عهدناه متحرّكا على خشبة المسرح بصولاته وجولاته.. اعتدنا عليه أمام الكاميرا يشدّ اليه الجمهور بأعماله التلفزية.. كما تعّودنا على حضوره في بعض اللقطات الاشهارية الهادفة.. لكن ان نراه على كرسيّ الإدارة فذلك أمر جديد علينا ولكنه ليس بالعسير على اكرام عزوز الممثل القدير والفنان المبهر الذي عين مؤخرا على رأس مؤسسة ثقافية عريقة تقع في قلب المدينة العتيقة. في هذا الفضاء السحري استقبلنا إكرام وحدّثنا عن طموح عن رغبة عن خرافة أو قصة غرام ينوي نسج خيوطها في بئر الحجار. اكرام لو ننطلق من علاقتك بهذا الفضاء ماذا شدّك اليه؟ في البداية أقول لك انّنا في حضرة التاريخ، نعيش مع التّراث والعراقة والأصالة، فهذا الزخرف وهذه اللوحات الجميلة من الفسيفساء تحمل في طياتها حكاية وهذه المقوّمات تجعل العمل في صلب هذا المحيط حاملا لدلالات وايحاءات عديدة، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فلي ارتباط شخصي ببئر الحجار اذ شهد هذا الإطار الرائق حفل زواجي، إذن أنا من خلال ادارتي لهذا المعلم أجمع بين جانبين الأول موضوعي والثاني ذاتي. حين ولجت بئر الحجار بصفتك مديرا لهذه الدار في ما «كنت تفكر»؟ أنا من عادتي مسكون بهاجس التنشيط الثقافي، وهذا العنصر متوفّر في هذا المكان ولكن خيالي أضاف إلى ذلك قيمة أخرى أو حت بها إلى الحومة والجو العام في هذا الحي وهو أن أجعل من المركز الثقافي بئر الحجار همزة وصل بين الثقافي والسياحي. أنت بالأساس فنان ما الذي حملك الى كرسي المدير؟ من بين التقاليد الايجابية الموجودة في التركيبة الثقافية في بلادنا أن يقع تعيين رجالات الفن والثقافة على رأس بعض الفضاءات لأن هذه الأماكن في حاجة إلى حسّ فني ومن هنا يكون التماهي بين إكرام الفنّان وإكرام المدير. أول فكرة تريد تحقيقها هنا؟ القضاء على البيروقراطية التي تقتل العمل الفني كما أرفض مبدأ الفرض الخلاّقة وسأعمل على تكسير كل القوالب الجاهزة. ما الذي شدّك الى المركز الثقافي بئر الحجار؟ بصراحة ودون مجاملة وجدت فريقا من المنشطين القديرين والمثقفين والمتحمسين كما أن حمّادي المزي قد ترك هنا مجموعة من العادات الطيبة سأحاول المحافظة عليها وتطويرها. ولكن هل سيتمكن اكرام الممثل في النجاح اداريّا؟ أعتقد ذلك وربما أكون مغرورا وأقول لك بالتأكيد فلي خبرة إدارية في الفرقة البلدية وتجربتي هناك تمتدّ على أكثر من عشرين سنة ثم أنه بحكم ثقافتي القانونية سأسعى أن أكون إداريّا موفقا (ويضحك اكرام) لكن دون أن أنسى عشقي الاول وهو التمثيل. هل أنت متأكد من ذلك؟ أجل منى نور الدين نجحت، محمد ادريس كذلك اضافة الى حمادي المزي وكلهم من رجالات الفن، إننا نؤمن بشيء هام: الأصل والجوهر هو الإبداع ثم الإدارة، وأقول لك أمرا هامّا المسؤولية الإدارية تقضي على جذوة الابداع لذلك ستكون منطلقاتي فنية أولا لأنجح إداريا. ماذا تعيب على مثل هذه الفضاءات؟ أمقت العشوائية وأرفض التنشيط في شكله البدائي لذلك سأعمل هنا وفق مشروع متكامل، فلن نحتضن في بئر الحجار عروضا بالشكل والمفهوم السلبي بل سنركز عملنا على أقطاب اهتمام ومحاور ارتكاز أو لأقل على مواضيع وقد بدأنا منذ الآن في وضع معالم كبرى ويمكن أن أشير الى بعضها: الأعمال السينمائية الشابة في تونس وسنقدم العروض الأولى ولقد وقفنا في هذا المحور على حقيقة هامة وهي أن بعض الأعمال تنجز ولكن أصحابها من الشباب لا يؤمنون بها ولا يسعون إلى تقديمها لذلك سنأخذ بأيديهم وسنقدمهم الى الجمهور وكل هذه الأفكار هل هي لاكرام المدير؟ لا أرفض الاستبداد بالرأي فأنا أعمل هنا ضمن مجموعة لكل بصمته ولكل رؤيته، ثم من ناحية أخرى هناك من المثقفين الذين يرتادون بئر الحجار وأتبادل معهم الأفكار ونتناقش وإذا اختمرت الفكرة وبدأت معالمها تتوضح نحاول تجسيدها على ساحة الواقع ومن الأسماء التي تعمق الفعل الثقافي هنا يمكن ان أذكر الهادي الموحلي او المنذر القلعي ورضا الماجري ولهم تاريخ ثقافي كبير وراءهم. ببساطة ماذا تريد ان تحقق هنا؟ أريد أن أعيد الحياة الى نسق ثقافي كان موجودا في الستينات والسبعينات، ثقافة فيها برشة محبة برشة غيرة وبرشة تلقائية. وعلاقتها برواد الدار؟ هم روح اللعبة الثقافية أعرف إكرام أنك تريد العمل انطلاقا من محاور اهتمام رئيسية هل حددت معالمها في بئر الحجار؟ بكل تأكيد لقد فكرت في ثلاثة محاور رئيسية سأركز في البداية على مقوم موجود وكوّنه حمّادي المزي وأعني بذلك الأروقة الثلاثة التي سأحافظ عليها وسأدعمها بتقنيات عرض متطورة ومحترمة هذه الأروقة سأخصّصها للشباب ليعرض لوحاته بها على مدار السنة وهذا الأمر قد فقد في فترة ما. القطب الثاني هو الورشات وستكون وليدة التظاهرات أما السمة الثالثة فهي التنشيط من خلال التظاهرات، وقد بدأنا في وضع برنامج متكامل لذلك وأول عرض سيقدم في هذا الإطار بعنوان «الهطاية» وهو بحث كامل انطلاقا من الايقاع والصورة والنص تحت ادارة العروسي الزبيدي وسيكون بمناسبة شهر التراث. حاوره نبيل للتعليق على هذا الموضوع: