتجارة حول تبادل المعطيات والبيانات    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    التونسي يُبذّر يوميا 12بالمئة من ميزانية غذائه..خبير يوضح    Titre    قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ بمنزل بورقيبة: هذا ما تقرر في حق الموقوفين..#خبر_عاجل    المهدية: غرق مركب صيد بحري وعمليات البحث متواصلة عن البحارة    حريق بمنزل في نابل واسعاف طفلة..    تونسيات متوّجات عالميا...مازالت المرأة المبدعة تعاني الإقصاء الممنهج    المهدية : غرق مركب صيد على متنه بحّارة...و الحرس يصدر بلاغا    جندوبة: انزلاق شاحنة بالطريق الوطنية 17 بطبرقة    سمير ماجول : '' إننا إذ نسجل بارتياح تحسن المؤشرات وعودة الإقبال على الوجهة التونسية ''    رئيس الجمهورية يجدّد في لقائه بوزيرة العدل، التاكيد على الدور التاريخي الموكول للقضاء لتطهير البلاد    بطولة كرة السلة: النتائج الكاملة لمواجهات الجولة الأخيرة من مرحلة البلاي أوف والترتيب    بركان ينفت الذهب.. ما القصة؟    يُروّج للمثليّة الجنسية: سحب كتيّب من معرض الكتاب بتونس    موجة حر شديدة في هذه المنطقة.. والسلطات تتدخل    الكيان الصهيوني و"تيك توك".. عداوة قد تصل إلى الحظر    شهداء وجرحى في قصف صهيوني على مدينة رفح جنوب قطاع غزة..#خبر_عاجل    ماذا يحدث في حركة الطيران بفرنسا ؟    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي على مرمى 90 دقيقة من النهائي    اليوم: عودة الهدوء بعد تقلّبات جوّية    شهادة ملكية لدارك المسجّلة في دفتر خانة ضاعتلك...شنوا تعمل ؟    قفصة: تورط طفل قاصر في نشل هاتف جوال لتلميذ    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها على البلجيكية غريت    الترجي يطالب إدارة صن داونز بالترفيع في عدد التذاكر المخصصة لجماهيره    كأس ايطاليا: أتلانتا يتغلب على فيورينتينا ويضرب موعدا مع جوفنتوس في النهائي    عاجل/بعد التحقيق معهما: هذا ما تقرر في حق الصحفية خلود المبروك والممثل القانوني ل"IFM"..    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب..ما القصة..؟    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    "تيك توك" تتعهد بالطعن على قانون أميركي يهدد بحظرها    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    قيس سعيد: الإخلاص للوطن ليس شعارا يُرفع والثورة ليست مجرّد ذكرى    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    في معرض الكتاب .. «محمود الماطري رائد تونس الحديثة».. كتاب يكشف حقائق مغيبة من تاريخ الحركة الوطنية    وفد من مجلس نواب الشعب يزور معرض تونس الدولي للكتاب    دوري أبطال إفريقيا: الترجي في مواجهة لصنداونز الجنوب إفريقي ...التفاصيل    وزارة الصناعة تكشف عن كلفة انجاز مشروع الربط الكهربائي مع ايطاليا    انتخابات الجامعة: قبول قائمتي بن تقيّة والتلمساني ورفض قائمة جليّل    عاجل/ جيش الاحتلال يتأهّب لمهاجمة رفح قريبا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    المنستير: افتتاح الدورة السادسة لمهرجان تونس التراث بالمبيت الجامعي الإمام المازري    اللجنة الجهوية لمتابعة تطوير نظم العمل بميناء رادس تنظر في مزيد تفعيل المنظومة الذكية للتصرف الآلي    أنس جابر تواجه السلوفاكية أنا كارولينا...متى و أين ؟    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    السيطرة على إصابات مرض الجرب المسجلة في صفوف تلامذة المدرسة الإعدادية الفجوح والمدرسة الابتدائية ام البشنة بمعتمدية فرنانة    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصير الجميع أضحى مشتركا في ظل العولمة ولا بد من تجاوز الاختلافات الثقافية
انتظمت بالكويت في الفترة ما بين 27 إلى 30 أكتوبر 2008: دورة «معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين 19 و20» في الشعر والأدب والحوار بين الثقافات والأديان
نشر في الصباح يوم 05 - 11 - 2008

بحضور شخصيات سياسية وفكرية وثقافية عربية وعالمية مرموقة وفي اطار مناخ ثقافي وفكري سمته الحوار والروح الاكاديمية والعلمية المجرّدة التأمت في الفترة ما بين 27 الى 30 أكتوبر المنقضي بالعاصمة الكويتية اشغال دورة معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين 19 و20 التي تنظمها مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للابداع الشعري.
