اكرم الرئيس زين العابدين بن علي الاسرة التربوية والجامعية والمتفوقين من التلاميذ والطلبة في امتحانات اخر السنة المدرسية والجامعية وذلك خلال اشرافه على موكب انتظم صباح امس الاثنين احتفالا بيوم العلم. وتميز هذا الموكب الذي ضم رجالات التربية والتعليم والثقافة والاعلام وكفاءات علمية وشخصيات وطنية بتكريم وتقدير ساميين لرئيس الدولة من قبل الاولمبياد الخاص الدولي ممثلا في رئيسه الاقليمي المهندس ايمن عبد الوهاب واكاديمية العلوم الدينية بصقلية ممثلة برئيسها الاستاذ انطونيو راسبونتي وذلك بتسلم سيادة الرئيس على التوالي الجائزة الدولية للاولمبياد الخاص الدولي والجائزة التقديرية الخاصة للاكاديمية بصقلية. والقى رئيس الجمهورية بهذه المناسبة كلمة اكد فيها بالخصوص انه لا سبيل لكسب رهانات العصر وتجاوز تحدياته الا بسلاح العلم والمعرفة ومزيد الجهد والاجتهاد لمواكبة التحولات العالمية في شتى الميادين واعداد اجيال كفأة طموحة. وابرز مدى ما يوليه من أهمية للموارد البشرية باعتبارها الرصيد الابقى والسبيل الاقوم لتحقيق الاهداف الوطنية في التنمية والتقدم مبينا ان قطاعات التربية والتكوين والتعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا تظل في مقدمة الاولويات الوطنية ومحور اصلاح وتطوير متواصلين. واعلن رئيس الدولة في هذا الصدد عن جملة من القرارات تتعلق باحداث مركز وطني للادماج التكنولوجي في التربية والتكوين ووضع معجم في اللغة العربية واعداد موسوعة تونسية تعرف باعلام البلاد ومدنها واماكنها واحداث مدرسة وطنية للمهندسين ببنزرت انطلاقا من السنة الجامعية القادمة. كما قرر سيادة الرئيس الشروع بداية من السنة الجامعية المقبلة في انجاز المرحلة الثانية المتعلقة بشهادة الماجستير الى جانب مزيد التقدم في ابرام عقود البرامج بين الدولة والمؤسسات العمومية للبحث العلمي وايجاد شراكة ناجعة ومتكاملة بين هياكل البحث العمومية والمؤسسات الاقتصادية. وتولى رئيس الدولة بعد ذلك تقليد عدد من رجال التربية والتعليم العالي وسام الاستحقاق الوطني بعنوان قطاع التربية والعلم تقديرا لاعمالهم وجهودهم في مجالات نشاطهم وتكريما للاسرة التربوية والجامعية في هذه المناسبة الوطنية الهامة. ثم اسند سيادة الرئيس جائزة رئيس الجمهورية للبحث العلمي والتكنولوجيا بعنوان سنة 2009 الى مخبر معالجة ورسكلة المياه ومخبر زراعة المناطق الجافة والواحات. كما اكرم المؤسسات التعليمية التي نشطت لجان صيانتها باسنادها جائزة رئيس الجمهورية في مجال الصيانة بعنوان سنة 2009 واثر ذلك تولى الرئيس زين العابدين بن علي تسليم جوائز رئيس الجمهورية للمتفوقين والمتفوقات في مختلف امتحانات الشهادات الوطنية وذلك تكريما واحتفاء بالمجتهدين المتميزين من التلاميذ والطلبة في سائر المدارس والمعاهد والجامعات التونسية. وحضر هذا الموكب الوطني الوزير الاول ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين ومفتى الجمهورية واعضاء الديوان السياسي للتجمع الدستوري الديمقراطي واعضاء الحكومة. كما دعي لحضوره الامناء العامون للاحزاب السياسية ورؤساء المنظمات الوطنية والهيئات القائمة والمجالس الاستشارية وعدد كبير من اطارات التربية والتعليم. وفيما يلي نص كلمة الرئيس زين العابدين بن علي: «بسم الله الرحمان الرحيم ايها السادة والسيدات اجدد اللقاء بكم في