تسببت تأثيرات الازمة المالية العالمية وانخفاض أسعار النفط إلى تعرض قطاعات عديدة في القطاع الخاص في دول الخليج العربي إلى خسائر كبيرة خاصة في مجال الاستثمار الامر الذي أدى ببعض الشركات إلى الاستغناء عن جزء من موظفيها وخفض الرواتب كمحاولة لتقليص التكاليف. وتقدر عدة مصادر أن تكون الشركات الخليجية استغنت منذ سبتمبر من العام الماضي عن أكثر من 45 ألف موظف، بين عمال وموظفين وكفاءات محترفة ومختصة معظمهم من العرب، ويوجد من بينهم متعاقدون تونسيون. تونس الصباح ويتوقع ارتفاع عدد هؤلاء المسرحين إلى 120 ألف موظف بسبب إلغاء وتأجيل مشاريع في المنطقة التي تحولت خلال السنوات القليلة الماضية بفضل مشاريع ضخمة في العقارات والسياحة والتجزئة إلى مركز جذب عالمي لاعداد كبيرة من العاملين الاجانب وخاصة من بين الكفاءات العربية. ومن أبرز القطاعات التي شهدت تسريحا أو تقليصا في العمال والكفاءات قطاع العقارات، المالية والمحاسبة، والقطاع الاستثماري والتسويق. لكن تسريح الكفاءات التونسية لم يشمل المنتدبين في قطاعات حكومية وخاصة منها الصحة والتعليم والبتروكيمياويات. ويقدر عدد التونسيين المتعاقدين العاملين في دول الخليج العربي في مختلف القطاعات بقرابة 8 آلاف موظف متعاقد منهم 14 بالمائة في اختصاصات التعليم والهندسة وطب الاختصاص. لكن هذا الرقم لا يشمل المتعاقدين الذين يظفرون بعقود عمل خاصة بالقطاع الخاص بدول الخليج، دون المرور عبر الوكالة التونسية للتعاون الفني. وتعمل الكفاءات التونسية بدول الخليج أيضا في قطاعات أخرى لاسيما منها قطاعات الصحة والادارة الفندقية والاشغال العمومية والنقل والفلاحة والصيد البحري والاعلام. ويعمل معظمهم خاصة في دولة الكويت. وعادة ما تلتزم الكفاءات التونسية المتعاقدة للعمل بدول الخليج على غرار المنتدبين من بعض الدول العربية الاخرى بتأشيرات الدخول، وتشترط فيهم بعض الدول توفر الخبرة والاقدمية في الاختصاص، كما يلزمون بتراخيص العمل وقوانين العمل والتأمينات الاجتماعية، وتراخيص مزاولة المهنة للاطباء والممرضين وغيرهم. وحسب أحدث تقرير لمنظمة العمل العربية تشترك اليد العاملة الوطنية والعربية المهاجرة فى تفضيل العمل فى القطاع الحكومى أو العام ويواجهان معا منافسة العمالة الآسيوية لضعف أجورها وليس بالضرورة لكفاءتها الارفع. تراجع العمالة الوافدة ب30 بالمائة وتوقع مسؤولو التوظيف في دول الخليج العربي تراجعا لاعداد العمالة الوافدة إلى الدول الخليجية في 2009 بحدود 30% مع تزايد التأثيرات السلبية للازمة المالية، خصوصا في الامارات وقطر والكويت، علما أن عدد الوافدين في المنطقة تجاوز 17 مليونا من إجمالي عدد السكان البالغ 35 مليون نسمة. وفقا لاحصاءات منظمة العمل العربية. وتبقى العمالة الوافدة والتي تشكل أكثر من 90% من مجمل العمالة في القطاع الخاص المتضرر الاكبر من عمليات الاستغناء. وتشير بعض المصادر أن أكثر من 1500 تصريح عمل وتأشيرات مرتبطة به تُلغى في دبي يوميا، في وقت تقوم فيه الشركات بتسريح عامليها في ظل التأثيرات السلبية الناجمة عن الازمة المالية التي امتدت آثارها إلى منطقة الخليج. إلغاء