تونس «الصباح» سعت الحكومة الى مساندة المؤسسات الإقتصادية ومساعدتها على مجابهة مخلفات الأزمة العالمية التي لم تكن بمنآى عنها باعتبار ارتباط أغلبها بالأسواق العالمية وخاصة السوق الأوروبية التي تضررت بشكل مباشر بتداعياتها. وقد عملت الدولة على حماية هذه المؤسسات ودعمها خلال هذا الظرف الحالي وذلك باتخاذ اجراءات ظرفية خصصت لمساندتها. هذه الإجراءات تضمنها القانون عدد 79 لسنة 2008 المؤرخ في 30 ديسمبر 2008 والمتعلق باجراءات ظرفية لمساندة المؤسسات قصد مواصلة نشاطها وخاصة المؤسسات المصدرة كليّا. وقد مكنت هذه الإجراءات خاصة منها الاجتماعية خلال الخمسة أشهر الأولى من هذه السنة من انتفاع حوالي 45 ألف عامل وانتعاش عدد هام من المؤسسات الا ان هذه الفترة لم تكن كافية لمواجهة تداعيات الأزمة التي مازالت متواصلة ولا أحد بامكانه التنبؤ بموعد انفراجها وهو ما دفع بالدولة الى مواصلة ايجاد السبل الكفيلة بدعم ومساندة النسيج المؤسساتي من خلال مواصلة العمل بأحكام القانون مع أدخال بعض التعديلات ليكون أكثر استجابة لمتطلبات هذه المرحلة ويمكن المؤسسة من الصمّود أمام الأثار السلبية لهذه الأزمة. تراجع الطلبيات اثر على المؤسسات المصدرة يقول السيد جميل بن ملوكة رئيس الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة بتونس وصاحب شركة مصدرة في قطاع النسيج والملابس أن الازمة الاقتصادية شكلت منعرجا خطيرا في الاقتصاد العالمي وهو ما انعكس بشكل مباشر على جميع المؤسسات الاقتصادية سواء في البلدان النامية أو غيرها من الدول الأخرى خاصة المرتبطة بالاتحاد الأوروبي والتي تعتبر تونس جزءا منها وقد انعكست هذه الأزمة على اقتصادنا الوطني بشكل مباشر تمثل في تراجع الطلبيات خاصة في قطاع الميكانيك ومكونات السيارات والنسيج والملابس غير أن الاجراءات التي تم اتخاذها بمقتضى قانون مساندة المؤسسات الاقتصادية خففت بشكل كبير من حدة هذه الازمة وانعكاساتها على السوق المحلية خاصة من خلال تشجيع هذه المؤسسات على المحافظة قدر الإمكان على مواطن الشغل ودعم الانتاج، وينتظر أن تشهد المؤسسات دفعا جديدا بعد التمديد في ما جاء به القانون للمدة الاضافية والتي حسب المؤشرات الأولى لمنظمة التجارة العالمية من الممكن أن تكون كفيلة بتدارك مخلفات الأزمة وعودة الروح الى الاقتصاد العالمي. اجراءات هامة تتعلق بتوسيع البرنامج الثاني لاقتحام الأسواق الخارجية وتوسيع تدخل صندوق النهوض بالصادرات خاصة لفائدة المؤسسات التي تمرّ بصعوبات والترفيع في الميزانية المخصصة للمعارض والصالونات وتكثيف حملات ترويج المنتوج السياحي والتي من شأنها أن تزيد من اداء المؤسسات وتضاعف ثقتها في الدولة وتحدّ من عمق تخوفها من مخاطر الأزمة. ومن جهته يقول السيد حسام عامر رجل أعمال ينشط في مجال النقل الدولي لزيت الزيتون والمنتوج الفلاحي أن هذه الإجراءات كفيلة بدعم المؤسسات الاقتصادية وتشجيعها على مواصلة ادائها وتطوير القدرة التنافسية لديها خاصة في الجانب المتعلق بالترفيع في الميزانية المخصصة للمعارض والصالونات وتكثيف الحملات الترويجية، فالتوجه الى المعارض هو بدوره عنصر فاعل في ايجاد أسواق بديلة وربط علاقات شراكة بين المهنيين ورجال الأعمال من مختلف دول العالم وبحث المقترحات والحلول البديلة وتنمية أطر التعاون بين جميع القطاعات المكونة للاقتصاد العالمي والبحث عن أسواق خارجية هو بدوره هاجس كل رجل أعمال يسعى الى تحقيق الأفضل. بالإضافة الى ذلك فان عنصر تيسير إجراءات التجارة الخارجية وتطوير البنية الأساسية من شأنه أن يكون حافزا لدفع هذه المؤسسات الى البحث عن سبل مواجهة الأزمة والتصدي لمخلفاتها. وبالمقارنة مع بعض الدول العربية فإن القدرات التونسية تتميز بالحرفية والاتقان في جميع الميادين خاصة منها المتعلقة بالتجارة الخارجية والتصدير أضف الى ذلك ما تتميز به تونس من موقع جغرافي مميز وحسن تعاملها مع الدول الأخرى، كل هذه العناصر جعلت من تونس وجهة استثمارية هامة تسعى كل الدول الى دخول أسواقها فهي الى جانب ذلك تتميز ببنية أساسية متينة وعناية بالغة بالموارد البشرية التي هي أساس تطور كل منظومة مهما كانت اقتصادية أو غيرها. ولم تكن المؤسسات المختصة في قطاع الإلكترونيك بعيدة عن تداعيات هذه الأزمة بل هي أيضا معرضة لمثل هذه التخوفات وهو ما أكده السيد حسيب الزّغل مدير عام شركة COFITEL متعددة الجنسيات تنشط في مجال الإلكترونيك حيث يقول ان الإجراءات التي انتفعت بها المؤسسات المصدرة من شأنها أن تزيد من دفعها وأدائها خاصة منها بعض المؤسسات التي أصبحت مهددة وفي حاجة أكيدة الى تدخل فوري يعفيها من الدخول في دوامة الغلق وتسريح العمال. وهذا الإهتمام الذي توجهه الدولة الى المؤسسات الاقتصادية من شأنه أن يكون حافزا لمؤسساتنا لمزيد الإصرار على البقاء ومواجهة هذه الأزمة التي هزت العالم وأثرت بشكل مباشر على اقتصادنا الوطني لاسيما في الجزء المتعلق بالمؤسسات المصدرة ثم إن تنفيذ الاجراءات الهيكلية الرامية الى دعم مقومات التنمية الشاملة وخاصة دفع نسق إنجاز مشاريع البنية الاساسية والتجهيزات الجماعية والنهوض بالقطاعات الواعدة والأنشطة المتجددة كلها عناصر دعم للإقتصاد الوطني ونقاط قوة تحسب لدولتنا باعتبار ما اتخذته من اجراءات وقائية، وقد بينت المرحلة الأولى من هذه الإجراءات مدى نجاعتها ومدى انتفاع المؤسسات الاقتصادية منها خاصة على المستوى الإجتماعي، وطبيعي جدا أن يعود المضي في نفس النسق الاجرائي بالفائدة على جل المؤسسات التي تعاني من صعوبات اقتصادية.