دخلا السجن في إيطاليا لسنة فانقطعت أخبارهما نهائيًا منذ سنوات تونس الصباح تتالت في السنوات الأخيرة أخبار اختفاء أو موت تونسيين مهاجرين بالخارج في ظروف غامضة، ووصل الأمر بعائلات هؤلاء إلى التقدم بشكاوى للكشف عن الأسباب الحقيقية لهذه الاختفاءات متهمين أطرافًا عديدة بالتسبب فيها، إذ تطالعنا وكالات الأنباء والصحف الأجنبية كل يوم بأخبار جديدة في هذا الصدد. وما دفعنا لهذه المقدمة قصة شابين تونسيين هاجرا إلى الخارج واختفيا في ظروف غامضة، وقد اتصلنا بعائلتيهما وببعض المصادر المقربة منهما لمحاولة إلقاء أكثر ما يمكن من الضوء على الموضوع. الحلم الوردي «مكرم» و«كريم» هما شقيقان شابان أصيلا الساحل التونسي ضاقت بهما السبل نظرًا لفشلهما في العثور على عمل يرتزقان منه رغم مساعيهما العديدة في هذا الاتجاه ففكرا في الهجرة إلى إيطاليا باعتبار أن العديد من أبناء الجهة هاجروا ألى هناك ونجحوا في الحصول على عمل والاستقرار خارج أرض الوطن في أحسن الظروف ولكنهما فضلا أن يسافر أحدهما أولاً ثم يلتحق به الثاني بعد أن يضمن الأول مقر الإقامة وهو ما تم فعلاً إذ هاجر الشقيق الأول خلال شهر أفريل من سنة 2006 إلى إيطاليا واختار بعد مدة من سفره الاستقرار بجزيرة صقلية ونجح في العثور على عمل لدى فلاح واستقر بالسكن في ضيعته وتحسنت ظروفه وابتسمت له الحياة هناك، وبعد مرور قرابة عام على هجرته، التحق به شقيقه للعمل معه بنفس الضيعة كما تقاسما السكن فيها. تهمة كيديّة وأحكام بالسجن تواصلت حياة الشقيقين على أحسن ما يرام فأصبحا يفكران في المستقبل بفرحة وتفاؤل، ولكن جرت الرياح بما لم تشته سفينتهما إذ توترت علاقتهما لسبب لا تعرفه العائلة مع مؤجرهما الذي أعلمهما في النهاية برغبته في الاستغناء عن خدماتهما رافضًا في نفس الوقت خلاصهما، وعندما تمسكا بالحصول على مستحقاتهما عمد مؤجرهما المذكور إلى اتهامهما بالسرقة وتمت إحالتهما على أنظار القضاء الإيطالي الذي قضى بسجنهما لمدة عام. وطوال الفترة السابقة لدخولهما السجن كان الشابان على اتصال دائم بعائلتهما، كما أنهما كانا يرسلان الأموال بصفة مستمرة إلى والدهما، وبحصول المنعرج بدخولهما للسجن انقطعت أخبارهما كليًا عن عائلتهما. موت والدهما حسرة عليهما وبقيت العائلة تنتظر انتهاء العقوبة ليعود التواصل هاتفيًا مع ابنيهما إلا أن فترة العقاب انقضت ومرت الأيام ثم الأسابيع فالأشهر ولا خبر عن فلذتي كبدها اللذين اختفيا نهائيًا دون أن يتركا وراءهما أي أثر فانطلقت رحلة البحث عنهما من قبل العائلة والأقارب من خلال الوسائل المتاحة لهما كالاتصال بالقنصلية ومقابلة المسؤولين والجهات المختصة للحصول على أي معلومة أو خبر يمكن أن يعيد الأمل إلى هذه العائلة ولكن تتالت الأيام والأعوام ولم يرد أي خبر عن الشابين. ومن شدة حسرة والدهما عليهما وافته المنية ألمًا ولوعة على فلذتي كبدة وأصبحت العائلة تعيش مأساة حقيقية باعتبار أنها لا تعلم المصير الحقيقي لابنيها، ولم تعثر على أي خيط يقودها إليهما ولذلك فهي تناشد السلط إعانتها في رحلة البحث عن ابنيها حيين أو ميتين.