«التحقيق البريطاني في حرب العراق لن يكون محاكمة لأي كان...» تونس "الصباح" قال السفير البريطاني كريس اوكونور ان التحقيق البريطاني في الحرب على العراق لن يكون محاكمة لاي كان وان الهدف من التحقيق الاستفادة مستقبلا من كل القرارات التي صاحبت تلك الحرب واقر السفير البريطاني بان احد اكبر التحديات في افغانستان مرتبطة بحرب العصابات والحرب على المخدرات وقد نفى اوكونور في حديث خص به "الصباح" بالتزامن مع انتهاء الحملة الانتخابية الافغانية وحلول موعد الانتخابات الرئاسية يوم الخميس القادم علمه باي مفاوضات او محادثات رسمية جارية بين الحكومة البريطانية وحركة "طالبان" الافغانية وقال السفير البريطاني ان المعركة في افغانستان لا تزال صعبة ومعقدة واشار الى انه من الصعب استباق الاحداث بشان نتائج الانتخابات الافغانية وقال اوكونور انه لا يمكنه "ان يكون متفائلا او ان يتوقع ان تكون نتائج الانتخابات بلا صعوبات"... وقد امتد الحديث ليشمل جانبا من العلاقات بين تونس وبريطانيا وفي هذا المجال كشف السفير البريطاني عن بعض المشاريع الثنائية المستقبلية في عديد المجالات ووصف مشروع التعاون بين المركز الثقافي البريطاني ووزارة التربية لتعليم الانقليزية في مختلف المدارس الاكبر من نوعه في المنطقة وفيما يلي نص الحديث: * قبل اربعة ايام على موعد الانتخابات الافغانية يعود المشهد الافغاني الى سطح الاحداث مع ارتفاع عدد الخسائر في صفوف القوات البريطانية وقوات التحالف الدولي على حد سواء بعد ثماني سنوات على وجودها بما يثير المزيد من نقاط الاستفهام الشكوك حول اهداف وابعاد المعلنة في هذا البلد بعد فهل ان الانتصار في هذه الحرب بات امرا بعيد المنال؟ احد الصعوبات الكبيرة التي تظل مطروحة في اغلب النزاعات ماذا نعني بالنزاع وماذا نعني بالنجاح؟ اكيد ان العسكريين في حاجة ان يكون امامهم هدف واضح لتحقيق النجاح وافغانستان تشكل تحديا حقيقيا والبلد يحتاج لتحقيق البناء واعادة الاعمار والاستقرار وهذا ليس بهدف عسكري ولكنه هدف انمائي ولكن وفي نفس الوقت فان هناك معركة اخرى وهي المعركة العسكرية للقضاء على حركة "طالبان" والتحديان يحتاجان جهازا سياسيا مستقرا واقتصادا مثمرا، وكلاهما معركة صعبة ولكنها قائمة ومستمرة ومن هنا فان بعض الدول الملتزمة بهذه العملية تقف في جانب من المعركة العسكرية وبعض الدول تقف في جانب من معركة البناء والتنمية، ولكن هناك دول تقف في المعركتين ومن جانبنا فقد قتل العديد من قواتنا هناك والحل المطلوب ان تعمل كل القوات معا وهذا امر قائم حتى الآن وهو خطوة مهمة، فافغانستان كانت تاريخيا تعد من البلدان التي يحظى فيها الحاكم المحلي بنوع من الاستقلالية، وهو ايضا بلد تكثر فيه العداوات والمنافسات بين مختلف العرقيات والعمل على تجاوز هذا الوضع والمرور الى وضع الدولة المتطورة حيث تفض الخلافات والنزاعات بشكل قانوني لن يتحقق بسرعة.. وفي اعتقادي انه امر مزعج وخطير ان "القاعدة" تعود لاستعراض عضلاتها في مثل هذه المرحلة التي تسبق الانتخابات وتهدد الناخبين بما يعني ان عددا من صناديق الاقتراع لن يفتح لاسباب امنية وهذا مصدر انشغال بالنسبة لنا. ولكن وفي نفس الوقت فان مجرد تنظيم هذه الانتخابات خطوة ايجابية لم تكن يوما جزءا من تاريخ افغانستان. لا يمكنني ان اكون شديد التفاؤل ولا ان اقول ان هذه الانتخابات ستكون بلا مشاكل.. هناك نقاط استفهام كثيرة والطريقة التي يمكننا بمقتضاها الحكم على مدى النجاح ان يكون هناك المزيد من التقدم وان تكتسي الانتخابات درجة من المصداقية التي من شانها ان تمنح الحكومة الافغانية ثقة ابنائها عموما اذا تراجعت مواقع النزاع فان كل التضحيات ستكون جديرة بما تحقق.. * بين حرب العراق والحرب الدائرة في افغانستان هل من دروس مشتركة يمكن الخروج بها؟ انا مقتنع بل متاكد بان الجنود كل بشكل شخصي وكذلك الحكومات أعلم وتستفيد من كل المعارك ولكن من المهم ان ندرك ان ما يمكن ان يكون ناجعا في العراق ليس بالضرورة كذلك في افغانستان والعكس بالعكس هناك بعض الامور المتشابهة ولكن ما يجب الاحتفاظ به انه يتعين على كل الدول والحكومات المعنية ان تعمل معا وقد سبق أن اشرت الى ان هذا الامر قائم بشكل جدي.. ثانيا وهذا ايضا مهم لتحقيق الاهداف المطلوبة ان يكون هناك قدرة على الاستماع وفهم وادراك الخصوصيات الاجتماعية والسياسية للبلدين الى جانب فهم تطلعات وامال وطموحات السكان المحليين وهذا قد يدفع احيانا الى العمل مع ما يسمى بالسلطات المحليات كاللويا جورغا في افغانستان.. وهذا يحدث ايضا في العراق لفهم مطالب مختلف الاقليات المكونة للمجتمع العرقي من سنة وشيعة واكراد واقامة اسباب الاستقرارا.. وتبقى التحديات القائمة ايضا في البلدين اقناع السواد الاعظم من الاهالي بانهم لم ياتوا كجنود ولكن كداعمين لمسار سياسي لاعادة البناء والاعمار. اما التحدي الاكبر فهو من دون شك سواء بالنسبة للقوات الافغانية او الدولية مرتبط بالحرب ضد العصابات المسلحة ذلك انه من السهل جدا على هذه التنظيمات ان تستهدف مدرسة او مواقع مدنية وهذا الخطر قائم في كلا البلدين ورغم الوجود المكثف للعصابات المسلحة في العراق وافغانستان فان نسبة المؤيدين لها محدودة جدا. * تقولون ان هدفكم الاساسي الاستماع الى الناس وفهم تطلعاتهم الاجتماعية والسياسية وغيرها، لكن ألا ترون ان نظرة السواد الاعظم في العراق والافغان الى القوات الاجنبية نظرة احترازية والامر لا تتوقف عند حدود عائق اللغة ولكن هناك ازمة ثقة كبيرة قائمة والاغلبية تعتبر ان هذه القوات تنتمي للغزاة ولا مجال لها في بناء المستقبل فكيف تفسرون ذلك؟ نعرف ان المسؤولية والمهمة صعبة للغاية وان هناك اكثر من حاجز لتحقيق الاهداف المطلوبة واللغة عامل من تلك العوامل والترجمة لا تحل دائما المشكلة لعدة اسباب والذين يعملون في هذا القطاع لا يتمتعون دوما بالموضوعية وهناك ايضا المشاكل الامنية واحيانا يجدون انفسهم في مواقف خطيرة جدا ولا يمكنهم البقاء في بلدانهم ولهذا فانه كلما كانت الاسباب الامنية افضل كلما امكن للقوات الدولية العمل والتحرك والاقتراب من الناس وبدون امن لا مجال للتواصل اما عن اعتبارنا قوات غزاة معادية فيمكنني القول ان تجربة القوات البريطانية في البصرة لم تكن كذلك وقد تم قبولها بسرعة بين الناس على عكس بغداد وتكريت والامر نفسه في افغانستان ايضا وهذا من شانه ان يؤثر على جهود البناء ذلك انه عندما يكون من الخطر التنقل بين منطقة واخرى فلا يمكن معاينة المشاريع ولا التحقق مما امكن بناؤه او تنفيذه من وعود.. احيانا انا ايضا اتساءل بشان الوجود العسكري الدولي في العراق وافغانستان وفي اعتقادي ان هناك شعورا مختلطا لدى عامة الناس.. لقد كان هناك في العراق قوات بريطانية وخبراء عسكريون كثيرون ولكن القوات البريطانية ليست قوات غازية وعندما انسحبت من البصرة كان هناك الكثير من العراقيين الذين انشغلوا بهذا الانسحاب لاسباب امنية هناك اذن مشاعر مختلفة ومشاعر مختلطة في هذا الامر.. هناك من الناس من يخاف تلك القوات ولكنهم لا يرون لها بديلا امام انعدام الاستقرار وهناك من هم مقتنعون بان القوات الدولية ليست قوات احتلال * اذا كان هذا حال الحرب الميدانية فماذا عن الحرب الاخرى الخفية وهي الحرب على المخدرات خاصة ان اغلب تقارير الاممالمتحدة تؤكد ان انتاج وترويج المخدرات في عهد "طالبان" كان اقل مما هو عليه اليوم فهل خسر الغرب هذه المعركة ايضا؟ صحيح ان الامر هنا على درجة من التعقيد ولكن لا ادري ان كان يصح اطلاق عبارة الحرب على المخدرات.. هناك ايضا اهداف اساسية لكسب هذه المعركة للحد من اعتماد الفلاحين على تجارة المخدرات والحد ايضا من التنظيمات التي تعتمد على المخدرات لتمويل ذاتها ولكن الامر ليس بالهين خاصة في المناطق الفقيرة والمعزولة والذين يفكرون ويخططون لهذا الامر مقتنعون بضرورة توفر هيكل قانوني بديل، فالناس الذين يعيشون على المخدرات كمورد للعيش، يحتاجون الى بديل وفي مرحلة ثانية تم التوصل الى حل لجأت بمقتضاه القوات الدولية والافغانية الى اقتناء تلك المخدرات للقضاء عليها ولكن ما حدث ان ساهم هذا في ارتفاع الاسعار وفي كل مرة كان يتم خلالها التوصل الى حل ايجابي كانت تبرز مشكلة جديدة.. المهم الان انه يتم تطوير سوق مشروعة لانتاج مواد اخرى كالقطن ولكن يبقى هناك مشكل آخر هو مشكل النقل والتنقل امام انعدام الاستقرار وهو ما يعني في كل مرة ان الخطوة المطلوبة قد لا يكون من الهين تحقيقها وكلما حققنا خطوة تراجعنا خطوات وربما جزء من الحل مرتبط بمساعدة تلك الاعداد الكبيرة من المدمنين على المخدرات في العالم حتى يتراجع الترويج وفي كل الاحوال فان الحلول ليست بالامر اليسير. * تقول الحكومة البريطانية انها مستعدة للحوار مع "طالبان" من اجل التوصل الى حل في افغانستان فهل هناك مفاوضات جارية والى أي مدى يمكن للحكومة البريطانية المضي قدما في هذا الحوار؟ اولا لست على دراية باية مفاوضات او محادثات رسمية بين "طالبان" والحكومة البريطانية من حيث المبدإ، انا ديبلوماسي وبالتالي على قناعة بضرورة الحوار والتفاوض مع من لا تتفق معهم وكديبلوماسي ايضا انا على قناعة بان المفاوضات تعني فضاء اقل للمصادمات والمواجهات ولكن لا بد من وضع خطوط واضحة خاصة عندما يتعلق الامر بمن لا يتقبلون لغة الحوار وغير المستعدين لها لذلك فان الحوار لا يجب ان يكون لهدف الحوار فحسب لو لمنح هؤلاء شرعية يبحثون عنها وهنا استعيد ما حدث عندما تعرض مواطن بريطاني للخطف في مالي وقد رفضنا مبدا الحوار مع الخاطفين ورفضنا دفع الفدية لهم حتى لا نساعد على تشجيع ظاهرة احتجاز الرهائن ولكن في المقابل شجعنا بطريقة او باخرى اجراء محادثات مع الخاطفين فانت تختلف معهم ولكنك تتفاوض معهم.. * كيف تتوقعون ان تكون الانتخابات الافغانية؟ وهل ان الغرب سيستمر في الرهان على شخص حميد قرضاي لتغيير المشهد الافغاني؟ من الصعب أية توقعات قبل ظهور النتائج والمهم ان يشارك اكبر عدد ممكن من الناخبين في الانتخابات التي نسعى ان تكون حرة ونزيهة وتسجل اقبالا كبيرا وما اعنيه ان تكون بعيدة عن كل انواع الضغوطات الامنية او حتى الممارسات الاخرى وان تكون انتخابات شرعية في نظر الافغان وليس مهما بالنسبة لنا من سيفوز ولكن المهم ان تكون انتخابات تمنح الحكومة القادمة المصداقية المطلوبة لاستعادة ثقة الشعب.. * بالعودة الى المشهد العراقي وافقت الحكومة البريطانية بعد ست سنوات على فتح تحقيق في الحرب على العراق فما هي اهداف هذا التحقيق ومن المستفيد من ذلك وماذا عن نصيب العدالة الدواية والانسانية من هذا التحقيق؟ الهدف من التحقيق واضح وهو يتعلق بما اقدمت عليه الحكومة البريطانية من قرارات وما اتخذته من اجراءات للاستفادة مستقبلا من تلك الاحداث واللجنة المكلفة بالتحقيق التي يتراسها جون شيلكوت تتمتع باستقلاليتها عن الحكومة وهي معنية بعدم تكرار ما حدث من اخطاء ان وقعت وبفهم القرارات التي اتخذت والاستفادة من دروس الحرب في العراق وافغانستان وكل ما يمكن التوصل اليه من خلال التحقيق لن يكون مشروع محاكمة ولا اقرارا بذنب طرف من الاطراف ولا ايضا بشرعنة القرارات التحقيق ياتي نزولا عند رغبة الراي العام البريطاني وسيكون تقريرا شديد الانتقاد وسيضمن عدم تكرار الاخطاء.. * اذن هذا ليس تقريرا من اجل الشعب العراقي ولا من اجل الضحايا والابرياء الذين سقطوا في تلك الحرب فهل يعني انه تقرير من اجل الانتخابات القادمة؟ التقرير موجه بالدرجة الاولى الى الراي العام البريطاني والى كل الناس الذين قد يكونوا معنيين مباشرة باي نزاع مستقبلي والبحث عن الطريقة التي تم بها اتخاذ القرارات من اجل قرارات افضل في المستقبل واكرر ان التحقيق ليس محاكمة لاي كان وليس توجيه الاتهامات اما بالنسبة لما اشرت اليه من اعتبارات انتخابية فهذا ليس واضحا باعتبار انه لم يحدد موعد محدد لصدور التقرير ولا احد يدري ان كان سيتزامن مع الانتخابات التشريعية ام لا وفي اعتقادي انه من المهم بالنسبة لرئيس لجنة التحقيق ان يسعى حتى لا يكون التقرير مسيسا لانه من السهل جدا تسييسه.. * الا تعقدون ان قضية الجندي البريطاني المتخلي قد كشفت المزيد من خفايا الحرب على افغانستان؟ هذه المسائل تدخل في اطار الامورالخاصة في النزاعات والمهم بالنسبة للقوات المعنية ان تلتزم بالتعليمات الصادرة عن قياداتها وحكوماتها وتنفذها وهذا امر لا يقبل الاختيار يمكن ان نشعر بالتعاطف مع هذا الجندي ولكن قانونيا لا يملك التصرف بهذه الطريقة هناك اتفاق بينه وبين الحكومة التي ارسلته.. * الا تخشى بريطانيا وهي التي سبق لها ان خاضت مغامرة سابقة في افغانستان تكرار التجربة في البلد الذي يوصف بمقبرة الحضارات؟ افغانستان بلد له تاريخ طويل وعاش عزلة طويلة ولكن كان دوما حريصا على حماية استقلاله وضمان سيادته في اعقد الظروف نحن لسنا قوات غازية ولا نريد احتلال افغانستان ولابقاء قواتنا هناك ولكن هدفنا المساعدة على استعادة البلد استقرارهو كسب المعركة في مواجهة القاعدة... * قبل ان نختم اللقاء هل من جديد في مجال العلاقات الثنائية بين تونس وبريطانيا؟ فعلا اود ان انتهز الفرصة للحديث عن هذا الامرخاصة بعد زيارة الامير اندرو الى تونس والاهتمام الواسع الذي ابداه في مجال تنمية الاستثمارات والبحث عن مجالات جديدة للتعاون التجاري والمالي صحيح ان الحضور البريطاني في تونس مهم في مجال الطاقة ولكننا نسعى الى تعزيزهو توسيعه في مجالات اخرى لتحقيق الاستفادة للطرفين وللاشارة فنحن نحن امام مواعيد وزيارات على مستويات مهمة حيث ينتظر ان يزور الوزير الاول السيد محمد الغنوشي لندن في 17 سبتمبر القادم للمشاركة في اشغال "قمة الاسواق الصاعدة" للترويج للسوق التونسية لدى البريطانيين الى جانب زيارة للسيد محمد النوري الجويني وزير التعاون الدولي نهاية سبتمبر ايضا وهناك مجالات وفرص لتوسيع علاقات التعاون كل ذلك الى جانب المفاوضات الايجابية الجارية بشان بناء مشروع بتروفاك لتكرير النفط في الصخيرة وكذلك مشروع بنزرت لتوليد الكهرباء والبحث كذلك عن مزيد الفرص في القطاع المالي ولما لا اقامة بنك انجليزي في تونس وتسهيل عمليات نقل الاموال عبر الانترنت اما في مجال السياحة فالجهود لم تتوقف من الجانبين لتعزيز هذا القطاع حتى وان سجل قطاع السياحة تراجعا لدى السياح البريطانيين ولكنه تراجع لم يتجاوز الواحد في المائة وهو نتيجة لأزمة الاقتصادية في اعتقادي اما المشروع الاهم في اعتقادي فيتعلق بالشراكة بين المركز الثقافي البريطاني وبين وزارة التربية في مجال تعليم الانقليزية وتكوين الاساتذة والمناهج التعليمية والبرامج وطرق واساليب التدريس والمسؤولية الاولى في هذا المشروع الذي يعد الاكبر في المنطقة للوزارة المعنية ولكن بمساعدة ودعم بريطاني تمشيا مع الخيارات التونسية في اعتماد ثلاث لغات في المدارس والمعاهد والجامعات.