تونس الصباح اعلن كما هو معلوم عن ارجاء تنظيم الدورة 20 لمهرجان الموسيقى التونسية التي كان يفترض تنظيمها خلال شهر مارس من هذه السنة (2009) الى موعد لاحق سيكون في غضون سنة 2010 القادمة ان شاء الله .. هذا «الحكم» بتأجيل التنفيذ جاء بعد غموض وتعتيم اعلامي كبير رافق التساؤلات حول «مصير» الدورة الجديدة (20) من هذا المهرجان الموسيقي الوطني وما اذا كانت ستنعقد في موعدها السنوي التقليدي (خلال شهر مارس من كل عام) ام لا؟ خاصة ان سلطة الاشراف ممثلة في وزارة الثقافة بقيت متكتمة ولم تبادر باصدار اية توضيحات في الموضوع الى ان جاء الاعلان رسميا عن قرار «تأجيل التنفيذ» الذي اعلنه وزير الثقافة شخصيا في سياق لقاء اعلامي كشف فيه وياللمفارقة عن كم كبير من التظاهرات الثقافية الاخرى بعضها مستحدث ستشهدها بلادنا على امتداد سنة 2009 الجارية.. إلا مهرجان الموسيقى! هكذا اذن، وفيما كان ينتظر ان يكون تنظيم الدورة (20) لمهرجان الموسيقى التونسية حدثا استثنائيا في «عمر» ومسيرة هذه التظاهرة الموسيقية الغنائية المتميزة وهي تبلغ هذا العام دورتها العشرين يأتي الاعلان عن «حجبها» دون سواها من التظاهرات الثقافية الاخرى المبرمجة ويقع تأجيل تنفيذ دورتها الجديدة لمدة سنة كاملة! واذ لابد من طرح سؤال: لماذا هذا «الحكم» القاسي بتأجيل التنفيذ فانه لابد ايضا وبالمقابل من التأكيد بوضوح على الصيغة الانكارية للسؤال على اعتبار انه وبصرف النظر عن «الحيثيات» والدوافع التي حدت بسلطة الاشراف الى اتخاذ قرارها هذا فانه كان يجدر بها في رأينا ان تكون في طليعة الجهات الحريصة على استمرارية تنظيم هذه التظاهرة الموسيقية الغنائية الوطنية العريقة والنوعية التي انطلقت كبيرة وناجحة منذ اكثر من عقدين تحت مسمى مهرجان الاغنية التونسية قبل ان تأخذ لاحقا اسم مهرجان الموسيقي التونسية. مد.. وجزر! وحتى لا نعود كثيرا الى الوراء فاننا سنكتفي باجراء قراءة سريعة في «حصاد» الدورات الثلاث الاخيرة من هذا المهرجان الموسيقي وهي الدورات التي تولت مسؤولية ادارتها الفنانة سنية مبارك.. ونحن اذ نركز على هذه الدورات الثلاث الاخيرة دون سواها فذلك من اجل محاولة تبين ما اذا كانت قد ظهرت خلالها بعض الهنات على مستوى التنظيم او غيره تكون قد دفعت بسلطة الاشراف الى ان تأخذ قرارها بتأجيل تنفيذ الدورة (20) من المهرجان لمدة سنة كاملة.. لابد لاي مراقب يكون قد تابع عن كثب فعاليات الدورات الثلاث الاخيرة (17 18 و19) من مهرجان الموسيقى التونسية ان يسجل بأمانة محاولات التطوير التي باشرتها الهيئات المديرة المتعاقبة على هذا المهرجان برئاسة الفنانة سنية مبارك من اجل الاثراء (شكلا ومضمونا) وحتى من اجل الترفيع في القيمة المالية للجوائز المرصودة لتحفيز الفنانين الموسيقيين على الاقبال والمشاركة.. محاولات الاثراء هذه ولئن اعطت اكلها على مستوى المضمون بأن تعددت انواع المسابقات الموسيقية والغنائية فانها بالمقابل لم تحمل بعض «نجوم» الاغنية التونسية من الذين دأبوا على مقاطعة مهرجان الموسيقى التونسية لاسباب غير معلومة خاصة خلال دوراته الاخيرة على مراجعة مواقفهم والالتحاق بقائمة اسماء الفنانين من مختلف الاجيال الذين اثثوا مختلف سهرات هذه الدورات.. طبعا، هذا الشكل من اشكال «المقاطعة» المقنعة ولئن اثر نسبيا على «وهج» المهرجان فانه لم يؤثر في الواقع على قيمته الفنية والابداعية اذ كان هناك دائما حرص كبير من بعض الاسماء الكبيرة الاخرى على تأكيد حضورهم الدوري ضمن سهرات هذا المهرجان وهو حرص يعكس وعيهم وحسهم الفني والوطني بضرورة دعم مهرجان الموسيقى التونسية من اجل ان يستمر وان يتواصل كتظاهرة فنية وموسيقية في خدمة الاغنية والموسيقى التونسية.. من بين هذه الاسماء نذكر الفنان زياد غرسة والفنان عدنان الشواشي والفنانة نبيهة كراولي والموسيقار الاستاذ كمال الفرجاني.. وغيرهم.. فتحنا هذه النافذة على بعض الجوانب التنظيمية التي طبعت الدورات الثلاث الماضية من مهرجان الموسيقى التونسية لننتهي الى القول وبكل وضوح بأن ما من هناك سبب وجيه في رأينا يبرر قرار سلطة الاشراف ممثلة في وزارة الثقافة والمحافظة على التراث بتأجيل تنظيم الدورة (20) دورة 2009 من مهرجان الموسيقى التونسية الى غاية سنة 2010.. ونقول ايضا ان مثل هذه الخيارات السهلة لمواجهة التحديات والمصاعب بصرف النظر عن طبيعتها هي التي كانت سببا في وقت من الاوقات في «ضياع» تظاهرات ثقافية نوعية وهامة اخرى مثل تظاهرة «اسبوع المسرح التونسي» واندثارها.. ايضا، نريد ان نسجل استغرابنا من موقف بعض الفنانين والموسيقيين الذين استعمنا اليهم وكأنهم يبررون اداريا ويروجون لقرار التأجيل هذا في حين كان يفترض ان يكونوا في طليعة المنادين بضرورة المحافظة على مهرجان الموسيقى التونسية وانتظام دوراته..