تونس الصباح: ربما لو كان الأمر يتعلق بتحديد اسم «أغنية العام» او «نجم» او «نجمة» العام في عالم الاغنية والتمثيل في المطلق لكُنّا التجأنا في ذلك الى تنظيم استفتاء واستطلاع رأي موسّع في صفوف الجمهور العريض ولكانت النتائج ربما قد طلعت علينا باسماء لم تكن لتخطر لنا على بال.. كأن يأتي مثلا اسم الممثل التركي كيفانتش تاتليتوغ الذي قام بدور «مهنّد» في مسلسل «نور» في المرتبة الأولى ليتربّع بذلك على عرش النجومية لا لشيء الا لأنه «تحفون» و«حليلتو» في نظر بعض فتياتنا ونسائنا!!! ولكان أيضا قد ورد اسم المغني ثامر حسني كأحد «نجوم» سنة 2008 لا لشيء كذلك الا لأنه «يهبّل» و«طيّارة» في نظر آلاف المراهقين والمراهقات وربما ايضا في نظر آلاف المتصابين والمتصابيات!. أما والمسألة تتعلق بتحديد اسم شخصية العام الثقافية لسنة 2008، بما تحمله كلمة «ثقافية» من معاني الجهد والاجتهاد والتفوهق والنبوغ في مختلف مجالات الابداع والمعرفة فقد آثرنا ان نحصر استفتاءنا في صفوف ثلة مختارة من رجال الثقافة والفن والاعلام جلسنا اليهم وسألناهم عن اسم المبدع او الكاتب او الباحث او الفنان التونسي تحديدا الذي يرشحونه لنيل لقب «شخصية العام الثقافية».. ولئن جاءت بعض الاجابات ذاكرة لاسماء يبدو أن المراد من ذكرها انما هو تكريمها اكثر من اي شيء آخر مثل اسم الراحل سمير العيادي والراحل الشاذلي زوكار عليهما رحمة الله اللذين فارقانا خلال سنة 2008 فان معظم الاجابات الجدية لم تغادر في مجملها اسمين تردّدا اكثر من سواهما في كل الاجابات ونعني بهما اسم المخرج التونسي شوقي الماجري واسم عالم الاجتماع التونسي محمود الذوادي.. الاول لاعماله التلفزيونية الناجحة والهادفة والثاني بوصفه والعبارة لأحد المستجوَبين (بفتح الواو) «أحد ابرز الاسماء التي حاولت تحريك السواكن واثارة الجدل العلمي والمعرفي والحضاري والفكري من خلال مقالاته الغزيرة المنشورة في موضوع المسألة اللغوية والتعريب تحديدا سواء في جريدة «الصباح» او على موقعه الالكتروني الشخصي على شبكة الانترنات...» ايضا من بين الاسماء التي تردّدت كثيرا ونافست بجدية كلا من شوقي الماجري والدكتور محمود الذوادي على لقب «شخصية العام الثقافية» كان هناك اسم الدكتور محمد الطالبي صاحب كتاب «ليطمئن قلبي» باعتباره كما يقول احد المستجوبين «مفكر شجاع ومؤرّخ ثبت» كما ورد ايضا اسم الفنان المسرحي محمد ادريس بوصفه «فنانا صاحب مشروع فني وفكري واضح» كما تقول احدى الاجابات .. ايضا، ومن بين الاسماء التي رُشّحت للفوز بلقب «شخصية العام الثقافية» تردد اسم الفنان المسرحي توفيق الجبالي في اجابات كثيرة وذلك لأنه «مبدع حتى في صمته وفي اعراضه عن أن يخلط نفسه مع «النخّالة!َ» كما جاء على لسان أحد المستجوَبين شوقي الماجري ومحمود الذوادي والواقع ان بروز اسم الثنائي شوقي الماجري بوصفه مخرجا ومحمود الذوادي بوصفه عالم اجتماع وباحثا كأبرز مرشحين للفوز بلقب «شخصية العام الثقافية» لسنة 2008 له ما يبرره. فالمخرج شوقي الماجري الفائز مؤخرا بجائزة «ايمي» التلفزيونية العالمية عن مسلسله «الاجتياح» هو اليوم احد ابرز المخرجين وصنّاع الدراما التلفزية في العالم العربي.. والاعمال التي في رصيده بدأ بمسلسل «أبناء الرشيد» ومرورا ب«أبو جعفر المنصور» ووصولا الى مسلسل «اسمهان» الذي حظي بأكبر نسبة مشاهدة في العالم العربي خلال شهر رمضان الماضي تعكس لا فقط درجة نبوغه وانما ايضا رؤيته الفنية المتطوّرة وابمانه بالدور الثقافي والحضاري الذي يمكن للدراما التلفزية العربية ان تلعبه في مواجهة خطابات التحقير التي تستهدف حضارة العرب وتاريخهم وتراثهم من جهة وكذلك دورها (الدراما التلفزية العربية) في فضح الجرائم المرتكبة تاريخيا في حق الانسان العربي ذاتا وكيانا سياسيا وحضاريا (مسلسل «الاجتياح)... اما عالم الاجتماع التونسي الدكتور محمود الذوادي صاحب المؤلفات العديدة بمختلف اللغات (العربية والانقليزية والفرنسية) في مجال علم الاجتماع فضلا عن عشرات الدراسات المنشورة له في مجلات عربية ودولية مختصة فقد برز فعلا على امتداد سنة 2008 التي نودع بغزارة بحوثه ودراساته القيّمة التي نشرها سواء على اعمدة جريدة «الصباح» او على موقعه الالكتروني الشخصي والتي ركز فيها بالخصوص على مسألة «اللغة» كرمز من رموز الهوية الحضارية والثقافية ومسألة «التعريب» في المجتمعات العربية.. وهي دراسات ساهمت في اثراء المشهد الثقافي الوطني وتحريك الساحة ولاقت تجاوبا كبيرا من قبل الباحثين والقراء والمهتمين الذين انبرى بعضهم يرد عليها ويناقش صاحبها فيها..