مثل عديد الزملاء وصلتني رسالة الكترونية من السفارة الفرنسية حول الاجراءات البيومترية الجديدة التي سيقع اعتمادها لطالبي التاشيرة الراغبين في الدخول الى التراب الفرنسي ممن تجاوزوا ست سنوات من العمر وسيعفى من هم دون ذلك من هذا الاجراء... ويقول نص البلاغ الصادر في هذا الشان ان القنصلية الفرنسية ستبدا اعتماد التاشيرة البيومترية التي تقتضي اخذ البصمات والتقاط صورة رقمية وذلك بداية من 18 ماي الجاري وهو ما يقتضي بالضرورة تقدم كل طالب للتاشيرة شخصيا للمصالح المختصة وذلك تنفيذا لقرارات المجلس الاوروبي منذ شهر جوان 2004 التي اجمعت عليها الدول الاوروبية المنضوية تحت فضاء شنغن وهو ما يعني انه بانقضاء هذا التاريخ فان القنصلية الفرنسية بتونس لن تصدر غير التاشيرات البيومترية. ولكن ما الذي سيتغير وفق هذه الاجراءات؟ يشير البلاغ المذكور انه سيتعين وفقا لذلك على كل راغب في الحصول على التاشيرة ان يحصل على موعد عن طريق الموزع الصوتي وبمقتضاه يتوجه الى القنصلية لأخذ بصماته والتقاط الصورة الرقمية وسيتم الاعلان في وقت لاحق عن التوقيت الخاص بهذه الاجراءات. ولكن لماذا هذه الاجراءات؟ البلاغ الصادر عن السفارة الفرنسية لم يتوان عن تقديم المعلومة المطلوبة ولم يفوت فرصة توضيح اسباب هذه التغييرات التي اعتبر انها اجراءات لحماية المتقدم للحصول على التاشيرة على اعتبار ان مقارنة المعطيات البيومترية تسهل التعرف على الهوية وانه في حالة ضياع الاوراق الثبوتية او تعرضها للسرقة فان من شانها ان تحمي صاحبها من لجوء أي كان لاستعمالها او تزويرها .كما يضيف المصدر بان الاجراءات البيومترية من شانها ان تسهل مرور المسافر في ممرات العبور وفي مطاري اورلي وشارل ديغول وميناء مرسيليا وانه ستكون في هذه المواقع مكاتب خاصة للمحظوظين اولئك الحاملين للفيزا البيومترية وستحمل هذه المكاتب اشارات خضراء حتى يسهل التعرف عليها... لقد سجلت سنة 2008 منح 88 الف تاشيرة للتونسيين ولم تتجاوز نسبة الرفض 10 في المائة وهو ما يؤكد ان فرنسا تبقى الوجهة الاوروبية الاولى للطلبة ورجال الاعمال والباحثين في مختلف الاختصاصات وهو ايضا ما يفسر ذلك المشهد اليومي وتلك الطوابير الطويلة اليومية للحالمين باقتلاع التاشيرة ورقة العبور الى التراب الفرنسي امام مقر السفارة المعنية بالعاصمة وما يمكن ان يرويه كل من اولئك عن رحلته التي تسبق الاستعداد للموعد المطلوب... والحقيقة انه مهما كانت التبريرات والتفسيرات التي اعتمدتها السلطات الفرنسية والاوروبية في اتخاذ هذا الاجراء فانها لا يمكنها ان تلغي من الاذهان ان عملية اخذ البصمات او التقاط الصور الرقمية تبقى من الاجراءات الامنية التي لا يقبل عليها الناس عموما حتى وإن أقبلوا فبكثير من الريبة... وهي ايضا من الاجراءات التي تاتي بعد اجراءات مماثلة في قوانين الهجرة الجديدة الى اوروبا والتي باتت تعتمد الانتقاء وفق مبدا الانتقال للافضل بين الخبرات والمهارات في الدول النامية.. طبعا لا احد بامكانه ان ينكر على فرنسا او على أي بلد اوروبي حقه في فرض ما يريده من اجراءات جديدة تضاف الى قائمة الاجراءات السابقة والضمانات والوثائق المطلوبة من طالبي التاشيرة المنتسبين للدول المغاربية او العربية للعبور الى اوروبا لا سيما وان امريكا ومنذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر واعلانها الدخول في الحرب على الارهاب قد سبقتها الى اعتماد التاشيرة البيومترية دون ان تسعى لاخفاء اهدافها الحقيقية من وراء ذلك ورغبتها في تعزيز اجراءاتها الامنية في مطاراتها وعلى مختلف حدودها امام المسلمين والعرب وهم على عكس المبدا المتعارف عليه ان كل متهم بريء حتى تثبت ادانته فان هؤلاء متهمون حتى يثبتوا العكس ولذلك كان لا بد من التاشيرة البيومترية "ضمانا لحقوق ومصالح هؤلاء" ممن تجاوزوا سن الست سنوات...