من أجل مزيد من التوضيح حول هذا الموضوع اتصلنا بالسيد علي النكاعي كاتب عام الجامعة الوطنية للنسيج بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة التقليدية. لا يمكن ان ننكر ان قطاع النسيج والملابس في تونس ينتفع بجملة الإجراءات الرئاسية المتعلقة بالنهوض بالصادرات ومراجعة تدخل صندوق النهوض بالصادرات "فوبروداكس" باعتباره يكتسي أهمّية بالغة ويضطلع بدور حيوي في الاقتصاد الوطني منذ عديد السنوات إلا أن حجم الاستهلاك في قطاع النسيج تراجع في السوق الأوروبية خلال الثلاثية الأولى من سنة 2009 بنسبة 2.3 تراجع ملحوظ على مستوى التصدير والتوريد حيث تراجعت قيمة الصادرات بنسبة 22.5 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من عام 2008 وحسب آخر المؤشرات التي نشرها المركز الفني للنسيج لشهر مارس فقد تراجعت قيمة الواردات بنسبة 10.4 بالمائة مع هبوط طفيف في حجم الواردات بنسبة 1 بالمائة جراء الأزمة الاقتصادية التي شهدها العالم منذ أواخر السنة الماضية وقد يصل هذا التراجع إلى حدود 8 بالمائة بنهاية العام الجاري حسب ما تبينه المعطيات الأولية وهذا ما يجعل أهل القطاع والمهنيين في حالة خوف من التأثيرات السلبية للأزمة نتيجة تباطؤ حصولهم على مستحقاتهم المالية نظرا لتمديد آجال الاستخلاص من قبل حرفائهم الأوروبيين، الذين يواجهون بدورهم صعوبة في بيع منتوجاتهم بسبب تراجع الطلب. علما أنّ أغلب المؤسسات المستثمرة في قطاع النسيج بتونس هي مؤسسات أوروبية والتراجع المسجل في الصادرات شمل تقريبا كل المواد التي نصدرها وكل الأسواق التي نتعامل معها وهذا يعود إلى طبيعة السوق التي نتعامل معها وأحواله المتقلبة وفي المقابل هناك مساعي حثيثة لإنقاذ بعض المؤسسات وإعادة فتح مصانع أخرى وأمام هذه الصعوبات التي تواجهها السوق العالمية يجب العمل على اتخاذ خطط عملية للانتفاع من الطلبيات الصغيرة والتي من شانها أن تنعش المصانع الصغيرة بتونس وتوفر السيولة في السوق وقد تنتفع أسواقنا من هذه الطلبيات الصغيرة والتي يطالب بها الحرفاء الأجانب في اجل سريع وبتكاليف معقولة عوض اللجوء إلى الأسواق المنافسة والتي تقوم معاملاتها مع الأسواق الأوروبية على الكميات الكبيرة والآجال البعيدة ويعتبر توجّه الموزعين ومسدي الأوامر بأوروبا إلى تنويع مصادر التزويد بمنتوجات النسيج والتركيز على الأسواق القريبة كبلدان شمال إفريقيا أمرا ايجابيا وجب الانتباه إليه وهنا يجب على مهنيي القطاع التأقلم مع السلوكيات الاستهلاكية الجديدة التي أفرزتها الأزمة الاقتصادية لتجاوز مخلفاتها وتسعى الدولة من جهتها إلى إيجاد حلول جذرية للتأقلم مع الوضع حيث ستتمّ عملية تقييم تدخلات الدولة لفائدة قطاع النسيج وهو ما سيمكن من معرفة فاعلية الإجراءات الحكومية الأخيرة لمساندة الشركات الأكثر تضررا بالأزمة وبالتالي سيتمّ اتخاذ قرارات هامة بشأنها وبدا مجهودها واضحا من خلال جملة التدابير التي اتخذتها لمساندة المؤسسات الاقتصادية التي تشهد تقلصا في نشاطها ومن بينها تكفل الدولة بنسبة 50 بالمائة من مساهمة الأعراف في نظام الضمان الاجتماعي خلال فترة اللّجوء إلى التخفيض ب8 ساعات على الأقل في ساعات العمل بسبب تقلص نشاط المؤسسة.كما تتكفل بمساهمة الأعراف في نظام الضمان الاجتماعي خلال فترة إحالة العمال على البطالة الفنية نتيجة تقلص نشاط المؤسسة المرتبط بالأسواق الخارجية. وتتكفل بنسبة 50 بالمائة من تكلفة التأمين المستوجبة على عقود تأمين صادرات المؤسسات مع حثّ الشركة التونسية لتأمين التجارة الخارجية على القيام بإعادة تأمين المخاطر. وتكفل الدولة بنقطتين اثنتين من نسبة فوائض القروض الناتجة عن عمليات إعادة الجدولة لفائدة المؤسسات المصدرة . حسب المعطيات التي وفرها المركز الفني للنسيج فالتراجع يمكن أن نتبينه تحديدا على بعض الطلبيات مثل سراويل الجينز بقيمة 30.1 بالمائة، أمّا ملابس العمل فقد شهدت هي الأخرى انخفاضا في قيمة صادراتها 28.1 بالمائة رغم أن تونس تعتبر بالنسبة إلى السوق الأوروبية المزوّد الخامس بالملابس والمزوّد الثاني بملابس البحر، والمزود الثالث ببنطلونات الجينز وملابس العمل، أما الملابس الداخلية فقد تراجعت قيمة صادراتها بنسبة 26.9 بالمائة فيما هبط حجمها بنحو 30.5 بالمائة. و الشأن نفسه بالنسبة إلى الملابس الجاهزة حيث تقلصت قيمة صادراتها بنحو 33 بالمائة فيما تراجع حجمها بنحو 25 بالمائة. وضعيات معقدة لا يمكن إنكارها إلا أن المساعي حثيثة لمجابهة المضاعفات خاصة في البحث عن الحلول البديلة بالتوجه إلى أسواق جديدة وتطوير الرؤيا من خلال المشاركة في الصالونات والمعارض والندوات بالخارج وإقامة صالونات دولية بتونس على غرار" تاكست ماد " الذي سينطلق خلال الشهر المقبل كما يمكن الاستفادة من اتفاقية اغادير في المناطق المنخرطة والتي يتطور فيها سوق النسيج تطورا استثنائيا وما يمكن ان نشير إليه في هذا الصدد ان مركز النهوض بالصادرات قام بالعديد من المبادرات لإيجاد حلول يواجه بها بلادنا أزمة التصدير من خلال التفاوض والبحث عن أسواق بديلة من خلال إيفاد بعثات مختصة إلى الأسواق الإفريقية مثل الكامرون الكونغو الغابون ساحل العاج وغيره من الدول الأخرى وتبشر المعطيات الأولى بكل خير.