الخطوط التونسية تتمكن من تعبئة 25.2 مليون دينار على مستوى السوق الرقاعية    "التاريخ يأخذ حقه ولو بعد حين... تدوينة طارق عمران تربط بين القذافي وسقوط ساركوزي"    هذه تفاصيل القرارات التأديبية لمكتب الرابطة المحترفة    عاجل: جائزة أفضل فيلم عربي روائي بمهرجان الجونة للفيلم التونسي 'وين ياخذنا الريح'    جودته عالمية: زيت الزيتون... بترول تونس    - تونس تراهن على رسكلة النفايات كمصدر طاقي لدعم التحول الى اقتصاد دائري ومستقبل منخفض الكربون-الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة    عجز قطاع الطاقة يتسبب في تراجع الصادرات الطاقية التونسيّة بنسبة 34 بالمائة موفى سبتمبر 2025    عاجل/ أهالي قابس يحتجون رفضا لفتح باب الإنتداب بالمجمع الكيميائي    عاجل/ مرصد سلامة المرور يحذّر..    الرابطة الثانية (الجولة السّادسة ذهابا)    أخبار النادي الإفريقي: غيابات في لقاء القيروان واحتجاجات على أداء التحكيم    بوحجلة.. حادث اصطدام بين حافلتين    سفير الصين يكشف عن موعد انتهاء اشغال جسر بنزرت.. #خبر_عاجل    توزر: تظاهرات ثقافية متنوعة تؤثث عطلة نصف الثلاثي الأول في ولاية توزر    أولا وأخيرا: سيف عنترة وخنجر بن لادن    معهد المنجي سليم: نقلة نوعية في التدخلات العصبية الدقيقة    جمباز/ بطولة العالم 2025: الجزائرية كيليا نمور تتوج بذهبية مسابقة العارضتين غير المتوازيتين    عملية المنيهلة ضد عناصر إرهابية: صدور أحكام نهائية ضد المتهمين.. #خبر_عاجل    توزر: لقاء اعلامي بالفاعلين الثقافيين للتعريف ببرنامج أوروبا المبدعة وكيفية الانخراط فيه    سفير الصين .. مستعدون لمشاركة خبرتنا في تطوير الصناعة الكيميائية بتونس    لكلّ تونسي: كيفاش تتحكّم في شهريتك؟    مختصة في تقويم النطق: ''قبل ماتعلّم صغيرك الكتابة علّمه يقشّر الجلبانة ويعصر البرتقال''    مونديال كرة اليد تحت 17 سنة: المنتخب الوطني ينهزم أمام نظيره القطري    ''القمل'' راجع بقوّة: خطوات العلاج وحماية طفلك من العدوى    منوبة: جمهور الأغنية الملتزمة على موعد مع فرقة الكرامة    الدولي المغربي حكيم زياش ينضم إلى الوداد البيضاوي    انطلاق الدورة الأولى من المهرجانات الإقليمية لنوادي الأطفال المتنقلة حول "التغيرات المناخية والثروة الحيوانية"    اكتشاف قد يحدث ثورة في علاج السرطان.. "الدماغ الثاني" في جهازنا الهضمي يحفز نمو الأورام    وزارة الداخلية تنتدب..#خبر_عاجل    الدينار التونسي يُسجّل تحسّناً ملحوظاً مقابل الدولار واليورو    عاجل : الديوان الملكي السعودي يعلن وفاة الأميرة هيفاء بنت تركي بن سعود    منصّة رقمية باش تراقب الماكلة وتضمن الأمن الغذائي للتوانسة ...شنوا حكايتها ؟    روزنامة الامتحانات لتلامذة الابتدائي: شوفوا التواريخ وشنوا لازم تعرفوا!    كيفاش الديوانة التونسية منعت تهريب ''رأس أسد ثمين جدّا''؟    زيادة واردات تونس من موّاد التجهيز والموّاد الوسيطة علامة على تحسّن النمو الاقتصادي    رسالة من زوجة مروان البرغوثي لترامب..