هذه المناسبة الوطنية المتميزة التي دابنا على الاحتفاء بها كل سنة تكريما للعلم واهله وتاكيدا للاهمية التي نوليها لمواردنا البشرية باعتبارها رصيدنا الابقى وسبيلنا الاقوم لتحقيق اهدافنا في التنمية والتقدم. واذ اتوجه الى سائر افراد اسرة التربية والتكوين والتعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا باحر التحيات وابلغ مشاعر التقدير على ما يؤدونه من اعمال قيمة وما يبذلونه من جهود سخية لفائدة اجيالنا وبلادنا فاني اهنىء كل ابنائنا وبناتنا التلاميذ والطلبة المتفوقين في مختلف الشهادات وكذلك سائر الفائزين بالاوسمة والجوائز من المربين والباحثين والمؤسسات التربوية والذين سنكرمهم جميعا بعد حين. واعرب عن جزيل شكري للدكتور انطونيو راسبانتي رئيس كلية العلوم الدينية بصقلية لاسناده الي الجائزة التقديرية لهذه الكلية مكبرا طيب مشاعره نحو تونس وتنويهه بدورها في التشجيع على الحوار بين الثقافات والحضارات والاديان لاسيما في منطقتنا المتوسطية. واعرب عن جزيل شكري للمهندس ايمن عبد الوهاب الرئيس الاقليمي للاولمبياد الخاص الدولي لاسناده اليّ الجائزة الدولية لهذه الاولمبياد مثنيا على كلماته اللطيفة التي توجه بها نحو تونس وقيادتها ومكبرا العمل الرياضي والثقافي النبيل الذي تقوم به هذه المنظمة لفائدة المعوقين في العالم. ايها السادة والسيدات لقد وضعنا قطاعي التربية والتكوين والتعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا في مقدمة اولوياتنا الوطنية. وتعهدناهما بالاصلاح والتطوير وخصصنا لهما ثلث ميزانية الدولة. وشملنا سائر الجهات بشبكة كبرى من المدارس والمراكز والمعاهد والكليات يؤمها اليوم اكثر من ثلاثة ملايين من التلاميذ والطلبة. كما تمكنا من تكريس الجودة في منظومتنا التربوية ومن مسايرة المعايير الدولية المعروفة في هذا المجال بما ساعدنا على تحسين النتائج المدرسية والجامعية والرفع من نسب الارتقاء والنجاح في مختلف مراحل التعليم الابتدائي والعالي. وسنواصل تعهد هذين القطاعين بالمتابعة والتطوير والتجديد حسب رؤية استشرافية متكاملة تاخذ في الاعتبار ما تشهده بلادنا من تحولات مع كل مرحلة وتواكب ما يجري في العالم من مستجدات متنوعة في المضامين والمناهج والعلوم والتكنولوجيا. ففي ما يخص التعليم الابتدائي يجري اليوم تقويم شامل ودقيق لمؤسساتنا التربوية بغية تجاوز النقائص ودعم الايجابيات لاسيما على مستوى الاداء والنتائج. كما اننا نعمل على توظيف التكنولوجيات الحديثة للاتصال والمعلومات في العملية التعليمية من خلال تجهيز مؤسساتنا بالمعدات الاعلامية وربطها بالشبكة العالمية للمعلومات. ودعما لهذه الجهود ناذن باحداث مركز وطني للادماج التكنولوجي في التربية والتكوين يسهر على تحقيق الاستغلال الامثل للامكانيات المتوفرة وتحسين المناهج والمضامين في مجالات تدريس الاعلامية مع الاتجاه تدريجيا الى احكام استثمار ما توفره الاعلامية ذاتها في تدريس بقية المواد وذلك قصد الارتقاء بمهارات تلاميذنا ومكتسباتهم الى مستوى المعايير الدولية. واوصي كذلك بتوفير افضل ظروف العمل للمربين حتى يضطلعوا برسالتهم النبيلة على اكمل وجه وبتطوير مناهج التكوين والرسكلة لاطارات التربية والتكوين بما يضمن تحسين ادائهم البيداغوجي ويدعم قدراتهم على الارتقاء بمكتسبات التلاميذ الى احسن المستويات. ومن منطلق ايماننا بان الحياة المدرسية تشكل رافدا اساسيا في المنظومة التربوية ندعو الى مواصلة تطوير الانشطة الثقافية والرياضية ودعم فضاءات الحوار بالوسط المدرسي بالتعاون مع المنظمات والجمعيات الناشطة في الحقل التربوي. وحرصا منا على ترسيخ الهوية الوطنية لدى ناشئتنا واثراء تكوينهم وتقوية اعتزازهم بثقافة بلادهم وبامجادها واعلامها في مختلف شؤون الحضارة والمعرفة والفنون واللغة والادب ناذن لوزارة التربية والتكوين بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا ووزارة الثقافة والمحافظة على التراث بوضع معجم في اللغة العربية سهل التناول مواكب للعصر وباعداد موسوعة تونسية تعرف باعلام بلادنا وبمدنها واماكنها يعهد باعدادهما الى نخبة من ذوي الاختصاص. اما فيما يتعلق بمنظومة التكوين المهني فاننا ندعو الى مزيد العناية بتنمية الكفاءات وصقل المهارات التي تتلاءم مع التحولات الاقتصادية وحاجيات سوق الشغل مع تعزيز التوجه الهادف الى تكريس الشراكة بين جهاز التكوين ومؤسسات الانتاج. ونؤكد في هذا المجال الحاجة الى مزيد العناية بتكوين المكونين ودعم المراكز بالتجهيزات المناسبة والترفيع في طاقة الايواء بها. واما بشان قطاع التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا فقد عززنا هياكله التنظيمية ومضامينه التكوينية واختصاصاته العلمية. وارتفعت نسبة الطلبة الى 37 فاصل 3 بالمائة من بين الذين تتراوح اعمارهم بين 19 و24 سنة. وفاقت نسبة المسجلين في اجازات العلوم والتكنولوجيا 42 بالمائة وتجاوز عدد طلبة الاعلامية هذه السنة 50 الف طالب وتخرجت اول دفعة من حاملي شهادات الاجازة من نظام امد الذين لهم فرص مواصلة الدراسة في نظام الماجستير او الانتصاب للحساب الخاص. كما ترسخ توجه منظومة التعليم العالي نحو تنامي عدد خريجي الشعب الواعدة على غرار الاعلامية والملتيميديا والفنون والحرف والدراسات التطبيقية في الانسانيات واللغات التطبيقية ليفوق 15 الف طالب يمثلون نسبة 31 فاصل 8 بالمائة من مجموع الخريجين. وناذن اليوم بعد اكتمال المرحلة الاولى من الاصلاح على مستوى الاجازة بالشروع بداية من العودة الجامعية المقبلة في انجاز المرحلة الثانية المتعلقة بشهادة الماجستير. وستختم هذه الشهادة بصنفيها المهني والبحثي بتكوين يدوم سنتين دراسيتين بعد الاجازة. كما ستتيح عروض التكوين فرصة توجيه ثلثي الطلبة نحو الماجستير المهني وتوجيه الثلث الاخر نحو ماجستير البحث. لقد سعينا خلال السنوات الاخيرة الى فتح الافاق امام حاملي الشهادات العليا لمواصلة دراساتهم وتعميق معارفهم واذنا بمضاعفة طاقة الاستيعاب في مرحلة الماجستير المهني والرفع من عددها مسايرة للانظمة التعليمية في العالم المتقدم واستجابة للحاجيات الوطنية. وارتفعت خلال هذه السنة اعداد الطلبة المسجلين في الماجستير بجميع اصنافه لتتجاوز 30 ألف طالب اذنا بالحرص على تاطيرهم في احسن الظروف حتى ينتجوا اعمالا علمية قيمة تسهم في تعزيز مسيرة التنمية الوطنية الشاملة. واصبح التكوين الهندسي خاصة من اولويات التكوين الجامعي فتدعم الاهتمام بمجال التكوين الهندسي ضمن اطار المشاريع الكبرى التي سيقع انجازها واستجابة للطلبات الاضافية لاسواق الشغل الخارجية. وكنا اوصينا بمزيد العناية بجودة التكوين وتشغيليته واعتماد برنامج للاشهاد في المجال حتى تتلاءم برامج التكوين مع المواصفات المطلوبة في سوق الشغل. وناذن في السياق نفسه باحداث مدرسة وطنية للمهندسين ببنزرت انطلاقا من السنة الجامعية القادمة. ونشير في هذا الصدد الى ارتفاع عدد المقبولين من حاملي الاستاذيات العلمية والتقنية في المناظرات الخصوصية العادية والاستثنائية لدخول السنة الثانية من مراحل التكوين الهندسي. كما تواصل تحسن نسبة الخريجين في الاختصاصات العلمية والهندسية خلال سنة 2008 حيث بلغت 11 فاصل 7 في الالف من الشريحة العمرية بين 20 و29 سنة. وفي نطاق تطوير منظومة التعليم العالي انخرطت الجامعات ومؤسساتها في منهجية التعاقد مع الدولة وصاغت عقود البرامج والمشاريع الكفيلة بتحقيق الاولويات الاستراتيجية الوطنية في وثيقة مشروع المؤسسة وفي اطار النفقات على المدى المتوسط. وهي علاقة ترمي الى دعم استقلالية الجامعات واطلاق حرية المبادرة وارساء الجودة تكوينا وبحثا وتصرفا مع التفتح على المحيط وتمكين المؤسسات من مرونة اكبر في التصرف بناء على مبادىء التقويم والتفاوض والشفافية والمساءلة اللاحقة. ونحن نعمل من جهة اخرى على تجديد منظومة البحث الوطنية وتطويرها باستمرار حتى تكون قادرة على مؤازرة قطاع الانتاج وخدمة اهدافنا التنموية. وقد ابرمنا في هذا المجال عقود برامج في اربعة قطاعات اساسية هي البيوتكنولوجيا وتكنولوجيات الطاقة وتكنولوجيات المياه والبحوث الاقتصادية والاجتماعية. وناذن بمزيد التقدم في ابرام عقود البرامج بين الدولة والمؤسسات العمومية للبحث العلمي. كما نوصي بايجاد شراكة ناجعة ومتكاملة بين هياكل البحث العمومية والمؤسسات الاقتصادية بما يفضي الى تعزيز قدراتنا الوطنية في البحث والتطوير وفي توفير فرص ارحب امام مؤسساتنا الاقتصادية لتنويع انتاجها وترويجه باكثر ما يمكن من الجودة والحرفية. ولاشك ان الوكالة الوطنية للنهوض بالبحث والتجديد التي كنا اذنا باحداثها ستساعد على تنظيم الشراكة بين منظومتي البحث والانتاج ودفعهما الى مزيد التطور والنجاعة. وانطلاقا من ايماننا الراسخ بان تقدم الشعوب يقاس بمدى تحكمها في العلوم والتكنولوجيا وقدرتها على توظيفهما لتنويع النسيج الاقتصادي واستحثاث نسق النمو كنا قد بادرنا كذلك باحداث لجنة رفيعة المستوى للعلوم والتكنولوجيا تضم نخبة من الكفاءات الوطنية المرموقة في الداخل والخارج تتولى المساهمة في بلورة استراتيجية متكاملة للنهوض بالقطاعات ذات المحتوى التكنولوجي العالي بما يجعل من تونس قاعدة تكنولوجية متقدمة. واذ نعبر بهذه المناسبة عن تقديرنا لتجاوب هذه الكفاءات مع مبادرتنا ولحماسها في الاشتراك معنا في تحقيق الاهداف الوطنية المنشودة فاننا نجدد حرصنا على المضي قدما في هذا التوجه ولاسيما فيما يخص تكوين الموارد البشرية المقتدرة واعداد الفضاءات المناسبة وتهيئة البنية الاساسية الملائمة والاحاطة الشاملة بالمؤسسات المندرجة في هذه المنظومة. ايها السادة والسيدات إننا واثقون بان المربين والمكونين والاساتذة الجامعيين والباحثين يدركون جميعا ان لا سبيل لكسب رهانات العصر وتجاوز تحدياته الا بسلاح العلم والمعرفة ومزيد الجهد والاجتهاد لمواكبة التحولات العالمية في شتى الميادين واعداد اجيال كفأة طموحة لها من الروح الوطنية وعمق التكوين وقوة العزيمة ما يؤهلها لتامين العزة والمناعة لبلادنا والرقي والازدهار لشعبنا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».