تونس الصباح : من بين النتائج المباشرة لقمة قادة ال20 دولة الاغنى والاقوى في العالم ارتفاع أسعار برميل النفط الخام الى أكثر من 50 دولارا.. كما ارتفعت اسعار الاسهم في الاسواق العالمية بسرعة غريبة.. فقد ارتفع مؤشر (داو جونز) في نيويورك بنسبة 2,8 في المائة ليغلق على 7978 نقطة.. بينما تراوحت نسبة الارتفاع في بورصات أوروبية بين 4 وأكثر من 6 بالمائة. كما ارتفعت المؤشرات في الاسواق الاسيوية اذ ارتفع مؤشر (نيكاي) في اليابان عند الاغلاق بنسبة 4,4 في المائة، بينما ارتفع مؤشر (هانجسنج) في هونغ كونغ بنسبة 7 في المائة كل هذه المؤشرات الايجابية جاءت ردا على انتشار خبر توصل زعماء دول العشرين الى اتفاق قيمته 1,1 ألف مليار دولار "لمعالجة آثار الازمة الاقتصادية العالمية".. ورصد مبالغ قدرت ب3 أضعاف ما كان متوقعا فيما يتعلق بدعم الدول الغنية لصندوق النقد الدولي.. وبذلك كانت قمة لندن تاريخية فعلا.. وسيظل يوم الخميس 2 أفريل تاريخيا لانه لم يكن "خميسا أسود". كما اثر قرار الحكومة الامريكية بإدخال تغييرات على المعايير المحاسبية تتيح للشركات حرية اكبر في تقييم موجوداتها والابلاغ عن خسائرها في دفع اسعار الاسهم الى الاعلى. علما أن التقديرات التي نشرت مؤخرا في الولاياتالمتحدة حول قطاعي العقارات والصناعة أعادت الامل للمستثمرين. تمويل الاقتصاديات المتعثرة لكن ما هي أهم مقررات قمة العمالقة ال20 التي شارك فيها عن الدول العربية العاهل السعودي وعن الدول الاسلامية غير العربية زعماء تركيا واندونيسيا وعن القارة الافريقية ودولها ال52 رئيس جمهورية جنوب افريقيا؟ فقد تعهد المشاركون في القمة بتخصيص مبلغ 500 مليار دولار لتعزيز دور صندوق النقد الدولي وتمكينه من تقديم القروض للاقتصاديات المتعثرة ومبلغ 250 مليار دولار أمريكي لتمويل الخطوات والاجراءات التي من شأنها أن تعزز وتنشِّط حركة التجارة العالمية. ومن أبرز قرارات واجراءات قمة العشرين أيضا قرار بتقديم مبلغ 250 مليار أخرى لصندوق النقد الدولي كنوع تعزيز حقوق السحب الخاصة (أو خدمة السحب على المكشوف) التي تمكن الدول من الاقتراض منها. ورغم الضجة التي أقيمت في وسائل اعلام عالمية عديدة وفي مؤتمر وزراء المالية الافارقة الذي عقد بتونس عشية الاجتماع الاول لقمة العشرين في نوفمبرالماضي بواشنطن فان قمة لندن لم تخصص أكثرمن 100 مليار دولار لمساعدة بنوك التنمية في العالم.. وهي البنوك التي تتولى تقديم القروض للدول الفقيرة.. كما جرى الاتفاق على أن يقوم صندوق النقد الدولي بتوفير مبلغ 6 مليارات دولار من خلال بيع بعض احتياطي الذهب لديه، بهدف "زيادة عمليات الاقراض للدول الاكثر فقرا في العالم". قرارات وقائية في نفس الوقت تضمنت قرارات قادة الدول الغنية والصاعدة ال20 اجرءات مهمة للوقاية من وقوع العالم مجددا في أزمات هيكلية خانقة. فقد قررت القمة فرض عقوبات قاسية بحق الملاذات الضريبية التي تتمتع مؤسساتها عادة بالسرية المصرفية، بالاضافة إلى اتخاذ إجرات رقابية صارمة على عمل وأداء المؤسسات المالية في العالم. وفي سياق الاصلاحات التي قررتها الحكومة الامريكيةالجديدة بزعامة أوباما وتضمنت محاسبة للمسؤولين عن القطاع الخاص المتهمين بالفساد والرشوة وسوء التصرف قررت القمة "إخضاع المرتبات والحوافز والزيادات التي يتقاضاها العاملون في القطاع المصرفي لاجراءات رقابة صارمة ولصيقة". كما قرر الزعماء ال20 إنشاء "مجلس عالمي للاستقرار المالي" يعمل مع صندوق النقد الدولي ويكون مسؤولا عن التأكد من "سلامة العمليات المالية العابرة للحدود بين الدول ويقدم آلية إنذار مبكر للنظام المالي". وأقرت القمة مبدأ المزيد من عمليات التنظيم والرقابة على صناديق الاستثمار السيادية والوكالات التي تمنح الائتمان. واتفق رؤساء الدول والحكومات في الدول الغنية على اعتماد نهج مشترك ل"تنظيف المصارف من الديون السامة أو المعدومة". وضع حد «للسرية المصرفية» ولعل من أبرز نتائج هذه القمة الاقتصادية ما تقرر فيما يخض وضع نهاية للملاذات الضريبية الآمنة.. أي ان عصر السرية المصرفية قد انتهى.. وباتت الاولوية تحقيق الاستقرار في الاسواق المالية العالمية". بل إن رئيس الوزراء البريطاني براون أعلن في مؤتمر صحفي بعد الاجتماعات إن المشاركين في القمة اتفقوا على "نشر قائمة الدول التي لا تبدي تعاونا في مجال التهرب الضريبي، وبالتالي فضحها أمام الرأي العام العالمي". وتوقع بعض الخبراء الاقتصاديين أن تقوم منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية العالمية بشكل عاجل بنشر لائحة بأسماء هذه الملاذات الضريبية غير المتعاونة. مبالغ مالية ضخمة جديدة وحسب رئيس الحكومة البريطاني الذي استضاف القمة فان مجموعة ال20 ستنفق بحلول نهاية 2010 ما مجموعه 5 الاف مليار دولار أمريكي لتحفيز الاقتصاد العالمي..بعد أن اتفقت قمة لندن "على التحرك بسرعة لانهاء جولة الدوحة من المحادثات الخاصة بتحرير التجارة" مشيرا إلى أنه تم الاتفاق على قواعد جديدة لدفع وتحفيز الاقتصاد. اختلال التوازنات الدولية؟ وقد كشف البيان الختامي للقمة أن الاجراءات المنسقة التي تعهدت بها دول المجموعة ستعزز عملية الانتاج الاقتصادي العالمي.. ونص البيان أيضا على كون البنوك المركزية في مجموعة العشرين تعهدت ب"مواصلة سياسات للتوسع في مجال الائتمان، مادام ذلك ضروريا، واستخدام جميع أدوات السياسة النقدية المتاحة". لكن رغم كل ما تحقق تبقى بعض القضايا عالقة نسبيا فقد أورد دومينيك شتراوس كان، مدير عام صندوق النقد الدولي، إنه ب"الاضافة إلى زيادة المخصصات المالية للصندوق، يجب معالجة أوضاع البنوك والاسباب العميقة التي أدت إلى الازمة الراهنة". يذكر أن الازمة الاقتصادية قد ازدادت سوءا منذ القمة الاخيرة التي عقدها زعماء الدول العشرين في واشنطن في شهر نوفمبرالماضي. وتشير توقعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي إلى أن الاقتصاد العالمي سينكمش هذا العام للمرة الاولى منذ عدة عقود. يذكر أن دول مجموعة الدول العشرين تستحوذ على 90 % من الناتج الاقتصادي العالمي و80% من التجارة العالمية بينما تضم الدول الفقيرة والصاعدة الاخرى (أكثرمن 160 دولة) أكثر من ثلثي سكان الارض لكنها لا تمثل أكثر من 10 بالمائة من الناتج الاقتصادي العالمي و20 بالمائة من تجارته الخارجية.. مما يؤكد اختلال التوازنات العالمية.