سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هل يحقّ التدخل في المضامين الإعلامية.. وما مدى حاجة القطاع السمعي البصري إلى قانون ينظّمه؟ إعلام: على هامش ملتقى معهد الصحافة حول أخلاقيات الممارسة الصحفية... «الأسبوعي» سألت ثلّة من الجامعيين:
الأستاذ محمد حمدان (مدير معهد الصحافة وعلوم الأخبار): كراس شروط للقطاع السمعي البصري الخاص ضرورة متأكدة وقد نراه قريبا.. الأستاذ سفيان بن حميدة (باحث في علوم الاتصال): «التجاوزات ما كانت لتتواجد لو...» الأستاذ عبد الرحمان كريّم (حقوقي): «الإعلام يجب أن لا يحدّه إلا ضابط أخلاقيات المهنة والمسؤولية..» تونس- الأسبوعي: على هامش أشغال الملتقى الدولي الذي نظّمه معهد الصحافة وعلوم الاخبار في غضون الأسبوع المنتهي حول «أخلاقيات الممارسة الصحفية في عالم عربي متحوّل» التقت «الأسبوعي» ثلّة من الجامعيين والناشطين في حقل الإعلام والمهتمين تحديدا بقانون الإعلام لتطرح وإياهم مسائل تتعلق بمسألة التدخل في المضامين الإعلامية الصادرة عن المؤسسات الصحفية على خلفية ما حملته الأسابيع المنقضية من جدل حول بعض البرامج التلفزية وماهي مستويات هذا التدخل وحدوده؟ كما تمّ الاستيضاح عن مدى حاجة القطاع السمعي البصري وخاصة الخاص منه إلى نص قانوني ينظّم سيره ويرسم ضوابطه سيّما في ظل ما عرفته الساحة الإعلامية مؤخرا من جدل واسع لامس عديد القضايا... وإن كان من البديهي أن يرى هذا التشريع النور فمن تراه يخدم: المؤسسة الإعلامية أم الحق في الإعلام وحريّة التعبير أم المتلقّى وأخلاقيات المهنة؟ إعداد: سفيان السهيلي
الأستاذ محمد حمدان (مدير معهد الصحافة وعلوم الأخبار): كراس شروط للقطاع السمعي البصري الخاص ضرورة متأكدة وقد نراه قريبا.. في الحقيقة الجميع ينادي بحريّة الصحافة والجميع مؤمن بأنه لا يمكن أن يتطور الإعلام دون حريّة... لكن في كل حالة - وانطلاقا من هذه الحريّة- يتم التعرض إلى هيئة عمومية بالنقد يكون ردّ الفعل بقبول هذا النقد بشيء من التحفظ وأحيانا أخرى بحدّة قد تتجاوز المعقول... والإشكال الأساسي في رأيي يتمثل في تحديد الحاجز الفاصل بين النقد والثلب وعادة ما يصعب على غير المحترفين رسم هذا الحدّ.. ومن هنا تأتي أهمية التزام الجميع بأن وظيفة الصحافة بقدر ما يمكن أن تكون وظيفة مساندة ودعم للمكاسب فهي أيضا وسيلة تنبيه للإخلالات والتجاوزات التي يمكن أن تحدث هنا وهناك وهي طبيعية في أي مجتمع وليست ظاهرة مرضية بل ظاهرة صحية وعلامة نمو وتطور للمجتمع... وبالتالي أعتقد أن الزوبعة التي أثيرت مؤخرا هي مؤشر إيجابي كي نسائل أنفسنا حول ما يمكن أن ينشر وما لا يمكن نشره... ولكن يجب ألا يكون رد الفعل بالحدّة التي تعيق سير العمل الصحفي ويصبح الطرف الناقد للصحافة متسبّبا في عرقلة حريّة الصحافة أما بالنسبة إلى التنظيم القانوني للقطاع السمعي البصري فأقول إن مجلّة الصحافة في تونس تنطبق على كل الوسائل الإعلامية بما فيها التلفزة والصحافة الإلكترونية.. لكن عملية تسيير المؤسسات الصحفية وتنظيم مواردها المالية بما فيها الإشهارية تحتاج إلى نصوص خاصة بالنسبة إلى كل وسيلة إعلامية لهذا تمّ إقرار نص قانون للقطاع السمعي البصري العمومي ونحن في انتظار نص تنظيمي للقطاع السمعي البصري الخاص يتمّ فيه تحديد مختلف الاجراءات المالية والتقنية والإدارية... وهذا النص من المفترض وفقا للتمشي التشريعي الجديد، يمكن أن يكون أساسا في صيغة كراس شروط ملزم لكل الأطراف ومن المنتظر والمأمول أن يكون المجلس الأعلى للاتصال طرفا فاعلا في المنظومة الإعلامية بصفة عامة والسمعية البصرية بصفة خاصة.. وأعتقد أيضا أن صيغة كراس شروط تفرض الحد الأدني من شروط بعث وتسيير مؤسسات إعلامية لها مصداقية وتتوفر فيها الموارد المالية والتجهيزات التقنية والموارد البشرية الأساسية لإنجاز عمل إعلامي له مصداقية وتتوفر فيه شروط الحرفية... لكن كراس الشروط كذلك كفيل بحماية حقوق المجموعة الوطنية من خلال تحديد سقف أدنى للإنتاج السمعي البصري الوطني حفاظا على الثقافة الوطنية وتحديد ضوابط بث الومضات الإشهارية وحماية الفئات الحسّاسة من الجمهور مثل الأطفال وغيرهم وحماية اللغة الوطنية كمقوّم من المقومات الأساسية للهويّة الوطنية وهو في نهاية الأمر كراس شروط يخدم مصالح مختلف الأطراف المعنيّة بالعمل الإعلامي من باعثين وصحفيين ومنتجين وجمهور وسلط عمومية..
الأستاذ سفيان بن حميدة (باحث في علوم الاتصال): «التجاوزات ما كانت لتتواجد لو...» بما أنه إعلام يتوجّه إلى مختلف شرائح المجتمع سواء كانوا أشخاصا أو تنظيمات أو هيئات فإنه من الطبيعي أن تهتمّ مختلف هذه الشرائح بالمضامين الإعلامية أو حتى نقدها أو انتقادها تماما مثلما يهتم الإعلام بمضامين هذه الهيئات والتنظيمات ويعالجها بالنقد وحتى الانتقاد... أما بخصوص التنظيم القانوني للقطاع الإعلامي التونسي فأشير إلى أنه يوجد في تونس قانون ينظم الممارسة الصحفية المكتوبة مجسّما في «مجلة الصحافة» ولأسباب تاريخية وسياسية تتمثل في الهيمنة المطلقة للدولة على وسائل الإعلام السمعية البصرية وكذلك وكالات الأنباء، تمّ استثناء هذه الوسائل من قانون الصحافة.. أما الآن ومع انفتاح الاعلام السمعي البصري على القطاع الخاص فإنه كان من المفترض أن يسبق القانون هذا الانفتاح، وما نشاهده اليوم من تجاوزات في هذا القطاع بالذات لم تكن لتتواجد لو كانت الضوابط الأخلاقية والقانونية مركّزة في أرض الواقع. ويفترض أن يخدم هذا القانون ضرورة المجموعة الوطنية لذلك فإنه حتى وإن أتى متأخرا فإن قانونا ينظم المشهد السمعي البصري سوف يسمح بتنظيم قطاع له تأثير كبير على وعي المواطن وثقافته.. الأستاذ عبد الرحمان كريّم (حقوقي): «الإعلام يجب أن لا يحدّه إلا ضابط أخلاقيات المهنة والمسؤولية..» في البداية يجب التوضيح أن الإعلام الصحفي والاتصالي هو إعلام حرّ لا يحدّه إلا ضابط أخلاقيات المهنة والمسؤولية.. وبالتالي فإنه لا يحق لأي هيكل أن يمارس رقابة مسبقة عليه... طالما أن حرية الرأي والتعبير هي حرية مضمونة في الدستور وأن حق المواطن في الإعلام وحق الإعلامي في تبليغ المعلومة هي حقوق لا تقبل الحد أو المنازعة.. غير أن الإشكال المشار إليه والذي عرفته الساحة الإعلامية في الفترة القريبة الماضية يتعلّق بإمكانية تطرّق الصحفي إلى مسائل خصوصية هي من أنظار القضاء أو من أنظار الهيئات المهنية المختصة بمفردها لإيجاد صيغة لحل الإشكال المطروح ويبقى أن نشير أن استغلال تجاوز صحفي من هذا القبيل لا يمكن أن يؤول إلى حرمان أي مواطن مهما كان انتماؤه المهني من التعبير عن رأيه في وسائل الإعلام المختلفة فضلا عن عدم أحقيّة الهيئات المهنية في ممارسة الرقابة المسبقة أو تضييق على أي مضمون إعلامي بتعلّة احتمال تعرّضه لمسائل مهنية... أما من حيث التنظيم القانوني فأنا من أنصار عدم التسرّع في إصدار القوانين ولكن ذلك لا يحول دون الضبط والتحديد والتقنين شريطة أن يدرس الموضوع بعمق بين جميع الأطراف المتداخلة حتى لا يكون الإطار القانوني المنظم إما عاجزا عن حل كل الإشكاليات الممكنة أو حائلا دون ممارسة إعلامية حرّة ومسؤولة. وفي صورة صدور مثل هذا القانون فإن حقوق كل الأطراف المتدخّلة يجب أن تكون مضمونة باعتبارها حقوق متشابكة ومترابطة ويجب ألا تخدم مصلحة طرف ما على حساب طرف آخر.. فبقدر الاشتراك في المسؤولية يكون الاشتراك في الحقوق.. للتعليق على هذا الموضوع: