منذ أن تسربت الأخبار الأولى قبل أعوام حول تولّي شوقي الماجري اخراج فيلم " مملكة النمل " من انتاج عربي مشترك حتى أصبح المشروع محل اهتمام وفضول وانتظار. لكن المشروع تعطل دون أن تتحدد الأسباب وما إن كانت تتعلق بموضوع الفيلم الذي يتطرق إلى القضية الفلسطينية من زاوية غير مألوفة أم بالميزانية الضخمة التي يتطلبها إلخ... ويبدو أن مختلف العناصر قد اجتمعت أخيرا ليقع تنفيذ المشروع قريبا وهو ما يؤكده المنتج التونسي المعروف نجيب عياد. ونجيب عياد الذي أنتج العديد من الأفلام للتونسيين وغير التونسيين ليس فقط أحد الأطراف المشاركة في إنتاج مملكة النمل وإنما هو من المتحمسين للفيلم ومن المؤمنين بالخصوص بكفاءة المخرج التونسي شوقي الماجري. وقد كان لنا معه بالمناسبة الحديث التالي. * يبدو أن فيلم " مملكة النمل " قد أصبح أخيرا جاهزا للتصوير. ما هي أبرز ملامح هذا المشروع وما هي أهم الأخبار التي يمكن تأكيدها بشأنه؟. - "مملكة النمل" فيلم سينمائي روائي من اخراج شوقي الماجري. وكتب السيناريو كل من المخرج شوقي الماجري والمؤلف خالد الطريفي وهو من انتاج تونسي - مصري- سوري- مغربي. سيشرع في التصوير خلال شهر أكتوبر من هذا العام. وستتم العملية بين سوريا وتونس. افتتاح التصوير من المفروض أن يتم بسوريا ثم ينتقل فريق التصوير إلى بلادنا. يتطلب المشروع ميزانية كبيرة حوالي مليوني دينار.. بخصوص الممثلين لم تتحدد القائمة نهائيا. أسماء قليلة تأكدت مشاركتها مثل صبا مبارك وعابد الفهد. وهناك ممثلون من عدة بلدان عربية من فلسطين ومن الأردن وسوريا وتونس وربما من مصر. * نعلم أن المشروع تأجل أكثر من مرة. هل لموضوع الفيلم مثلا دخل في ذلك.؟ - شاعت أشياء كثيرة بخصوص الفيلم وأغلبها تفتقد إلى الدقة. تحصلنا على الدعم منذ فترة وبالتالي ليس لمسألة الدعم المادي ولا لما راج حول قضية فيلم اسماهان علاقة بالتأجيل. ما أستطيع قوله أن موضوع فلسطين صار اليوم موضوعا محرجا خاصة إذا حاول المبدع أن يتناوله من زاوية مختلفة , أي بعيدا عن الشعارات المألوفة. من هذه الزاوية قد يكون للموضوع بالفعل علاقة بالتردد في انتاج الشريط. * كيف يمكن تقديم أحداث الفيلم وهو كما أشرتم يعتمد على زاوية مختلفة في معالجته للقضية الفلسطينية؟ - يطرح الفيلم قضية حضارية. الأحداث تدور حول فلسطين ولكن الزاوية التي اختارها المخرج شوقي الماجري للتطرق إلى فلسطين غير مألوفة. ترون في هذا الشريط فلسطين على الأرض وفلسطين تحت الأرض. هناك تحت الأرض مدينة موازية , مدينة حيث الحياة والعلاقات بين الناس مختلفة عما يحدث فوق الأرض من عنف وعما نشاهده من علامات تشير إلى القيامة الوشيكة. وتجدر الإشارة إلى أن المشاهد التي تتحدث عما يقع تحت الأرض سيتم تصويرها بتونس في عدة مواقع بالعاصمة وسوسة وبنزرت وغيرها. هناك عدة أسئلة يقع طرحها حول علاقة الإنسان الفلسطيني بالأرض وبالموت إلخ. وهناك تقابل بين الحضارة والهوية. الفيلم يحمل رمزية كبيرة بداية بالعنوان ووصولا إلى المشاهد. هناك في نهاية الأمر تساؤل حول مستقبل العرب في الكون. تعرفون جيدا أن شوقي الماجري يشتغل كثيرا على الرمزية والإيحاء لكن إن أردنا تلخيص فلسفة الفيلم فإن المسألة تكون كالآتي. الأحداث تروي حكاية فلسطين وما وراء فلسطين. العنف الأكثر خطورة ليس بالضرورة ماديّا. إن العنف الحضاري أقوى بكثير من ذلك وهو ما يسعى هذا الشريط إلى توضيحه للمشاهد. فلسطين بعيدا عن الشعارات والسذاجة التي لا تخدم القضية * هل تتوقعون أن يكون للفيلم صداه خارج المنطقة العربية؟ - ما أعتقده أنه جاء الوقت لانتاج أعمال سينمائية تنصف القضية الفلسطينية وتقدمها للعالم بشكل يخدم القضية. للأسف الشديد الأفلام حول اليهود وقضاياهم تعد بالآلاف ومن بينها من استطاع أن يؤثر في الرأي العام العالمي ويبقى في الذاكرة. أما الأفلام الفلسطينية أو تلك التي تتعرض لقضية فلسطين فباستثناء أعمال قليلة ونادرة يبقى أغلبها شعاراتية ساذجة. دورنا اليوم كمنتجين عرب وكمبدعين أن ننجز أعمالا جدية تتناول القضية بذكاء بعيدا عما كان معمولا به في الماضي بدون أن تصدر عنه نتائج في مستوى ما نأمله. * بدأنا نسمع من حين لآخر عن تجارب في الإنتاج العربي المشترك. لماذا مازال الأمر لا يتجاوز بعض التجارب القليلة والخطوات المحتشمة في هذا المجال؟ - الشراكة العربية في مجال الإنتاج السينمائي والتلفزيوني أصبحت ضرورية نظرا لارتفاع تكلفة الإنتاج الجيد وحاجتنا للعمل معا والتعاون في هذه المجالات. ونحن نأمل كثيرا من الإنتاج المشترك في المستقبل. تعلمون أن توزيع الأفلام العربية داخل البلدان العربية في حد ذاتها عملية صعبة. ومن شأن الإنتاج المشترك أن يسهل عملية التوزيع بالبلدان العربية حتى في مصر التي تضع شروطا كثيرة لتوزيع الفيلم العربي غير المصري بمصر. * إنها التجربة الأولى في التعامل مع شوقي الماجري. هل من دوافع محددة لخوض هذه المغامرة؟ - المخرج شوقي الماجري ظلمناه كثيرا في تونس. كان من الممكن أن يكون مدرسة جديدة في السينما التونسية. وهو أقرب واحد يمكنه أن يمثل الجيل الجديد. أردت أن أعطيه هذه الفرصة وهي في نفس الوقت فرصتي. شوقي الماجري له صيت وبالتالي فهو يصبح رافدا من روافد القوة بالنسبة لي... طبعا هنالك ايضا أسباب أخرى دفعتني لانتاج الفيلم. ما هي في واقع الأمر الأسباب التي تجعلنا نتوقع نجاح عمل ما طبعا بدرجة أولى يهم المنتج موضوع الفيلم ويجب أن يكون الفيلم قائما على سيناريو جيد يهم الناس ويستفزهم ويوفر متعة المشاهدة. هناك أيضا الإخراج وشوقي الماجري تعرفونه من أفضل الموجودين على الساحة العربية وأكيد أنّ المعادلة التي يبحث عنها المنتج تتمثل في توفر العناصر التي تجعل الفيلم قادرا على تحقيق الربح. القطع مع العلاقة المرضيّة مع التلفزة أصبحت اليوم أكثر إلحاحا * باستثناء بعض الاسماء وهي قليلة فإن حضور المنتج السينمائي التونسي لا يبدو واضحا جدا على المستوى العربي والدولي. هل يعود الأمر لتردد المنتجين التونسيين في خوض المغامرات وبالتالي الإفتقار إلى الجرأة أم إلى غياب الحرفية أم ترون أن هناك أسباب أخرى. - هناك تقريبا 95 بالمائة من المنتجين السينمائيين في بلادنا أصلهم مخرجون. وبالتالي ليس لهم هاجس الإنتاج ولا يحرصون على فتح الآفاق. الإنتاج مجال صعب ويتطلب دراية بمختلف التفاصيل وهو يتطلب استعدادا وغراما كذلك. بالنسبة لتجربتي الشخصية لا أنتج عملا بدون أن تكون هنالك رغبة تحركني. لذلك لا أنتج أعمالا إشهارية ولا مؤسساتية ولا دعائية. أقتصر إلى حد الآن على الأفلام الروائية. طبعا يحتاج المنتج إلى الخبرة. بالنسبة لي لقد ساهمت تجربتي في نوادي السينما حيث كنت ناشطا بها طيلة السبعينات ثم عملي بالساتباك كمدير إنتاج ثم مدير عام في توجيه اختياراتي الإنتاجية. المسألة جاءت بطبيعتها وقد ساعدتني هذه التجربة في مواصلة المغامرة في القطاع الخاص مع تأسيس شركة الإنتاج الخاصة "الضفاف للإنتاج". وأحب أن أشير إلى أنه عادة ما لا يقع التفريق في الأذهان بين المنتج والمنتج المنفذ. تنفيذ الإنتاج وأنا لدي تجارب في هذا المجال مع التونسيين وعديد المخرجين من الخارج من المغرب وإيران وروسيا وغيرهم وأخيرا تجربة جديدة مع مخرج مصري وفيلم يصور في تونس من بطولة نور الشريف وسواء كانت أفلام طويلة أو قصيرة، تنفيذ الإنتاج ربما هي عملية أقل خطورة من الإنتاج نظرا لأن تدخّل المنتج المنفذ يقف عند التصرف في التمويل الذي يوضع تحت تصرفه وهو ربما ما يجعل الإقبال على تنفيذ الإنتاج أكثر وضوحا من خوض مغامرة الإنتاج. * نجيب عياد أنتج ونفّذ العديد من الأعمال للتلفزة التونسية. كيف تصفون وضع الإنتاج التلفزيوني بتونس. - المسألة الأكثر إلحاحا بالنسبة لي تتمثل في الخروج من العلاقة المرضيّة (بمعنى المرض) مع التلفزة. هناك عادة معمول بها في تونس تتمثل في عدم الإنتاج إلا في صورة ما وفرت التلفزة التونسية الأموال اللازمة وهذا في رأيي يجب أن يتوقف. على كل هناك لجنتان تكونتا في مستوى وزارتي الإتصال ووزارة الثقافة والمحافظة على التراث تسعى الأولى لإيجاد آليات لإخراج الإنتاج الدرامي التلفزيوني من الموسمية. أما الثانية وهي اللجنة العليا لتأهيل السينما بوزارة الثقافة وقد سعينا لجعلها تشمل السينما والسمعي البصري من المنتظر أن تخرج بمقترحات بعد حوالي شهرين لوضع استراتيجيات للإنتاج مستقبلا ونعول كثيرا على هذه المقترحات للمساهمة في حل مختلف الإشكاليات التي تهم جميع مجالات الإنتاج واستغلال القاعات والتوزيع إلخ...