مع ان الخبر تاخر اكثر مما كان ينبغي فقد يشكل قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس ارسال اثنين من مساعديه الى قطاع غزة "للاطلاع على الاوضاع هناك وتقييم احتياجات اهالي"القطاع" خطوة اولى في الاتجاه الصحيح ولكنها خطوة قد لا تاتي ثمارها اذا لم تستجب للشروط التي يمكن ان تجعلها منعرجا حاسما في تصحيح المشهد الفلسطيني المتردي واعادة الوحدة المطلوبة الى صفوف ابناء هذا الشعب لتكون عنوان معركته المشروعة ضد الاحتلال الاسرائلي... ربما كان المنطق يقتضي ان تسبق هذه الخطوة انطلاق الحوار الفلسطيني الذي يدخل جولته الثالثة نهاية الشهر الحالي في القاهرة بما يمكن ان يساعد على ازالة الكثير من الضغائن ومشاعر الغضب والاحباط الذي استولى على اهل القطاع خلال العدوان... لقد جاءت هذه الخطوة لتعيد الى اذهان الذين اسقطوا تلك الحقيقة ان غزة جزء لا يتجزا من ارض فلسطين التاريخية وهي بالتاكيد جزء لا يقبل الاستثناء من أي اتفاق مستقبلي بشان اعلان الدولة الفلسطينية في المستقبل. لا شك ان هذه الخطوة التي تاتي بعد نحو سنتين من القطيعة بين ابرز الفصائل الفلسطينية وما اعقبها من حرب مدمرة على غزة يجب ان تكون خطوة تصحيحية لاخطاء الماضي والاستفادة منها وان تكون منطلقا لواقع فلسطيني جديد يرقى الى حجم تضحيات ابناء هذا الشعب ودماء شهدائه. وقد لا يكون من المبالغة في شيء الاقرار بان هذه الخطوة التي طالما انتظرها الراي العام الفلسطيني والعربي خلال الايام الثلاثة والعشرين للعدوان الاسرائيلي الهمجي على غزة او بعده ايضا يجب ان تترجم بخطوات عملية تعيد القضية الفلسطينية الى الموقع الذي تستحق على الساحة الدولية وتجعلها تحظى بالاولوية في اجندة الدول المعنية بمستقبل مسارالعملية السلمية والصراع في الشرق الاوسط. اما السبب التالي والذي من شانه ان يتجاوز حدود موقف حركة "حماس" التي رحبت بالقرار واعلنت استعدادها لاستقبال وفد حركة "فتح" في غزة باعتبار ان هذا الموقف يبقى رد فعل طبيعي والعكس سيكون امرا مشينا ومرفوضا فانه يتعلق بما يمكن ان يتبلور عن تلك الخطوة من اشارات سوف يتلقفها الراي العام الدولي ومعه ايضا سلطات الاحتلال وحكوماته المتعاقبة التي ستتحرك بمقتضى تلك الاشارات لا سيما وانها لم تدخر حتى الان جهدا في تغذية الخلافات الفلسطينية وزرع بذور الفتنة والصراعات التي بلغت حد الاقتتال احيانا كثيرة... خلال اسابيع وتحديدا في شهر ماي القادم سيقوم الرئيس الامريكي باراك اوباما بزيارته الاولى الى اسرائيل والى الاراضي الفلسطينيةالمحتلة واذا كان في خطاب الرئيس الامريكي الذي رفع شعار التغيير مايمكن ان يؤشر لتغيير في السياسة الخارجية الامريكية فان الاهم من كل ذلك ان يسمع الرئيس الامريكي خطابا فلسطينيا موحدا يكشف وجه الاحتلال ويدافع عن حق الشعب الفلسطيني والاف الاسرى والمبعدين والمعتقلين في سجون الاحتلال وذلك حتى لا تضاف هذه البادرة الى قائمة الفرص الكثيرة الضائعة حتى الان في طريق المصالحة الفلسطينية التي تابى ان تتحقق.