في اطار التقليد الذي دأب عليه مجلس النواب والمتمثل في عقد جلسات حوار تجمع عددا من اعضاء الحكومة بالنواب، احتضن مجلس النواب صباح امس جلسة الحوار الثانية مع الحكومة والتي خصصت للنقاش والحوار حول موضوع "التكوين والتشغيل" بحضور كل من السادة لزهر بوعوني وزير التعليم العالي والبحث العلمي، حاتم بن سالم وزير التربية والتكوين وسليم التلاتلي وزير التشغيل والادماج المهني للشباب. وافتتح الجلسة السيد فؤاد المبزع رئيس المجلس الذي اكد على ان موضوع "التكوين والتشغيل" بات يشكل مركز الاهتمام الاول للراي العام الوطني ويحظى باهتمام خاص من قبل الحكومة من خلال سعيها الدؤوب للسيطرة عليه ورفع ما يطرحه من تحديات دائمة التجدد. واضاف ان "الغاية من هذا الحوار هو التوصل من جهة الى التعبير عن مشاغل الشعب وانتظاراته في مجالي التكوين والتشغيل والسعي من جهة اخرى الى الاطلاع الدقيق والشامل على المكاسب المسجلة. والجهود المبذولة والخطط المحكمة، كل ذلك بهدف الاحاطة العميقة والتقييم الموضوعي الذي يفضي حتما الى توحيد جهود الجميع من اجل رفع تحديات الحاضر والاعداد لكسب رهانات المستقبل". التعليم الأساسي في البداية تدخل النائب رضا بوعرقوب مطالبا بالتركيز على التعليم الاساسي ودعم هذه الحلقة الاولى بما يرفع مستوى التعليم. وتطرق الى ظاهرة الاخفاق المدرسي خاصة لدى الذكور. وطالب بمزيد تطوير ميزانية التعليم العالي وتساءل عن الاحصائيات الخاصة بالراغبين في مواصلة تعليمهم العالي دون أن يتمكنوا من ذلك. وتناول وزير التربية الكلمة مجيبا بان التعليم الاساسي وخاصة التعليم الابتدائي سياخذ مكانة خاصة في التقييم الذي شرعت فيه الوزارة. وستتم الاحاطة بالمربين خاصة في مجال التكوين المستمر. واشار الوزير الى وجود استراتيجية اصلاح ستنطلق من التعليم الابتدائي، مشيرا الى ان للوزارة كذلك هذا العام برنامج صيانة وتاهيل المدارس الابتدائية. وبخصوص الاخفاق المدرسي اجاب السيد حاتم بن سالم أن الاخفاق موجود في كل دول العالم وفي تونس هناك اهتمام بهذا الموضوع والهدف هو ان لا يبقى أي طفل خارج المنظومة التربوية. وفيما يتعلق بالجودة اقر الوزير بوجود تدن في المستوى خاصة في اللغات وقد تم بعث لجنة خاصة للاهتمام بهذا العائق. من جهته ذكر وزير التعليم العالي والبحث العلمي أن عدد الطلبة المسجلين في الماجستير هذا العام فاق ال30 ألف طالب. والدخول الى هذه المرحلة يخضع لضوابط وشروط تعتمد اساسا على الكفاءة والجودة. وهناك مجهود متواصل لاتاحة الفرصة لمزيد من الطلبة للالتحاق بدراسات الماجستير ولاسيما الماجستير المهني. وفيما يتعلق بالدكتوراه فهي تفترض حصول الطالب على الماجستير اولا ثم الاشتغال على موضوع بحث. واقر الوزير بوجود صعوبات في ايجاد كوادر تأطير مثال ذلك في مادة الانقليزية حيث يصعب العثور على أساتذة مؤطرين لرسائل البحوث. واشار الوزير الى المساهمات المحتشمة للقطاع الخاص في بحوث الماجستير والدكتوراه. غيابات الاطار التربوي وتطرق النائب خير الدين الذهبي الى مسالة ضعف تشغيل خريجي اللغات التطبيقية