التخفيض في أسعار زيت الزيتون يضرّ بالمنتجين التونسيين ويهدد استدامة القطاع (نور الدين نصر خبير دولي)    أبرد بلاصة في تونس اليوم السبت... الرصد الجوي يكشف    كميّات الأمطار المسجلة بعدد من مناطق البلاد    في بالك في كوجينتك عندك : سر طبيعي يرفع المزاج ويقوّي الصحة    ردا على الاتهامات.. راغب علامة يوضح موقفه من أزمة فضل شاكر    جنوب إفريقيا: المشاركون في قمة "العشرين" سيصدرون بيانا مشتركا رغم معارضة واشنطن    جندوبة: تساقط الثلوج في عين دراهم (صور)    خلال زيارته لمؤسسات تكوين بالجزائر وزير التشغيل يستعرض تجربة تونس في مجال التكوين المهني    نهاية ديسمبر: تونس تطلق موجة جديدة من التضامن الإنساني مع فلسطين    عاجل : صراع علني لشيرين عبد الوهاب يكشف لأول مرة    عاجل/ اطلاق سراح هذا النائب السابق بالبرلمان..    لأول مرة في تونس: إجراء 3 عمليات دقيقة بالليزر الثوليوم..    الوكالة الوطنية للدواء ومواد الصحة تنظم سلسلة من الجلسات التوعوية عبر الانترنات لدعم جهود مكافحة المضادات الحيوية    مدينة تغرق في الظلام...لأكثر من شهرين    عاجل: هذه تفاصيل اصابة فرجاني ساسي    افتتاح معرض والإعلان عن نتائج مشروع ضمن مبادرة جديدة لإحياء المدينة العتيقة بسوسة عبر دعم الحرف التقليدية وتطوير الاقتصاد المحلي    مهرجان القاهرة السينمائي : عفاف بن محمود تفوز بجائزة أفضل ممثلة في مسابقة &1649;فاق السينما عن دورها في "الجولة 13"    الدورة الثالثة للصالون الدولي للانتقال الطاقي تحت شعار "الانتقال الطاقي ... نحو تنمية مستدامة" من 26 الى 28 نوفمبر الجاري    ميزانية الدولة 2026: الكشف عن ميزانية هذه الوزارة..#خبر_عاجل    مونديال تحت 17 عاما.. تأهل البرتغال والبرازيل والنمسا وايطاليا للدور نصف النهائي    اليوم السبت فاتح الشهر الهجري الجديد    العاصمة: الاحتفاظ بصاحب دراجة"'تاكسي" بعد طعنه عون أمن داخل مركز    عاجل: تالة تحت الصفر... -2 درجة وبرودة شديدة اليوم    مرصد سلامة المرور يدعو مستعملي الطريق إلى التقيّد بجملة من الاجراءات في ظل التقلبات الجوية    عاجل: الترجي اليوم ضد الملعب المالي: التشكيلة المتوقعة وهذه هي الغيابات    منها إسرائيل وروسيا.. ما قصة شحنة الأسلحة "التائهة" بين 5 دول؟!..    تفاصيل الخطة الأمريكية لتقسيم غزة..#خبر_عاجل    الشتاء يطرق الأبواب: كميات أمطار قياسية وثلوج بالمرتفعات...شوف قداش    عاجل: إيقاف الدروس بعين دراهم بسبب الثلوج    ترامب ينهي الحماية القانونية للمهاجرين الصوماليين في مينيسوتا    وزيرة المالية تشرف على تدشين المقرات الجديدة للمصالح الديوانية بالمنستير وسوسة    ولاية تونس : جلسة عمل تنسيقية حول الاستعدادات لتنظيم الدورة 38 لماراطون كومار تونس قرطاج يوم الأحد القادم    وزير الاقتصاد: تعدد مؤشرات التعافي التدريجي للاقتصاد يقتضي تسريع نسق تنفيذ المشاريع في الجهات    مقتل صانعة المحتوى الليبية خنساء مجاهد رميا بالرصاص في طرابلس    قريصيعة يؤكد ضرورة اكتمال تركيبتي مجلسي القضاء العدلي والمالي حتى يقوم مجلس الأعلى المؤقت للقضاء بدوره    أوّل لقاء بين ترامب وممداني في البيت الأبيض    وزير الاقتصاد: الوضع الاقتصادي في تونس يعد جيدا    عاجل/ فاجعة تهز هذه المنطقة..وفاة الأب ونجاة الرضيع..    أيام قرطاج المسرحية: افتتاح بطعم العمالقة    حوار الأسبوع: الفنانة فادية خلف الله ل «الشروق» ...إتبعت الطريق الأصعب    انعقاد الدورة 29 للجنة الإفريقية للإحصائيات الزراعية المنضوية تحت منظمة "فاو" من 24 إلى 28 نوفمبر 2025 بالحمّامات    السرس تحتفي بزيت الزيتون    وزيرة الصناعة: صادرات تونس من منتجات النسيج ستتجاوز 7.5 مليون دينار    مرّة في الأسبوع: انشر ''المخادد' للشمس...    اتفاقية تمويل بقيمة 1333 مليون دينار لفائدة الستاغ..#خبر_عاجل    عاجل/ تراجع الثروة السمكية بنسبة 60% في هذه الولاية..    عاجل/ العثور على جثة امرأة بهذه الجهة..    المنتخب الوطني: قائمة المدعوين لخوض منافسات كأس العرب "قطر 2025"    الرابطة الأولى: تعيينات حكام مواجهات الجولة ال15 ذهابا    اليوم وغدا: انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة وأمطار بهذه المناطق    رغم فوائده الصحية.. 6 مخاطر محتملة للشاي الأخضر..    عاجل/ حادثة حرق 5 سيارات بجبل الجلود..تفاصيل ومعطيات جديدة..    الترجي الرياضي يعلن..#خبر_عاجل    وزيرة الشؤون الثقافية تكشف ملامح الإصلاح الشامل للقطاع    الضريبة في الإسلام رافد هام من روافد التنمية    خطبة الجمعة: الإحسان إلى ذوي القربى    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    السبت مفتتح شهر جمادي الثانية 1447 هجري..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معرض جماعي «لأجل غزة»*
الأحد القادم برواق «البرج» بالمرسى وببادرة من اتحاد الفنانين التشكيليين:
نشر في الصباح يوم 16 - 01 - 2009

يأتي هذا المعرض الجماعي بمبادرة من اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين تعاطفا مع اشقائنا في غزة الجريحة ومؤازرة لمعاناتهم ونصرة لنداء السلام.. وذلك اضعف الايمان.
ماهي مزايا الصورة الفنية داخل بنية الوعي الانساني المذعور؟ ما الذي يمكن ان تحتمله من ادوار؟
لقد عودتنا الصورة الاعلامية بدور الوسيط التحقيقي بيننا وبين مناطق القصف والعدوان في غزة الفلسطينية، فكانت تمديدا لمشهد القوة المدمرة ومخلفاتها المأسوية امام العين، ليكون هذا المشهد محل استهلاك جدالي يفضح المعنى الخفي ويبتكر الرمز العام ثم يتحول بعد استثماره جماهيريا داخل الخطابات المستنفرة الى استنهاض للهمم وتحريض على رد الفعل في شكل مواقف تناشد السلام..
ولئن أمكن لفزع المشهد أن يستمر داخل اقانيم الصورة الاعلامية واطرها الادراكية والوسائطية (من المادة الخام للصورة الى الاطار العام للبث، مرورا بتقنيات التأطير وضبط الرسالة الاعلامية والمعالجة الاخبارية والاتصالية والصياغة النصية والتركيب والتصنيع الاعلامي للصورة..) فان في الصورة الفنية التشكيلية مبادرة ابداعية شخصية، خارج مجال التمأسس، تستوعب ملامح المشهد المضمّخ بالدماء وتعيد تمثله داخليا من خلال حساسية الذات المبدعة وتعيد تمثله داخليا من خلال حساسية الذات المبدعة وامزجتها الاسلوبية، ثم تعيد بناءه ثانية وثالثة قبل ان تنفثه في شكل استفضاح واستصراخ واستنفار صامت.. وهكذا يتقيأ الشكل الجمالي الفني ملامح الوجع الداخلي الساخن من المناطق اللا مغزوّة ومن نبض المأساة داخل شرايين الجسد.
انه الفن عندما يحرك تضاريس الوجدان الانساني في صمت، فلا يصور مشهد الالم بالتركيز على فصائل الاحمر القرمزي والقاني والارجواني.. (بل قد يكتفي بالابيض والاسود لتضخيم تعبيرية الخطوط والاشكال كما في لوحة غرنيكا التي تمثلت فيها الشخوص والمؤثرات الشكلية ما شعر به بيكاسو من عنف الحرب وهو لها). وهوالفن عندما لا يعبر عن مواقف الالم ولا يتخذ شكل الوساطة.. بل هو نفسه يتألم حقا، يتألم تشكيليا، ما بين سيل الزمن المعيش وسيرورة اللوحة الفنية التي تستوفي مقومات اللغة التشكيلية، قدر الامكان، بما في ذلك طبائع الخامات المستعملة في الانجاز التي تتنوع وتتبدل بحسب طبائع المزاج الفني. فلا تقتصر على الخامات الاكاديمية في الرسم والتلوين بل يقع اثراء شحناتها التشكيلية بتوظيف مخلفات الحرب على المادة الحية واليابسة من مواد محترقة وبقايا التدمير.. ومن ثمة، يقدم لنا العمل الفني الصورة الاخرى لمشهد الحرب وتحولها من كونها على الارض ومن اجل الارض الى كونها، داخل اتون الزمن الذاتي المذعور، صورة لعذابات الفكر والروح وهي تتكون امام المدرك البصري وتمرر نداء السلام والاستغاثة.
فنحن نستمع من خلال البصر الناظر الى صراخ الشهداء من اشقائنا وهم يصارعون الويلات.
