العراق: من حرية مسجونة.. إلى سجن كبير للحرية.. قوّض صدام حسين الحكم الجمهوري ودفن معه الديمقراطية الحزبية أيقظ العشائر... أخمد نار الطوائف نفخ في "البعث".. فأقام دولة بدستور... غير قابل للتنفيذ ووزراء... ببزّة عسكرية وأحزاب... بلا قواعد شعبية وصحافة... تُقرأ خارج العراق وبرلمان... لم يتقن سوى لعبة... "التصويت بنعم» *** قدر العراق... أن يحارب بلا أفق.. حارب "أبوقصي".. الشيعة.. بذريعة "الوحدة الوطنية".. وحارب إيران... بالوكالة عن الغرب دخل الكويت... بإيعاز أميركي وأُخِرج منها.. بقهر دولي.. وعندما أراد محاربة الغرب أخرجوه من قصر بغداد على نعش "العراق الشهيد" فالحروب التي لا تقويك... تقصم ظهرك وأقصى ما يمكن أن تقدمه لك... موطئ قدم... في متاحف التاريخ! *** الاحتلال... منعطف في مسار الشعوب أدرك طارق الهاشمي أن التاريخ... مجموعة منعطفات... تسلح بثقافته العسكرية... وإرث "الهاشمية" في الحكم العراقي القديم... توكأ على عكاز السنة.. رفع شعار... حماية العراق.. من التجزئة... والطائفية... دخل اللعبة الأميركية ب"كوتشينغ"... من بول بريمر انحاز للأقليات... والمهجّرين عمل على إضعاف... المقاومة... راهن على تفتيت... "الدويلات" الشيعية في العراق وظف الاستقطاب الايراني... الكردي والأميركي... الايراني والشيعة... مع هيئة علماء المسلمين... ليكون جزءا من المنعطف... ورقما في معادلة... "العراق الجديد المحتل" *** زاوج الهاشمي بين... الأصول الدينية والسلالة السياسية والعجينة العسكرية... اتخذ منها مرجعا... وأداة.. يستخدم التدين... لمحاربة بعض "العصبيات" الدينية ويُشَهِّرُ السياسة... لمناكفة خصومه إذا ما حاجج... أقنع فأفحم... وإذا ما خاصم... أبقى على باب للمصالحة... صادق على الدستور العراقي الجديد ثم ما لبث أن انتفض ضد بعض بنوده... أقرّ قانون الانتخابات... قبل أن ينقلب عليه... هادن خصومه في"الحزب الإسلامي" ثم تخلص منهم... أقام تحالفات مثيرة... سرعان ما استعدى مكوّناتها... جزّأ السنة/المقاومة... بعد أن صعدت به إلى دفة الحكم... طالب برحيل قوات الاحتلال لكنه عاد ليستبقيها... "ذخرا للعراق"... وقّع على إنشاء المؤسسات الأمنية ثم انتقد تورطها في التعذيب... في تحالفاته... قارئ جيّد لميكيافيل بِنَهم المحتلّ... وشراهة "المقاول" السياسي *** الفلسطينيون... شعب الجبّارين والعراقيون... شعب البكّائين بكت شيعته... مجزرة الكيمياوي سابقا... وهي تبكي اليوم بالدم... ذكرى استشهاد الحسين وتبكي سنته... حساباتها الضائعة... بكى الشعب العراقي... لحظة دخول "جندرمة" البيت الأبيض وتُسكَب دموع العراقيين.. كل يوم تحت وخز الاحتلال ونكبة "العراقيين الجدد" ورحيل الزعيم "الشهيد".. وتلك هي المفارقة... في عراق... غاب عنه الأفق ولم تبق فيه سوى ذكرياتٌ...