في الجامعات كما تطرق الى الغيابات المتكررة للمدرسين والمدرسات خاصة في المناطق النائية وطالب باعادة النظر في طريقة التعيينات واعطاء الاولوية لاصيلي هذه المناطق من خريجي الجامعات. واجاب وزير التعليم العالي بقوله ان الجامعة التونسية اصبحت تكون للسوق الداخلية وكذلك لخارج تونس في اطار التعاون الفني. كما أن ضمان التشغيل ليست مسؤولية الوزارة وحدها بل تهم اطراف أخرى في المجتمع. واشار بان الاجازات التطبيقية حسب منظومة "إمد" هي التي تعد أكثر للالتحاق بسوق الشغل في حين ان الاجازات الاساسية تعد لتوجهات أخرى ومنها البحث. كما اصبحت كل مؤسسات التعليم العالي مؤخرا ومنذ بداية جانفي الجاري مدعوة الى بعث خلايا للادماج المهني ومزيد التواصل مع المشغلين وفتح افاق التشغيل. من جهته ذكر وزير التربية بخضوض غيابات المدرسين أنه على ما يناهز 140 ألف مدرس في الاعدادي والثانوي لا نسجل غيابات تذكر. ولا يمكن اعتبار وجود ظاهرة غيابات.كما أن الوزارة لديها خطط تعويض واضحة. جودة المؤسسات الجامعية النائبة فاتن بن عمر تساءلت عن خطة تمكين المؤسسات الجامعية من الحصول على مواصفات جودة دولية. وطالبت بتفعيل التعاون الدولي في التعليم العالي.كما تساءلت عن وجود برنامج أولوية في الانتداب في اطار التشغيل. واجاب وزير التعليم العالي والبحث العلمي ان مراصد الجامعات بدأت تشتغل ودورها التعرف على ما يمكن القيام به تجاه ربط الجامعة بالمؤسسة المشغلة. ومن جهته ذكر وزير التشغيل أن هناك برنامجا هاما يتمثل في القضاء على بطالة خريجي الجامعات ممن طالت بطالتهم. وهناك اولويات زمنية موضوعة في ذلك أي تشغيل من فاقت بطالته غيره في نفس الاختصاص والمجال. النائب زهير الحاج سالم طالب بتمديد الاجال الخاصة بتقديم أطروحات الدكتوراه لمن فاتتهم الاجال. واجاب وزير التعليم العالي أنه لم يتم حرمان احد من تقديم اطروحة دكتوراه. وأن البعض مسجل منذ بداية السبعينات ولكنه لم يقدم اطروحته. واضاف أن دكتوراه الدولة لم تعد قائمة بل أن دكتوراه موحدة أو دكتوراه نظام جديد معمول بها على المستوى الدولي. وكل من يعد دكتوراه دولة عليه تحويلها الى النظام الجديد ويواصل بحثه. النائب عيسى الطهاري تطرق الى اجراء صك التكوين وتساءل عن خطط التشغيل ومدى تطور خدمات مكاتب التشغيل وأي حظ لطالبي الشغل في المعتمديات الداخلية. وزير التربية أجاب بان صك التكوين المهني هو اجراء رئاسي وقد تم الشروع في الاختصاصات والمؤسسات التي يجب أن ترتبط بهذه المنظومة. واضاف ان اساس الصك هو دعم الدولة للتكوين ولاحظ ان الاقبال على هذه المنظومة لم يصل الى المستوى المامول.اما وزير التشغيل فقد اكد على ضرورة الارتقاء بخدمات مكاتب التشغيل. واشار الى انه تم احداث مركز نداء متطور يساعد طالب الشغل على الحصول على حاجته دون الانتقال الى مكتب التشغيل. وهناك فكرة للتوجه اكثر نحو المعتمديات وايجاد مكاتب تشغيل متنقلة تسدي خدماتها داخل المعتمديات. النائبة هدى بليش تساءلت عن مجال عمل مراصد الجامعات ودورها.