هذه الدورة (11) تعتبر مفصلية ومميزة في مسار سلسلة دورات مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للابداع الشعري وذلك لا فقط لثراء وعمق وأمية الجانب الفكري والثقافي للأبحاث التي أثّثت ندواتها الفكرية ومختلف جلساتها العلمية بل وايضا لانها الدورة التي شهدت الاعلان رسميا عن ميلاد «معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين» وذلك بعد ان سبق لمؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين ان اصدرت «معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين» وهي الاصدارات التي تعكس بجلاء اهتمام هذه المؤسسة الثقافية العربية الرائدة وغير الحكومية بالتوثيق العلمي للشعر العربي عبر عصوره التاريخية.
في الشعر والأدب والحوار بين الثقافات
أبحاث دورة معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين 19 و20 انقسمت الى ندوتين كبيرتين:
* الندوة الاولى في حوار الحضارات والتعايش بين الأديان وانتظمت تحت عنوان «عالم اليوم: ثقافات ومصالح».
* والندوة الثانية كانت في الشعر والأدب والنقد وتخللت جلساتها دراسات حول المعجم الوليد «معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين 19 و20» وأخرى نقدية وأدبية عامة.
معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين 19 و20:
المنهج والاجراءات
الدكتور محمد فتوح احمد احد مستشاري المعجم قدم في اطار الندوة الثانية ورقة بعنوان «معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين: المنهج والاجراءات»، اشار فيها الى انه وبعد الاستقبال الكريم الذي قوبل به «معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين» باكورة معاجم المؤسسة لدى جمهرة المثقفين بعامة، ومتذوقي الشعر بخاصة، اقر مجلس امناء المؤسسة الاقتراح بتخصيص معجم يضم شعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين، سيرة وابداعا. وقد حدا الى تحديد هذا الاطار الزمني للمعجم الجديد امران:
* اولهما: يقول الباحث ان معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين، قد استغرق بالضرورة كل من كان حيا من الشعراء الذين عاصروا الاعداد لذلك المعجم بحكم قيام الشاعر بكتابة المعلومات بنفسه عن نفسه، وتزويده المؤسسة بنماذج شعرية خطها بيديه.
* ثانيهما: رُئي ان قرنا واحدا من الشعر ربما لم يكن ليلبي طموح المؤسسة الى تحرير وثيقة كبرى تبرز ثراء ورحابة خريطة الشعر العربي الحديث.
ثم اشار الباحث الى ان الفيصل الزمني الذي اعتبره المعجم حاسما في اندراج شاعر واستبعاد اخر هو تاريخ الوفاة طبقا للتقويم الميلادي، بحيث يبدأ المعجم بالشعراء المتوفين عام (1801 م) ويمتد حتى نهاية القرن العشرين (2000م) وارتاى مجلس الامناء والهيئة الاستشارية للمعجم ادخال السنوات التي تسبق صدور المعجم من القرن الواحد والعشرين في اطار المعجم، ولا يعني ذلك يضيف المحاضر ان المعجم ينحصر اساسا في القرنين التاسع عشر والعشرين فالشاعر الذي توفي عام (1801م) على سبيل التمثيل يندرج في حد البدء، رغم ان جل نشاطه الابداعي ربما كان في القرن الثامن عشر.
اما قائمة المحاذير التي حاول المعجم توقيها يضيف الباحث فنورد من بينها:
* أولا: المنظومات العلمية
* ثانيا: النماذج التي تتعرض للأديان او العقائد او الاعراق او الاخلاق.
* ثالثا: النماذج التي تمس الثوابت الوطنية والقومية او تقدح في موروث الامة وتراثها العريق.
* رابعا: الذم والهجاء الشخصي سواء لشخصيات تاريخية او معاصرة.
* خامسا الشعر الطائفي او الموجه اذا تضمّن الاساءة الى توجهات الاخرين او تراثهم بشكل صريح او كان من شأنه ان يفضي الى تكريس التشرذم او ترسيخ ثقافة الكراهية بدلا من تأصيل فقه الحوار.
دراسة مقارنة
اما الدكتورد محمد حسن عبد الله فقد قدم في اطار نفس الندوة بحثا بعنوان «معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين ومعاجم التراث: دراسة مقارنة بين الجهود التراثية ومعجم البابطين»، تناول في بدايته اشادة ب«معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين» حيث يعد صدوره مناسبة تاريخية بدون مبالغة او مجاملة.
وطرح الباحث سؤالا هو لماذا الشعر؟ اي لماذا كان اختيار المعجم للشعر ليكون مادة مضمونه فتكلم عن عدة اسباب لهذا منها التاريخية باعتبار الشعر ديوان العرب ومنها الوعي الحضاري بمكانة الشعر في الموروث والحاضر العربي وخصوصية لغته.
وتطرق الباحث بعد ذلك الى عدد من الكتب والمعاجم الشعرية القديمة، واظهار سلبياتها وايجابياتها من حيث كونها كانت تجارب سابقة في مجال جمع الشعر والشعراء بين دفتي كتاب او معجم.
فذكر كتاب «طبقات فحول الشعراء» لابن سلام وكتاب «الشعر والشعراء» لابن قتيبة و«الاغاني» للاصفهاني و«معجم الشعراء» للمزرباني و«معجم الادباء» لياقوت الحموي، وكتاب «الورق» لمحمد بن داود الجراح.
وعمد البحث لتبيين التصور المنهجي لكل كتاب ومقارنته مع «معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين» حيث ان الاخير يضيف الباحث قد تجاوز كل السلبيات التي احاطت بالكتب السابقة، وجمع كل الايجابيات التي احتوتها والتي لم تحتويها.
واشار البحث الى قضية التوسع المكاني (الجغرافي) لفكرة المعجم او الموسوعة التي تتخذ من الشعر والشعراء اساسا لها حيث ان «معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين» اتبع مبدأ (التوسع المكاني) قدر المستطاع وان حدد المدى الزمني بقرنين .
وذكر البحث الاجابة عن السؤال المطروح: كيف تحرر ترجمة مختصرة؟ وكانت الاجابة في نطاق الاخذ عن التجارب المأثورة السابقة او الاعتماد على المرجعية الثقافية للكاتب وآرائه الخاصة.
كما نبه البحث على ضرورة عدم اغفال اسماء اعلام لهم اعتباراتهم في مجالات الفن المختلفة لضعف شعرهم او لانه لا يحقق قيمة شعرية او انجازا فكريا مع العلم ان اغفال النظم لهؤلاء قد يكون اغفالا لحياة كاملة..
وتضمّن البحث تحت عنوان (على هامش القراءة الافقية) ما تقوم عليه القراءة الافقية من الربط بين المتشابهات او المقابلة بين المتناقضات او التنبيه الى ما يمكن ان يحتسب من ظاهرات الشعر او الفن او الحياة العربية.. وقد تضمّن الحديث ضمن هذه الفقرة عن عدد من الشعراء الفلسطينيين وعدد دواوين كل شاعر منهم كما وردت في «معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين» وكيف ان معجم البابطين قد خلّد سيرا ذاتية لعدد كبير من الشعراء المغمورين كما ذكر عددا من الشعراء الذين احرقت دواوينهم او هم أحرقوها.
ووجه الباحث في نهاية بحثه دعوة مزدوجة الى كل من اتخذ من «معجم البابطين» لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين» مرجعا وجد فيه ملاذا معرفيا موثوقا ومصدرا وقربه الى الشعراء.. فأشاد في شقي الدعوة بالمعجم واكد في الشق الاول على تكوين جمعية «أصدقاء معجم البابطين» التطوعية للعمل على رعايته.
في الحوار بين الثقافات والاديان
اما ندوة «حوار الحضارات والتعايش بين الثقافات والاديان» التي اننظمت تحت عنوان «عالم اليوم: ثقافات ومصالح» فقد حاضر خلالها أساتذة وباحثون عرب وأجانب من مختلف الجنسيات والاديان مثل الدكتور عبد الرزاق قسوم استاذ الفكر والفلسفة الاسلامية بجامعة الجزائر والدكتور عبد الله الجسمي استاذ بقسم الفلسفة بجامعة الكويت والدكتورة أنس دبّاش تونسية تعمل كأستاذة في جامعة السربون الفرنسية مختصة في ادب الرحلات والبروفيسور جون باتريك بارندر استاذ بالجامعات البريطانية والبروفيسور ماسيمو باكيغالوبو استاذ الادب الامريكي بجامعة جنوة الايطالية.
الدكتور عبد الله الجسمي في محاضرة بعنوان «منطلقات اساسية لتعميق حوار الحضاراتش اشار الى ان الواقع الذي يعيشه الانسان في ظل عالم ينزع نحو العولمة جعل من العالم قرية صغيرة واصبح هناك ترابط كبير في اقتصاديات الشعوب وهذا يعني ترابطا في مصيرها المشترك. كما ان قضايا الانسان اصبحت عالمية ولم تعد محصورة في دولة او اقليم معين والمشكلات التي يعيشها ايضا بحيث لا يمكن ان تحل الا بمجهود عالمي، وهذا يقتضي التكاتف وتوحيد الجهود من اجل تحقيق ذلك. وهذا لن يتم الا من خلال الحوار.
ولا يقف الامر عند المشكلات والقضايا ذات الطابع المادي بل تتجاوزها الى الأمور الفكرية والثقافية. فطالما مصير الجميع اصبح مشتركا فلا بد من تجاوز الاختلافات الثقافية والفكرية ووضعها في اطارها السليم. وان لا كون عقبة امام تحقيق المصالح العامة للشعوب والبشرية ككل فهناك العديد من مظاهر التطرف والتفكير الاصولي التي ادت الى الغاء الاخر واستخدمت فيها اساليب مختلفة من التعبير عن هذه الطرق من التفكير وصل بعضها الى العنف والقوة فهذه الاساليب لن تجدي نفعا ولن تحل المشاكل بين الفرقاء ايا كانت عقائدهم او ثقافاتهم او ايديولوجياتهم»..
لقد وصلت البشرية يقول المحاضر الى مرحلة متقدمة من النضج بعد تاريخ حافل من الاقتتال والحروب التي لم تؤد الا للدمار والخراب،. فتلك الشواهد تعتبر دروسا هامة لشعوب العالم اجمع التي لا يمكن ان تحل خلافاتها عبر استخدام منطق القوة بل من خلال الحوار والوسائل السلمية والاصغاء لصوت العقل، فطالما اصبح مصير البشر مشتركا فما من وسيلة امامهم لمواجهة هذا المصير سوى الحوار.
اما الدكتورة هدى صالح الدخيل استاذة الادب بجامعة الكويت فقد تناولت في بحثها الذي قدمته تحت عنوان «المشهد الثقافي العالمي المعاصر في ظل العولمة» ما اسمته بدايات انطلاق الفكر الليبيرالي في بريطانيا وكيف ان انتشار العولمة على مستوى دولي بدأ بتخفيض الرئيس ريغان الضرائب على المؤسسات وتحرير الاقتصاد من تحكم الدولة، مما ادى الى انتشار السطوة الامريكية وذلك على عدة اصعدة ثقافية وعلمية وتجارية وسياسية واجتماعية، لكن ذلك لم يمنع من ظهور مؤسسات ومنظمات تقف في وجه العولمة. مع ان الكثير من المختصين يرى ان العولمة ما هي الا امتداد للبيرالية وانها السبب الرئيسي في الكساد الاقتصادي واستنزاف الطبقة الوسطى.
وتضمن البحث ايضا الحديث عن الثقافة وارتباطها بالعولمة تحت عنوان «ثقافة العولمة وعولمة الثقافة» وهنا تم التركيز على خلق «ثقافة مشتركة» مبتعدة عن الرموز الدينية والاجتماعية والاخلاقية. والنزوع الى ثقافة تركز على كل ما هو مسل وممتع. ونشرها من خلال السينما والمجلات والتلفزيون والموسيقى والعمل على تطويرها. وتمت الاشارة في البحث الى قضية «رسملة الثقافة» وقضية النزعة الاستهلاكية الشرائية عند الفرد دون الاعتبار لمدى الجودة او حجم الضرر على البيئة.
والسمة الثانية لثفافة العولمة هي ارتباطها الوثيق بالتقنية.
اما السمة الثالثة هي السعي لكل ما هو جديد ويتطرق البحث الى قضية (العولمة الثقافية ومسألة التعدد الثقافي) حيث انتشرت هذه الثقافة عبر افلام هوليود. ونشر الثقافات الامريكية المحلية بدلا من الثقافات الاصلية للأمم سواء في العمل او المطبخ او غير ذلك كالموسيقى مما يؤدي الى انتشار (الهوية المهجنة) والوعي العالمي.
يدرس البحث نقطة هامة هي «الصدمة الثقافية» التي تؤدي الى «الضغط الثقافي» وذلك نتيجة معايشة اكثر من ثقافة او الانتقال من ثقافة محلية الى ثقافة جديدة كليا. ويبين البحث ان الفرد هو المسرح الاساسي لعملية التغيير لمجتمعات تتبع الافراد. ويطرح البحث مفهوم «التعدد الثقافي» والتمييز بين مفهومين: التعدد بمعنى اتساع نطاق الاختيارات المتاحة والتعدد بمعنى التمايز الثقافي.
ويتناول كذلك قضية العولمة والانتاج الابداعي: فالليبرالية تسعى الى ترويج ثقافاتها وذلك واضح جلي في انتشار موسيقى الراب والهارد والروك، ويبين البحث ان قلب الشبكة هو المبدع الذي لا يستطيع العمل الا بتوفير الادوات اللازمة للابداع وحتى اقتراح الموضوع الذي سيبدع فيه، والتنبيه الى ان المنتج الفني هو دائما سلعة، بالاضافة الى ان التقنيات الحديثة ادت الى تغيير كثير من الانتاج الابداعي سواء الرسم او التصوير او الموسيقى، فحيث تعد تقنيات الاتصال بوابة الليبرالية الى العالم فانها تتيح بدورها سهولة التواصل بين المبدع وجمهوره، مع ان فرصة المشاركة في هذه التفنية غير متاحة بعد لدى كل الناس.
وتبقى العولمة على الرغم من سلبياتها تقول الباحثة تفتح عالما من الامكانات والبدائل الايجابية.
اما البروفيسور أنطونيو فريندو رئيس قسم الدراسات العربية والشرق الأدنى بكلية الاداب بجامعة مالطا فقد ذهب في بحثه الذي قدمه تحت عنوان «المشهد الثقافي العالمي والثقافات المهيمنة» الى ان علماء البيولوجيا وعلم الاجتماع يتفقون بشكل عام على ان الثقافة تتكون من العوامل غير البيولوجية والتي يرثها البشر من بعضهم البعض في المجتمع وبناء عليه فان اللغة والموسيقى والعادات والتقاليد ووصفات الطبخ كلها لها وظيفة رمزية مهيمنة. وان الثقافات المتعددة التي يمكن ان توجد في مجتمع واحد وفي امم مختلفة لا تعيش بانسجام دائم مع بعضها البعض وهذا يعود الى ان الثقافات المهيمنة عادة ما تنظر الى الثقافات الاخرى على انها ليست فقط مختلفة بل اقل تقدما او متأخرة عن الجامعات المهيمنة وعادة ما تفرض ثقافتها على الجماعات والامم الاخرى وذلك لاعتقادها بان تجربتها تمثل تجربة البشرية بأكملها. ان هذه الامبريالية الثقافية قد فسرت على انها شكل من اشكال استعمار ما بعد الحداثة حيث ان الامم المهيمنة تسيطر على «الوعي» و«الاستهلاك» عند الشعوب بدلا من السيطرة على الارض، الدولة او المؤسسات السياسية. رغم هذا الواقع من الضروري ان نتذكر ان الجماعات المهيمنة لا تفرض دائما ثقافتها على الاخر بهذه السهولة والبساطة، فالاخر له حرية الاختيار معطيا معنى رمزيا جديدا لما قد يختاره من الثقافة المهيمنة، فعلى سبيل المثال يمكن لجهاز التلفاز ان يشكل جزءا من جهاز او مهر العروس بدلا من ان يكون وسيلة اتصالات كما ارادته ان يكون الجماعات المهيمنة. ان للثقافات المهيمنة يقول الباحث اثرا كبيرا على بعض الأشخاص غير المدركين، فتأثرهم بالاجنبي قد يفقدهم الكثير من خصائص الثقافة الام. وباختصار فان هذا يعني بان الظاهرة المعروفة بالعولمة هي بشكل رئيسي ظاهرة سلبية، وما يطلق عليها «بالعولمحلية» وهي تعبير او تسمية جديدة نابعة من «العولمة» و«المحلي» بالاشارة الى محاولة أمم مختلفة ان تضفي الطابع المحلي او الوطني على بضائع عالمية وهذا بالطبع لا يشكل حلا للمشكلة.
اما الباحثة التونسية الدكتورة أنس دبّاش الاستاذة بجامعة السربون الفرنسية فقد تناولت في بحثها الذي جعلته تحت عنوان «المصالح وتأثيراتها في المشهد الثقافي العالمي» الثقافة باعتبارها تمثل مجموعة من السمات الروحية والمادية والثقافية والفعالة والمميزة التي تشكل المجتمع كما يتناول معناها الانثروبولوجي الذي يرى ان الثقافة موجودة بجذورها في سلوك انسان يعيش في مجتمعات حديثة كانت او تقليدية.
لكن هذا التعريف تقول الباحثة يبدو كانه لا ينطبق الا على سكان الدول المتقدمة وذلك لان التبعية المفروضة على الدول النامية لا تترك لها مجالا اخر سوى اتباع النموذج الغربي في عدة ميادين بما فيها خصائص الميادين الثقافية.
من هنا فالدول المتقدمة تنظر الى عولمة الثقافة كضمان تعاون في مجال التربية والثقافة مع الدول النامية،. كما انها تهدف الى بلورة الوعي في الحقائق الاجتماعية والاقتصادية باسم الثقافة. اذ تتوقع ملء فراغ وتحقيق الحاجات التربوية والثقافية في الدول النامية. من اجل ذلك كان الترميز بصفة خاصة في الشمال على الاسهام في تغيير العقول عن طريق تفضيل اللقاءات وحوار الثقافات وفي الجنوب كان التركيز على تفضيل المشاريع التربوية والثقافية. ضمن حوار الثقافات في الشمال هناك سعي لتغيير الصورة المشوهة للدول النامية وبالتالي تفضيل التغيير الذهني لاكبر عدد من الافراد بصفة عامة وللشباب بصفة خاصة. وذلك في محاولة للتوصل الى علاقات اكثر توازنا وتشجيع حوار حقيقي بين الشمال والجنوب، يهدف الى محاربة المشاكل المتصاعدة المتعلقة بالعنف، والعنصرية، وتهميش الاقليات، وردم الهوة بين الاغنياء والفقراء، وتغيير الصور الخاطئة، والاحكام المسبقة لدى بعض الشعوب ضد شعوب اخرى مما يشجع على عدم الرغبة في الاتصال وانما يشجع على التنافر.
بحث الدكتورة أنس دبّاش هذا اشتمل على اربعة محاور كبرى هي:
المحور الاول: التعريف بمصطلح الثقافة والمصلحة وخاصياتها العامة.
المحور الثاني: عرض فيه البحث الى مضار هذه المصالح على المشهد الثقافي العالمي وركز على ثلاثة عناصر من المجتمع التي يمكن ان تجني مصلحة من الثقافة وهي الفرد والدولة والشركات الكبرى.
المحور الثالث: ابرز فيه البحث مخاطر المصالح التي تعدد الثقافة العالمية وذلك بصفة موجزة مركزا في ذلك على التأثير السلبي للمصلحة الشخصية او العامة من خلال تصنيع الثقافة.
المحور الرابع والاخير: تطرق فيه البحث الى موضوع عولمة الثقافة عبر شبكة الانترنت وما سببته هذه العولمة من اضرار للثقافة العالمية من خلال الطابع المجاني لهذه الاخيرة.
وفي الخاتمة اشارت الباحثة الى العالم الثالث بهذه المصالح السلبية وعرضت بعض المقترحات التي تمنع هذا الاخير من التبعية العمياء للدول الكبرى حتى لا تضر بالثقافة. ولفتت الباحثة الانتباه الى الامثلة المتخذة في هذا البحث كلها مقتبسة من المجتمع الأوروبي بصفة عامة والفرنسي بصفة خاصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.