وهذا ما جاء فيها..#خبر_عاجل    هيئة المحامين تنظم وقفة تضامنية تعبيرا عن دعم المحاماة التونسية للمحكمة الجنائية الدّولية..    حالة الطقس لهذا اليوم..أمطار بهذه المناطق..#خبر_عاجل    عاجل/ انقلاب حافلة لنقل العملة..وهذه حصيلة الجرحى..    تأجيل النظر في قضية عبير موسي المعروفة ب"مكتب الضبط"    كأس الاتحاد الافريقي : الملعب التونسي والنجم الساحلي من أجل قلب المعطيات والمرور الى دور المجموعات    مشروع ميزانية 2026 يقترح أكثر من 51 ألف انتداب جديد    تأجيل محاكمة شقيق نائب سابق ومسؤولين بشركة فسفاط قفصة في قضية فساد مالي وإداري    إنتر ميامي يمدّد عقد ميسي حتى 2028    عاجل: كانوا في طريقهم للعمل ... إصابة 50 عاملاً في انقلاب حافلة في بنزرت    الحرس الوطني يحيي الذكرى الثانية عشرة لملحمة سيدي علي بن عون والذكرى الحادية عشرة لأحداث شباو    توتر غير مسبوق بين واشنطن وتل أبيب.. مسؤولون أمريكيون يعلنون أن إسرائيل "خرجت عن السيطرة"    عاجل : رسالة لابن فضل شاكر تثير تعاطف الجماهير ....كلمات مؤثرة    إصابات في حادث انقلاب حافلة تقلّ عمّالاً بولاية بنزرت    اكتشاف علمي يُغيّر فهمنا للأحلام    ليبيا: جرحى في اشتباكات مسلحة بمصراتة    ملعقة من زيت الزيتون يوميا.. ما تأثيرها على صحتك؟    مصر.. تعطل الدراسة في 38 مدرسة حرصا على سلامة التلاميذ    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة ..حذار من موت الفَجأة    سحب أحيانا كثيفة مع أمطار متفرقة ليل الخميس    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    ما معنى بيت جرير الذي استعمله قيس سعيّد؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ارتقى مستوى التعاطي مع الملفات الوطنية... لكن مهمة المجلس تحتاج إلى مراجعة
بعد مداولات مجلس المستشارين حول الميزانية:
نشر في الصباح يوم 18 - 12 - 2008

تونس - الصباح: شهدت مداولات ميزانية الحكومة للعام القادم في مستوى مجلس المستشارين، نقاشا مستفيضا ومعمقا، على خلاف السنوات القليلة الماضية..
فقد تميّز المستشارون، أو أغلبهم على وجه التحديد، بمداخلات عكست في جانب كبير منها مشاغل المواطنين وتم التطرق خلالها إلى ملفات عديدة بكثير من الجرأة والشجاعة والوضوح، وهي الخصال التي يفترض أن يتسلح بها النائب في البرلمان أو المستشار في مجلس المستشارين، باعتبار أن كلا منهما ممثل للشعب وليس موظفا في الحكومة كما يخيّل للبعض، أو كما يتصرف العديدون هنا وهناك ..
تسلح المستشارون بروح وطنية لا جدال فيها، من حيث أنهم وجهوا خطابا للحكومة، قوامه مصلحة الناس وحاجاتهم، وضرورات الحكم ومقتضيات المصلحة العامة، ما جعل معظم المداخلات ترتقي إلى مستوى الخطاب الشعبي واستحقاقاته، بعيدا عن تلك اللغة الخشبية التي لم يتخل عنها بعض المستشارين على الرغم من تقدمهم في السنّ السياسي وفي مستوى الخبرة والتجربة..
