بعد التقريع الذي تعرض له الرئيس الافغاني المتخلي حامد قرضاي في قصره وعلى لسان ضيفه المبعوث الامريكي ريتشارد هولبروك نتيجة سقوطه في اختبار الانتخابات الرئاسية جاء دور البيت الابيض بدوره ليندد بالتزوير الحاصل في سباق الانتخابات الافغانية الاسبوع الماضي بما يمكن ان يؤشر الى احتمالين اولهما ان واشنطن التي راهنت على حليفها قرضاي لكسب الحرب الاعلامية المعلنة ضد طالبان لم تعد تنظر اليه بعين الرضا بعد خمس سنوات عجاف لم يوفق خلالها قرضاي لا في ارضاء الادارة الامريكية ولا في ارضاء السواد الاعظم من الشعب الافغاني ناهيك عن ارضاء الطرفين معا وثانيهما وهو الاحتمال الاهم ان بداية نهاية قرضاي لم تعد بالامرالبعيد لعدة اسباب متداخلة ولكنها اسباب قد لا يكون من الهين تجاوزها ذلك ان التجارب السابقة اظهرت ان تورط واشنطن في الصراعات والحروب من فيتنام الى العراق وافغانستان كان دوما اسرع واسهل من الانسحاب من مختلف تلك المستنقعات التي غالبا ما تتحول الى شرك يصعب الخروج منه... ولاشك ان واشنطن التي كانت تامل في الظهور بمظهر المحايد في سباق الانتخابات وتتوقع ان تساعد الانتخابات الرئاسية الافغانية في تغيير المشهد الافغاني قد منيت بخيبة امل امام النتائج العكسية التي ارتبطت بالانتخابات الافغانية منذ الساعات الاولى التي رافقت فتح ابواب مراكز الاقتراع... ولعله من سوء حظ واشنطن التي حرصت على حضور اعلامي دولي مكثف لنقل اخبار الديموقراطية الجديدة في افغانستان الى العالم فوجئت بان عدد الناخبين في بعض المقاطعات النائية في الجنوب لم يتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة بما جعل عدد الصحافيين الاجانب يفوق عدد الناخبين في احيان كثيرة وذلك اما خوفا من تهديدات طالبان او بسبب انعدام القناعة لدى هؤلاء من جدوى العملية الانتخابية التي يعتقدون بان نتائجها معلومة سلفا... كما ان الرئيس الافغاني المتخلي الذي راهنت واشنطن على تعزيز مصداقيته ومكانته في مختلف الاوساط القبلية التي طالما نظرت اليه نظرة ازدراء وتشكيك واعتبرته دخيلا على المجتمع الافغاني لا يبدو انه في وضع افضل بعد تفاقم الاتهامات والانتقادات التي استهدفته بسبب عمليات التزوير المستهجنة التي تخللت عملية فرزالاصوات ودخول منافس قرضاي الاول عبد الله عبدالله على الخط لتكثيف حملته ضد غريمه ومحاولة الاستفادة بدوره من الاوضاع السائدة في ظل نفاد صبر واشنطن ازاء تصرفات قرضاي. واذا ما صدقت الانباء بشان عدم مضي واشنطن قدما في قرارها عدم منح محمد فهيم نائب قرضاي تاشيرة دخول الى الاراضي الامريكية بسبب تورطه في تجارة المخدرات فقد يكون في ذلك مؤشر اضافي على ان كفة قرضاي لدى واشنطن بدات تتراجع واللقاء العاصف بين قرضاي والمبعوث الامريكي ريتشارد هولبروك في القصر الرئاسي بكابول لم يتوقف عند حدود التجاوزات الحاصلة في الانتخابات ولكنه امتد الى التحالفات الانتخابية المشبوهة للرئيس الافغاني التي شملت محمد فهيم وزير الدفاع السابق وعبد الرشيد دستم احد جنرالات الحرب الذي تطالب واشنطن بمحاكمته كل ذلك الى جانب ما يروج عن تورط شقيقه وليد قرضاي ايضا في تجارة المخدرات... وفي انتظار الكشف عما شهده اللقاء السري الذي جمع بين هولبروك وبين عبدالله عبدالله الذي امتد ثلاث ساعات كاملة يبقى من غير المستبعد ان تسعى ادارة الرئيس اوباما الى جولة ثانية لحسم الامور في افغانستان بما يمكن ان يجنبها بعضا من انتقادات كثيرة ومن اتهامات بالوقوف وراء التداعيات الحاصلة في المشهد الافغاني الذي قد لا يبوح بما يمكن ان يخفيه من اسرار في المستقبل قد تساعد واشنطن على مواجهة الراي العام الامريكي الذي يتابع اخبار خسائره البشرية المتفاقمة في افغانستان دون اعتبارللعتاد المالي والعسكري الذي تحطم على جبال افغانستان...