مشاريع بأكثر من 150 مليار دولار وتقدر قيمة المشاريع الملغاة في منطقة الخليج بأكثر من 150 مليار دولار، معظمها لشركات كبيرة. ويتوقع اقتصاديون تباطؤا حادا في النمو الاقتصادي في دول الخليج عام 2010، مع خفض إنتاج "أوبك" من النفط لتحسين الاسعار، والتي تراجعت أكثر من مئة دولار للبرميل منذ منتصف عام 2007 قبل أن تستقر حاليا وبين 60 و70 دولارا للبرميل. تجدر الاشارة أن كبرى الشركات العقارية في دبي مثل "إعمار" و"نخيل" و"تعمير" و"داماك" استغنت عن أكثر من ألفي موظف، معظمهم في قطاع التسويق، بعد تراجع الطلب على العقارات بأكثر من 40%. وتسارع نسق حركة فصل العاملين في الخليج في الاونة الاخيرة، إذ أعلنت عدة شركات خليجية كبرى عن تخفيضات كبيرة في أعداد موظفيها نتيجة توقف بعض مشروعاتها، وتراجع مبيعاتها مؤخرا بسب الازمة المالية، وتواجه الشركات في الكويت الازمة المالية، بإنهاء خدمات 40% من موظفيها، فيما فرضت أخرى على بعض موظفيها إجازات إجبارية تمتد شهورا. ويبدو أن الامارات العربية المتحدة خاصة إمارة دبي الاكثر تضررا في الخليج من الازمة المالية العالمية، وكانت شمل بداية تسريح العمال والموظفين شركات كبرى مثل إعمار ونخيل وداماك. نسبة العمال العرب تناهز 23 بالمائة يذكر أن دراسة صادرة عن الامانة العامة لاتحاد الغرف الخليجية أن العمالة الآسيوية هي المهيمنة على سوق العمل الخليجية، وتشكل %69.9، تليها العمالة العربية بنسبة %23.2، وأن نسبة غير المواطنين تقدر بنحو %78 في الامارات، و%38 في البحرين، و%27.1 في السعودية، و%25.4 في سلطنة عمان، و%60.8 في الكويت. وتتركز معظم العمالة الوافدة خصوصا الآسيوية منها في قطاع الخدمات، ومنها قطاع المقاولات والبناء والتشييد والزراعة وأعمال النظافة وتجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق والنقل والصيد والامن والحراسة لدى منشآت القطاع الخاص، وتتصف هذه العمالة بعدة خصائص تجعلها مقبولة لدى عدد كبير من أصحاب الاعمال وشركات ومؤسسات القطاع الخاص، كتدني المستوى التعليمي والثقافي وبالتالي لا تطلب أجورا مرتفعة وتقبل العمل في ظروف لا يستطيع المواطن الخليجي تحملها أو القبول برواتبها. وكمثال على ذلك تجاوزت أعداد الموظفين المفصولين من أعمالهم في دبي منذ شهر أوت 2008 وحتى بداية شهر أفريل الماضي قرابة ألفي موظفا يتوزعون على القطاعات المتضررة لاسيما العقارات والبنوك جراء الازمة المالية العالمية. وفي الكويت اضطرت شركات تعمل في مجال الخدمات النفطية والعمليات الانشائية إلى تسريح ألفين من عمالتها من المواطنين والوافدين خلال الشهرين الماضيين. كما قامت عدد من الشركات والبنوك المحلية والاجنبية العاملة في قطر بتسريح عدد من الموظفين والعمال لديها. في الوقت الذي أوقفت فيه إدارة العمل بوزارة العمل القطرية معاملات عشرات من شركات القطاع الخاص خلال الفترة الماضية بسبب مخالفتها قانون العمل بتأخير رواتب وأجور عدد كبير من العمال. وفي السعودية تعتبر الشركات الناشطة في مجال البتروكمياويات وانتاج الصلب والحديد والاسمنت من أكثر الشركات التي لجأت إلى تسريح جزء من موظفيها.