ومكّن هذا التعاطي، الذي هو من صميم مهام المجلس ودوره، من "إنتاج" خطاب نقدي متوازن، لكنه نجح في وضع بعض الأصابع على الأدواء (جمع داء)، فكانت عديد المداخلات بمثابة عملية "تشريح" لقطاعات كثيرة، بدءا بالإعلام والمشهد الحقوقي والسياسي، والأزمة المالية العالمية وتداعياتها على البلاد، ومستقبل القطاع الفلاحي ومصير السياحة التونسية في ضوء التطورات المسجلة دوليا، إلى جانب تدهور القدرة الشرائية للمواطن والارتفاع الملحوظ للأسعار، والتوازنات المالية للحكومة، والوضع الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى القضايا والملفات الثقافية الكثيرة التي تنخر الجسم الثقافي بشكل غير مسبوق.. طرح المستشارون هذه الموضوعات من دون "قفازات" أو "مساحيق"، على خلاف أدائهم خلال السنوات الماضية، فأضافوا وأفادوا، ولفتوا الأنظار إلى وجود إمكانية حقيقية للحديث بحرية ومسؤولية عن قضايا يريد البعض أن يوهمنا بأنها من "التابوهات" و"الممنوعات" و"المحرمات".. والقائمة من هذه الاصطلاحات طويلة، طول بعض المداخلات الثقيلة التي لم يفهم بعض المستشارين أنها ولّت وانتهت ولم تعد تفيد البلاد ولا الحكومة ولا أجهزة الدولة، بقدر ما هي "فيروسات" من فئة تلك التي تصيب الكومبيوتر، فتشوش على برمجيته لكنها لا تضرها ولا تنفعها في شيء...
إنها مداخلات من خارج الزمن التونسي المعاصر، زمن المجتمع المنفتح والشباب المتعلم والمثقف، زمن الانفجار الإعلامي والمعلوماتي الذي لا يبدو أنه بلغ إلى مسامع هؤلاء المستشارين، لذلك كانت خطاباتهم من فئة "الفلس القديم" الذي لم يعد يصرف ولا هو يباع حتى في سوق الآثار والمحلات القديمة المتخصصة في تسويق النفيس من المنتجات التراثية..
تعديل دور المجلس
على أن الأداء اللافت للمستشارين خلال مداولات ميزانية السنة المقبلة، بطرح سؤالا شديد الأهمية حول الجدوى من هذه المناقشات إذا ما كانت لاحقة لمداولات مجلس النواب، بل لمصادقة البرلمان على الميزانية.. لقد أضحت مناقشات مجلس المستشارين بهذا الشكل البعدي لمداولات مجلس النواب أشبه بنقاش في ندوة سياسية أو فكرية، أكثر منه مداولات في مؤسسة دستورية عالية القيمة والوظيفة والدور.. ثم بماذا ستستفيد الحكومة من مناقشات تدور حول الميزانية وقانون المالية، إذا ما كانت لا تتوفر على القدرة "القانونية والدستورية" على التعديل أو الإشارة إلى مواطن الخلل فيها، مناقشات تستهلك فيها طاقات وأوقات وأموال وأجهزة، ويتابعها إعلام ومجتمع ونخب، لكنها لا تتجاوز هذا الإطار "الاستشاري"، الذي لا يعدو أن يكون فاقدا لأي معنى أو دور في الميزانية، إلا ما كان جملة ملاحظات ومقترحات حبيسة جدران المجلس وبعض الوثائق الصادرة عنه.. لقد بات من اللازم، تعديل مهام هذا المجلس ودوره، كأن تكون مداولاته بشأن القوانين التي تعرض عليه أو الميزانية التي ينظر فيها، قبل البرلمان، بحيث تكون له صلاحية التعديل، سواء تعلق الأمر بالتعديل النصي، أو بالأفكار أو بالمسائل القانونية أو بالمقترحات القادرة على إثراء النص أو مشروع الميزانية، ثم تتم المصادقة عليه بشكل أولي قبل إحالته على مجلس النواب، الذي يكون حينئذ أمام ثلاثة نصوص ذات صبغة استشارية، وهي آراء المجلس الدستوري والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس المستشارين، بما يعطي حجما أكبر للقوانين وللميزانية، فلا يكون مجلس المستشارين مجرد إطار للحوار والنقاش، ونضمن بالتالي إمكانية الاستفادة من المداولات التي تتخلله ومن تلك المناقشات التي كشفت في الآونة الأخيرة، رغبة جادة من المستشارين للارتقاء بهذه المؤسسة من خلال الترفيع في سقف مناقشاتهم على النحو الذي تقتضيه مهمتهم صلب المجلس..
ويمكن أن نسوق في هذا الإطار، التجربة الأميركية حيث ليس بوسع مجلس النواب مناقشة أي قانون إلا إذا نوقش من قبل مجلس الشيوخ، فهي المؤسسة التي تعطي اعتبارا للقوانين والموازنات والاتفاقيات..
ويأمل المرء أن يتم خلال الفترة المقبلة، إدخال تعديلات على القانون الأساسي للمجلس والقيام بإصلاح دستوري جديد، من شأنه الارتقاء بهذه المؤسسة بعيدا عن استنساخ بعض التجارب غير المفيدة، إذ تبقى الإمكانية متوفرة ل "إنتاج" مجلس يحمل البصمات والخصوصية التونسية، وما ذلك بأمر عزيز على فقهاء القانون والدستور لدينا، ولا على الإرادة السياسية العليا في البلاد..
صالح عطية
مداخلات بحاجة إلى مراجعة
تونس - الصباح: توقف الملاحظون منذ اليوم الأول لمناقشة مجلس المستشارين ميزانية الحكومة للعام القادم، عند العديد من المداخلات التي لا صلة لها بما يجري في الواقع التونسي، أو تلك التي يتحدث أصحابها عن "وقائع" وحيثيات ومعطيات، لا وجود لها إلا في مخيلتهم.. بل إن البعض من هؤلاء، اعتمد خطابا غير واقعي حرص على تحميل الميزانية ما لا تتحمله، بل سحب عليها أوصافا لا نعتقد أن أيا من أعضاء الحكومة يمكن أن يطلقها عليها..
وإلا بماذا نفسّر مداخلة السيد الطيب السحباني الذي لاحظ لدى مناقشته لقانون المالية، بأن "ميزانية الدولة اعتمدت التوازن بين المصلحة العامة ومصلحة المواطن، خاصة فيما يتعلق بالجباية والإستخلاصات".. فكيف يمكن الربط بين مصلحة المواطن ومصلحة الحكومة عند الحديث عن الجباية؟ وأين نضع بعض المقاربات الاقتصادية لخبراء ومتخصصين تونسيين، ممن انتقدوا وجهة الحكومة في مجال الضرائب والجباية، بل أين نصنّف مداخلات نواب البرلمان ومجلس المستشارين التي لاحظت أن من ثغرات الميزانية هذه الجبايات المتفاقمة؟ هل هذا من دور عضو مجلس استشاري أم من أدوار أعضاء الحكومة عادة الذين من مشمولاتهم الدفاع عن وجهة نظر الحكومة ومحاولة إقناع الناس بها؟ ثم من أين تأتي معظم الضرائب ؟ أليست من استخلاصات أصحاب الرواتب؟
لا يشك المرء في دور السيد الطيب السحباني التاريخي، ولكنه يعجب حقا لبعض المداخلات التي يمكن تصنيفها في خانة "تسجيل الحضور" أكثر منها لتقديم الإضافة للحكومة أو إنارة السبيل أمامها..
لقد أصبح لزاما على بعض الأسماء ممن دخلت مجلس المستشارين لتطعيمه بخبرتها وتجربتها ورصيدها، أن تلعب دورا أكثر جرأة وشجاعة ومسؤولية بعيدا عن هذه المداخلات التي لا يقرأها إلا أصحابها..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.