انهم يستصرخوننا في صمت مطبق، مكثف بالمعنى..
اننا نكابد معهم هول المحنة.. انهم «يخاطبوننا» من داخل احساسية الفن العظيمة، ليس من اجل «متعة» عزائية بكائية بل ليحملونا عديد الرسائل والوصايا الى الزمن القادم.. وها نحن نحول صراخهم الى ملحمة من اجل البناء المتجدد واعمار الارض الى الابد، لقد اصبح ضميرهم ينبض في دواخلنا ويرتعش في دمائنا..
اننا معنيون امام اللوحة الفنية، فلسنا بمثابة متفرجين على مقابلة رياضية حماسية بين فريقين، وفي ايادينا اكواب شاي اخضر.. اننا مَنْ مِنْ خلالهم سننط ستتطور الصورة وتتحول امنية الشهداء الى امانة فيما يصير انين الطفولة الى نسغ منعم بالحياة ينخر مشهد الحرب الى الابد لتخضوضر عناصره في هشيم الصورة..
اجل ليس الفن زينة في جدران الشقق والمتاحف، انه دفاع من اجل الحياة، وتأتي اللوحة حبلى بالرمز المشخص واحالات تكوين العالم واسطورة الخلق المتجدد.
او ليس الفن خلاصا من قوانين الاحتلال وعنفوان الحرب، حيث يكون الجسد عنفا تجاه الجسد؟! أليس نداء الفن ولادة لقيم تقاوم شبح التلاشي والفناء! انه فتح جديد امام الكيان وولادة ابدية تستمر خارج الصورة..
ان الجسد المستهدف يواصل انينه من تحت الانقاض،. داخل جسد الفنان بنبضه الخلاق، ثم تتسرب انفعالاته الى المواد الفنية والخامات المستعملة مهما تكن درجة صلابتها، فتنشط ابداعيا، واذ تتمظهر الذات داخل اللغة التشكيلية فمن اجل ان يكون هذا الجسد جسرا لتركيز كيان آخر يتغنى بالجمال والسلام ويؤسس بالفن مستقبل الانسان، داخل رؤية شاملة تستلهم جماليتها من تناقضاتها المختلفة.. ولقد حمل الفنان الشكل الفني اعمق ابعاد المشكلة الانسانية.. وقد ينتهي تعامل الفنان مع الشكل باستخراج الصورة المغتربة للجسد اللا متماسك وهو يناقض تناسباته الاكاديمية والتشريحية فليس الجسد مجرد تجسيد.. انه حياة تشكيلية.
انها صورة الجسد وهو ينفعل، يغتبط.. يتألم ما بين ضوء وعتمة في فضاء اللوحة، فيتجرد من جماليته الرمزية الاستهلاكية المستعملة والفجة ويصبح لغة تشكيلية تصهر انفعال الذات في منظر الموضوع وتؤنسن الاشياء وتحولها الى قيم (الجسد الارض الامانة..)
لكأن الحرب اهدت الى الفن جمالية جديدة، ذات قيمة نضالية ولا تقل واقعية.. جمالية القبح والفضاعة داخل النفس الانسانية عندما تكشر عن انيابها الخبيثة فتبرر العنف وتفتعل العدوان ضد انسانيتها نفسها.. فتتخلى عن اهم مقومات الشرط الانساني.
فيما يتخبط الفنان في اكثر مهامه تراجديّة وهو ان يرتّق تقطعات الضمير الحي ويلملم اشلاء ذاته المستنفرة من عمق المأساة ليزرع فيها بذرة حياة جديدة تضيء غياهب المستقبل وتبعث الاخضرار في بقايا المشهد.. ينقذ جذوة الامل من تحت الانقاض ويبحث عن معنى الفعل والاستمرار بين ابيض واسود، احمر واخضر وكل الالوان.
لا تنقذ اللوحة الفنية الارض من هول القصف والدمار ولا توقف نزيف الدماء.. بل يكفي انها تمرر شيئا من الوانها الحية واشكالها الزاعقة الى الضمير الانساني الكوني القادر على انقاذ هذه الارض. وقد تتجه الى الضمائر المريضة لدى صناع الحرب فتقاوم ببريق الفن ما اصابها من بقع سوداء وعنيدة. فهي ضمائر ضعيفة بعد ان فقدت عمقها الانساني فعوضت ضعفها بقوة العسكر وتقنيات الابادة.
ان استمرار وجود الحروب الى يومنا هذا دليل على فشل العقل في تحقيق قدراته الذهنية وخبراته العقلانية لتأمين حوار عادل بين البشر على نحو تام، كما قال الفيلسوف الالماني كانْط في القرن الثامن عشر.. وهاهي الفرصة ما فتئت تفتح من جديد امام العقل حتى يستنجد بقدرات الفن الهائلة لتحقيق مطالبه واستيفاء شروط وجوده على الارض.. داخل الصورة، خارج النص..والنظر مستمرّ.
* تصرف عائدات هذا المعرض لفائدة صندوق التضامن 26 23 لاجل غزّة...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.