كما اشارت الى شهادة الباكالوريا المهنية وافاقها.. ورد وزير التعليم العالي والبحث العلمي بقوله ان مراصد الجامعات تحكمها نصوص ترتيبية حددت دورها ومن اهم ادوارها متابعة اليات الادماج المهني للخريجين ورصد التحولات التي تطرأ على سوق الشغل محليا ودوليا ولها مهمة استشرافية. من جهته ذكر وزير التربية أن الباكالوريا المهنية هامة وهناك لجنة وضعت لمراقبة هذا المشروع واساسه ان يكون داخل المنظومة التربوية عدة معابر منها التعليم التقني والتعليم المهني... وتساءل النائب حمودة الطرابلسي عن الخطة العملية لحث وسائل الاعلام على ابراز أهمية التكوين المهني وما يوفره من منافذ نحو سوق الشغل. وزير التربية اشار في رده الى أهمية وسائل الاعلام السمعية والبصرية في تثمين هذه المنظومة. وقد تم وضع استراتيجية كاملة لادخال ثقافة المهن من شانها أن تعطي الفكرة الصحيحة عن التكوين المهني واهميته في التشغيل. تعقيدات تواجه اجراءات التشغيل النائب محمد رشاد بلقاضي تساءل عن مدى تفعيل فضاء المبادرة واسباب تعقد اجراءات التشغيل واقترح الحد من العراقيل وتبسيط الاجراءات امام المؤسسة المشغلة. واجاب وزير التشغيل أنه بالفعل تم تسهيل الاجراءات والتخفيف من الوثائق المطلوبة وتوفير المنح لطالبي الشغل والمؤسسة على حد السواء.هذا بالاضافة الى توفير كل التسهيلات للمؤسسات المنتدبة. من جهتها أشارت النائبة رجاء القلاعي الى طول بطالة طالبي الشغل وتساءلت عن نية وزارة التعليم العالي في بعث شعب ذات قدرة تشغيلية وترتبط بالجهة. واجاب وزير التعليم العالي ان هناك اختصاصات متعددة تهم الجوانب الادبية والاقتصاد والقانون والعلوم في جميع الجهات. كما تم الى جانب ذلك ربط المؤسسة الجامعية بالجهة وطبيعتها ومكوناتها الاقتصادية والاجتماعية بهدف ضمان تشغيلية اكبر. النائب عمار الزغلامي تساءل من جهته عن ملامح التشغيل في تونس في ظل الازمة المالية وكذلك عن ضعف اللغات لدى التلاميذ وطالب بالعناية اكثر ببعض المؤسسات التربوية داخل الجمهورية. وزير التشغيل أجاب على السؤال المتعلق به ذاكرا ان الاقتصاد التونسي مندمج تماما في الاقتصاد العالمي والاوضاع العالمية كان لها تاثير على الاقتصاد التونسي. وهناك 60 مؤسسة مصدرة كليا من ضمن 3 ألاف مؤسسة تأثرت بالازمة معظمها في قطاع مكونات السيارات والبعض منها في قطاع النسيج وهذا ما ادى الى تاثر حوالي 15 الف عامل بصفة جزئية حيث تمت المحافظة على العلاقة الشغلية لكن تم التقليص من ساعات العمل او الاحالة على البطالة المؤقتة مع المحافظة على جزء من الاجر، مع العمل على المحافظة على كل مواطن الشغل. الانخراط في منظومة "إمد" النائبة شاذلية بوخشينة تساءلت عن دور المؤسسة في ميدان التكوين المهني.كما تطرقت الى مدى انخراط الاطراف في مشروع"إمد" والى أين وصل المشروع؟ واجاب وزير التربية بان الوزارة تعمل على ان تبقى المؤسسة شريكا فاعلا ودائما في منظومة التكوين. وسيتم تعزيز الشراكة بين المؤسسة والتكوين المهني. والمهم ضبط ملامح المتكونين مما يساعد على ضبط حاجيات المؤسسة. بدوره ذكر وزير التشغيل ان عديد الاليات الجديدة الخاصة بالتشغيل ستوضع في مشروع قانون سيعرض على مجلس النواب قريبا وسيكون المشروع مصحوبا بأمر. وفيما يتعلق بمتابعة تنفيذ القرارات والاجراءات الجديدة الخاصة بالتشغيل فان تقريرا شهريا يعد في الغرض ويرسل الى أعلى هرم السلطة للمتابعة. من جهته اشار وزير التعليم العالي الى ان نظام "امد" سيشهد خلال شهر جوان القادم تخرج أول دفعة. ومع تخرج هذه الدفعة سيتم التركيز على اصلاح الماجستير باعتبار ان هذه الدفعة المتخرجة ستدخل في المرحلة الثانية من المنظومة وهي الماجستير. وذكر الوزير أن الوزارة اعدت دراسة حول ملف التشغيل في أفق سنة 2025 بهدف الملاءمة بين التكوين والتعليم والتشغيل. وحول مدى انخراط الاطراف في منظومة "إمد" اجاب وزير التعليم العالي ان الصعوبة تم تجاوزها والتقييم سيتم القيام به عند نهاية تخرج الدفعة الثالثة أي بعد سنة 2011. حاجة المشاريع الاستثمارية الكبرى وتطرقت النائبة شريفة العبيدي الى المشاريع الكبرى المنتظرة في تونس وما قمنا به في مجال التكوين للاستجابة الى حاجيات هذه المشاريع من اليد العاملة.كما اوصت بتطوير برامج حفز المؤسسات داخل التعليم العالي. واجاب وزير التعليم العالي بأن عدد خريجي الجامعات في ارتفاع متواصل بلغ السنة الماضية 61 الفا وينتظر ان يصل هذه السنة الى 70 الفا والى 100 الف في أفق سنة 2014 وهو ما يفرض اعدادا وتخطيطا لاستيعاب الخريجيين في الحياة المهنية. وبخصوص الاستعداد لمجابهة متطلبات المشاريع الكبرى ذكر وزير التربية ان وزارته شكلت لجنة لتشخيص ملامح المهن التي تتطلبها المشاريع الكبرى وهي 156 اختصاصا منها 26 اختصاصا غير موجودة في تونس. واضاف ان هناك استعدادات لتلبية الحاجيات والعمل على التكوين في الاختصاصات المطلوبة. من جهته اضاف وزير التشغيل ان التاهل للانتفاع اقصى ما يمكن مما ستوفره المشاريع الكبرى حتى يتم جميع مواطن الشغل المعروضة. وقد تم وضع خطة توظيف لتوفير هذه الاختصاصات.سواء في مرحلة انجاز هذه المشاريع والتي ستوفر ما لا يقل عن 116 فرصة عمل، أو خلال انطلاق المشاريع في الاستغلال. النائب محمد خير الدين خالد تساءل عن مدى استغلال التكوين المهني في فتح افاق التشغيل على المستوى الخارجي. واجاب وزير التربية بتأكيده على وجود عدة امكانيات لتشغيل خريجي التكوين المهني في الاسواق الاجنبية وخاصة منها الخليجية. وفيما يتعلق بتدريس اللغات في التكوين المهني فسيصبح خيارا اساسيا لان الطلبات الاجنبية تفترض مثلا ضرورة التحكم في اللغة الانقليزية. كما ان الاتفاقية المثالية مع الجانب الفرنسي ستوفر فرص عمل هامة للمتكونين مهنيا خاصة في النسيج والالكترونيك.. من جهته اضاف وزير التشغيل بان استشراف فرص العمل بالخارج يمكن ان يكون توجه يخفف الضغط على سوق الشغل في تونس. وهناك فرص هامة توفرها اوروبا وكندا ودول الخليج... وقال بان استشراف المهن المستقبلية يعطي لنا فرصة أن نجهز انفسنا لاستقطاب فرص الاستثمار. وذكر بان تونس دخلت في منظومة استشراف فرص العمل الاوروبية كملاحظ حتى يمكنها استغلال ما يمكن ان يتوفر لها من فرص تشغيل واستثمار.