تونس الصباح ما من شك في أن الندوة البحثية حول »الخرافة في العالم العربي« التي نظمها النادي الثقافي الطاهر الحداد بالتعاون مع وحدة البحث في أنتروبولوجيا الثقافة العربية والمتوسطية بكلية الآداب بمنوبة في إطار الدورة الثانية لمهرجان الخرافة الذي انطلقت فعالياته يوم الثلاثاء الماضي ويتواصل إلى غاية يوم 26 ديسمبر الجاري والتي أثث جلساتها العلمية مجموعة من الأساتذة والباحثين من أهل الاختصاص قد وضعت النقاط على الحروف معرفيًا فيما يخص الخرافة بوصفها نتاجا ثقافيًا إنسانيًا يختلط فيه الواقع بالخيال والحقائق بالأمنيات. فقد استمع الحاضرون خلالها إلى عديد المداخلات التي حاولت تسليط الضوء على الأبعاد الثقافية والنفسية والحضارية التي يتضمنها متن الخرافة بوصفه مادة أدبية شفوية متنوعة الدلالات والأغراض... فالاستاذة إيمان المناعي قدمت مداخلة بعنوان »الخرافة التونسية والايطالية: دراسة مقارنة«. أما الاستاذة سامية الجويني فقد تمحورت مداخلتها حول »الخرافة الشعبية العمانية ومضامينها الاجتماعية«، فيما تحدث الاستاذ محمد الجويلي في مداخلته عن »الطفل في الخرافة الشعبية العمانية«، علمًا أن السيد ابراهيم البلوي، الأستاذ بكلية آل سعود بالرياض، هو الذي قدم لهذ الندوة العلمية وترأس جلستها الوحيدة... خرافات وأفلام أما باقي أنشطة وعروض الدورة الثانية لمهرجان الخرافة، فتتوزع بين جلسات حكائية لرواية مجموعة من الخرافات الموروثة بطريقة أداء مسرحي شيّق يتداول عليها مجموعة من الممثلين من أمثال البشير الدريسي ومراد كروت وزهيرة بن عمار... وبين عروض سينمائية ل»هاري بوتر«، مثل فيلم »هاري بوتر في مدرسة السّحرة« و»هاري بوتر وغرفة الأسرار«... ولعله قد آن للباحثين والمهتمين أن يكفوا عن تلك المقاربة التقليدية لظاهرة الخرافة بوصفها نتاجا ثقافيا شعبيا مقاربتها من خلال ذلك الفهم الخاطىء والشائع على أنها »جنس« أدبي شفوي من الموروث الشعبي ينهل أكثر ما ينهل من الخيال ومن الماورائيات والخوارق التي لا صلة لها بالواقع... فالخرافة من منظور انتروبولوجيا الثقافة، هي واحد من أهم العناصر التي تشكل إنتاجات ما يعرف ب»الثقافات التحتية« للشعوب والجماعات البشرية البدائية وغير البدائية، وهي »الثقافات« التي تعكس جوهر خصوصيات هذه المجموعة البشرية أو تلك، في »الاجتماع والعمران« بالتعبير الخلدوني، وتشكل عمق هويتها الثقافية والحضارية.