كنت أتمنى أن أرى أبو مازن أول من يصل إلى غزة بعد العدوان - الأهم في هذه المرحلة حق شعبنا في النضال بكل أشكاله ضد الاحتلال - حوار: آسيا العتروس -اعتبرت عضو المجلس التشريعي الفلسطيني النائبة راوية الشوا أن الخطوة الفلسطينية في الاممالمتحدة ليست نابعة من رؤية فلسطينية استراتيجية تقود الى استقلال حقيقي بل من حالة اليأس والاحباط، وأعربت عن خيبة أملها من ذهاب الفلسطينيين الى الاممالمتحدة منقسمين. كما حذرت النائبة الفلسطينية المستقلة عن غزة من ردود الفعل الاسرائيلية والامريكية في حال نجاح المسعى الفلسطيني في نيويورك واستبعدت أي دور أمريكي فاعل في الولاية الثانية للرئيس أوباما. وشددت راوية الشوا في حديثها ل"للصباح" بالتزامن مع اعتزام رئيس السلطة الفلسطينية محمد عباس اليوم المطالبة في رحاب الجمعية العامة للأمم المتحدة بمنح فلسطين مرتبة دولة غير عضو، على أن الوصول الى المحكمة الدولية ليس أمرا سهلا ويحتاج الى عمل فلسطيني عربي مشترك وقالت أن الاهم من كل ذلك في هذه المرحلة إعادة الاعتبار لحق الشعب الفلسطيني في النضال بكل أشكاله. وفي ما يلي نص الحديث: * اليوم يتجه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الى الجمعية العامة للامم المتحدة لنيل العضوية غير كاملة في المنظمة الدولية. كيف تنظر النائبة راوية الشوا الى هذه الخطوة الديبلوماسية وما الذي يمكن أن تقدمه للقضية الفلسطينية في هذه المرحلة؟ - من حيث المبدأ، لا مشكلة لدي على توجه الرئيس أبو مازن إلى الأممالمتحدة لنيل عضوية غير كاملة لفلسطين في المنظمة الدولية. المشكلة الأساسية تتمثل في أن هذه الخطوة ليست نابعة من رؤية فلسطينية استراتيجية يمكنها أن تقود إلى الاستقلال الحقيقي. فهذه الخطوة جاءت في ضوء اليأس الذي أصاب القيادة الفلسطينية من عدم جدوى المفاوضات العقيمة بسبب تعنت ومماطلة الجانب الإسرائيلي وتهربه من استحقاق اتفاقيات السلام، بل واتخاذ هذه المفاوضات غطاء لاستمرار الاستيطان وتهويد القدس وتجزئة الضفة وحصار غزة والاعتداء عليها، والأهم تبدد الأمل في حل الدولتين، الحل الذي تقوم عليه أساساً كل عملية السلام أو هكذا كان يفترض. كما أن هناك مشكلة في الذهاب إلى الأممالمتحدة في ظل الانقسام الفلسطيني البغيض، والذي يقدم هدية لأعداء الشعب الفلسطيني، تمكنهم من الادعاء بأن أبو مازن لا يمثل كل الشعب الفلسطيني. وكم كنت أتمنى أن نرى أبو مازن أول القادمين إلى غزة عقب العدوان الإسرائيلي الذي استمر طيلة ثمانية أيام، لم تتوقف خلالها الوفود العربية -مشكورة- من زيارة غزة، عندها كان يمكن لخطوة من هذا النوع من أبو مازن أن تدشن مرحلة جديدة من العلاقات الفلسطينية الداخلية. وحتى هذه اللحظة لا أدري ما الذي منع الرئيس من اتخاذ مبادرة كهذه. * كيف تتوقعين أن تكون المعركة الديبلوماسية القادمة، وماهي السيناريوهات المحتملة؟ - على أية حال، هذه المعركة الديبلوماسية مفتوحة على عدة احتمالات حتى الآن، من حيث عدد الأصوات وخاصة الأصوات الأوروبية، ومن حيث ردة الفعل الأمريكية والإسرائيلية في حال نجاح المسعى الفلسطيني. لكن يبدو أن واشنطن تتجه الآن لتخفيف معارضتها للخطوة الفلسطينية دون القبول بها، وذلك بعد إصرار القيادة الفلسطينية على التوجه للأمم المتحدة رغم التلميحات الأمريكية السابقة بفرض عقوبات على السلطة الوطنية والتهديدات الإسرائيلية لها. واشنطن ستنظر لنتيجة التصويت، فإن كانت لغير صالح الفلسطينيين ستكون متوافقة مع ما ترغب وبالتالي لا داعي لأي مواجهة مع السلطة. وإن جاءت لصالح الفلسطينيين فستعمل جاهدة لتفريغها من مضمونها وإبقائها في الإطار الرمزي فقط لاحتواء الغضب الإسرائيلي ومنع إسرائيل من فرض عقوبات على السلطة، لكن كل هذا سيكون مرهوناً بإقناع أو إجبار القيادة الفلسطينية على عدم اتخاذ مزيد من الخطوات الديبلوماسية والسياسية والقانونية وخاصة موضوع العضوية في محكمة الجنايات الدولية وإمكانية مقاضاة قادة الاحتلال كمجرمي حرب. وعموماً المحكمة الدولية ليست أمراً سهلاً وتحتاج إلى دراسة وعمل عربي مشترك، وقبل ذلك وأهم منه إعادة الاعتبار لحق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال والنضال بكافة أشكاله من أجل تحرير أرضه وعدم الخلط بين هذا النضال المشروع وبين الإرهاب. * المصالحة الفلسطينية باتت وكأنها أمرا مستحيلا حتى بعد العدوان الاخير على غزة.. كيف يمكن تفسير ذلك والحال ان الشعب الفلسطيني كان يقدم لنا في كل مرة أكبر الدروس عندما يتعلق الأمر بالتضحيات والنضال؟ - يؤسفني أن أقول أن المصالحة الفلسطينية ليست قريبة رغم بعض المظاهر الإيجابية من طرفي الصراع ("فتح" و"حماس") خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، وهي مظاهر رحبت بها وتمنيت لو أنها كانت ضمن تحرك حقيقي وجاد لإنهاء الانقسام، وليست فقط ردّات فعل على العدوان أو من أجل الاستهلاك الداخلي أو للأغراض الإعلامية. صحيح أننا استبشرنا خيراً بزيارة قادة "فتح" لغزة ولقاء وفد قيادي حماسوي بالرئيس في الضفة والسماح للمتظاهرين المؤيدين ل"حماس" في الضفة بالخروج إلى الشوارع تضامناً مع غزة والسماح للمسيرات الفتحاوية من المشاركة في الاحتفالات بالقطاع بعد اتفاق التهدئة وإعلان العفو من قبل حكومة غزة عن المعتقلين الفتحاويين وغيرها، إلاّ أن ما نحتاج إليه لإتمام المصالحة هو التطبيق الفعلي للاتفاق الذي رعته القاهرة والبدء فوراً في تنفيذ خطواته على الأرض بعيداً عن الحسابات الشخصية والحزبية. * رأينا ولأول مرة الوفود الرسمية العربية تتسابق لزيارة غزة خلال بعد العدوان، فكيف يمكن للدور العربي المساهمة مستقبلا في إعادة القضية الى المشهد الدولي وإعمار غزة؟ - بدون دعم الدول العربية لن تكون هناك إمكانية لإعادة إعمار غزة، التي تحتاج إلى الكثير من الأموال والخبرات والضغط من أجل رفع الحصار نهائياً والسماح كنتيجة لذلك بإدخال مواد البناء. غزة تنتظر من أشقائها العرب الكثير الكثير. لقد بادر أمير قطر حتى قبل العدوان الأخير بالقدوم إلى غزة مفتتحاً مشاريع ضخمة تزيد تكلفتها عن ربع مليار دولار، ومن هنا أدعو جميع الدول العربية الغنية إلى الحذو حذوه للإسهام في إعادة إعمار غزة التي تضاعف الدمار فيها بعد العدوان الأخير. وبالنسبة لدول الربيع العربي فالأمل المعلق عليها كبير وخاصة الشعوب التي أعادت لنا الثقة بقدرتها على التغيير. المشكلة أن هذه الدول لديها الكثير من المشاكل الداخلية السياسية والاقتصادية ولا تزال تتلمس الخطوات نحو المستقبل الواعد، وأملنا أن تستطيع التغلب على مشاكلها وخاصة ما يتعلق منها بالصراعات الداخلية، وأن تبقى القضية الفلسطينية قضية العرب الأولى. وعلى كل حال فإن مصر ما بعد الثورة غيرها ما قبل الثورة تجاه فلسطين ومعاناة غزة، فالدور المصري أصبح أفضل بكثير، ونأمل أن يتطور هذا الدور، ليس فقط تجاه القضية الفلسطينية، ولكن أيضاً تجاه مجمل القضايا الإقليمية والدولية، لأن مصر تعني لجميع العرب الشيء الكثير. كما أن تونس وهي البلد العربي الذي افتتح عهد الثورات الشعبية ضد الأنظمة الاستبدادية، كانت مواقفها خلال العدوان الإسرائيلي الأخير متقدمة، ولمسنا التغيير الذي حصل فيها بعد الثورة، ونتمنى لها كل تطور وتقدم. * وهل من مجال بعد إعادة انتخاب أوباما لولايته رئاسية ثانية توقع دفع جديد لعملية السلام؟ - لا شك أن كثيراً من العرب، وأنا منهم، كانوا يتمنون فوز أوباما على منافسه الجمهوري ميت رومني، وهو ما حدث فعلاً، لكن ليس معنى هذا أن لديّ أوهاماً بشأن حلول سحرية أو فورية أوجوهرية للصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية. فكلنا يدرك كيف تدار سياسة الولاياتالمتحدةالأمريكية الخارجية، ومدى نفوذ اللوبي الصهيوني، ودور توازنات القوى العالمية، والضعف العربي الذي أفقد العرب وزنهم في كل المحافل الدولية. أغلب الظن أن أوباما سيمضي في سياسة لا تختلف كثيراً عما كانت عليه في فترة ولايته الأولى, الى أن تستطيع الجبهة العربية من الاستفادة بمواردها البشرية والطبيعية الجغرافية واستخدامها في فرض مواقف سياسية جديدة نحو القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية. * عاد الهدوء الى غزة بعد عدوان استمر تسعة أيام، فكيف يبدو واقع غزة اليوم؟ - ليس أمام غزة بعد انتهاء العدوان الأخير إلا النهوض ومباشرة العمل فوراً والعمل على إصلاح وبناء ما دمره الاحتلال في كل المجالات. وما أتمناه أن يتوج صمود أهل غزة وتضحياتهم بتحقيق تطلعاتهم وتطلعات كل الشعب الفلسطيني لإنجاز المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام.