بنزرت- الأسبوعي: «يجيك البلاء يا غافل» هو أقل ما يقال في وصف الفاجعة الأليمة التي كان رصيف ميناء بنزرت التجاري مسرحا لأحداثها وشاهدا على فظاعة تفاصيلها ووقائعها. رحل عادل ولم يتخط بعد التاسعة والثلاثين من عمره، ليترك زوجة مصدومة وأما ملتاعة ورضيعة لم تتجاوز الستة أشهر ألحقتها أطنان الخشب المسجّاة على جسد أبيها بسجلات اليتامى في انتظار المجهول. «الأسبوعي» انتقلت إلى مكان الحادث ورصدت شهادة زميله في الموقع الذي نجا هو الآخر من موت كاد أن يكون محققا لولا فراره في الوقت المناسب وانسحابه من المكان، وزارت عائلة الفقيد لتخرج بالتقرير التالي: تفاصيل الحادثة لا تزال آثار الصدمة بادية على وجهه المصفّر بعد أن نجا من الموت بأعجوبة، هو زميل الهالك والشاهد الرئيسي على أطوار حادثة الحال فقال «حدث ذلك في صبيحة يوم الخميس كنت بجوار عادل حين مباشرته لعمله في مراقبة عملية الإنزال والترصيف الخاصة بالخشب... انتبهت حينها أن الحمولة بدأت في الانحناء وفقدان توازنها من على الرافعة، أسرعت بالانسحاب إلى الخلف وصرخ في عادل: «إبعد يا عادل راو الكونتونار باش يطيح» حدث الأمر بسرعة وحاول المرحوم الهرب إلا أنه تعثر فسقطت الشحنة الأولى على مستوى ساقيه ومنعته من مواصلة الانسحاب لتردفه الثانية فغطّت كامل جسده وكانت كافية لتزهق روحه كان المشهد فظيعا لا يطاق، أغمي عليّ مباشرة ولم أستعد وعيي إلا في المستشفى الله يرحمو... قتلتو الخبزة». زوجة الهالك (لشكون خليتنا يا عادل؟) انتقلنا إلى جهة تعرف باسم «السكمة» بأحد ضواحي بنزرت الشمالية، أين يقطن الهالك في منزل على وجه الكراء، التقينا بزوجته هندة في مشهد اجتمعت فيه الحسرة باللوعة والبكاء بالعويل، التقطت أنفاسها واحتضنت طفلتها الرضيعة ثم قالت «الأشهر الثلاثة الماضية فقدت فيها والدي واليوم زوجي، مصاب أقوى من قدرتي على الاحتمال، لم يمض على زواجنا سوى عام ونصف العام أنجبت خلالها ابنتي (6 أشهر)». تصمت قليلا ثم تواصل: «في صبيحة يوم الخميس خرج كعادته باكرا بعد أن قبّل ابنته وتوجه إلى عمله في شركة شحن وترصيف وفي حدود الساعة العاشرة والربع جاءني الخبر الفاجعة، رحل عادل دون أن يرى ابنته تكبر بين عينيه». إلى هنا ينتهي كلام هندة لتنخرط في موجة بكاء وانسحبنا على وقع كلماتها المدويّة «لشكون خليتنا يا عادل... أشكون ببنتك يا عادل؟؟». ياسين لكود للتعليق على هذا الموضوع: