شهادات لعدد من المراهقين من زلت بهم القدم بسبب توتر المناخ الأسري تونس - الصباح مفيدة.. أم عزباء تجاوزت العشرين سنة ببضعة أشهر وهي متهمة بقتل رضيعها المولود خارج إطار الزواج على وجه الخطأ عاشت ظروف عائلية صعبة يسودها التوتر المرفوق بتعنيف والدها لأمها.. تقول مفيدة "تتميز علاقة والداي بالصراع بسبب استهلاك أبي المفرط للخمر.. وكان والدي يعنف أمي باستمرار" وبسبب الخلافات بين الزوجين لم تنعم مفيدة بالدفء العائلي وكانت في قطيعة مع والديها بالرغم من تعايشهم في منزل واحد ورغبة في البحث عن الحنان والعطف تعرفت مفيدة على شاب ربطت معه علاقة جنسية لمدة زمنية أثمرت حملا غير مرغوب فيه ومولودا توفي حال ولادته.. وتقول لائمة والديها "تتميز علاقتي بوالداي بالبرود واللامبالاة وغياب الحوار بيننا فقد كانت هناك هوة كبيرة بيننا". وليست مفيدة وحدها التي عانت من مشكلة العنف الأسري بل هناك غيرها من الشبان الذين وردت شهادات بعضهم في دراسة "الظواهر السلوكية الجديدة لدى الشباب" التي أنجزها المرصد الوطني للشباب على عينة تتكون من خمسين مراهقا وشابا من الجنسين تتراوح أعمارهم بين 15 و21 سنة كانوا على ذمة التحقيق أو صدرت في شأنهم أحكاما وهم يوجدون في مؤسسات إصلاحية وسجون بإقليم تونس. وتذهب الدراسة إلى أن العنف الزوجي موضوع مسكوت عنه ونظرا لقلة المعطيات أو غيابها حول هذه الظاهرة يصعب تحديد مدى انتشارها وأسبابها في مختلف الأوساط الاجتماعية.. وبالاستناد إلى شهادات بعض المراهقين والشبان الذين عاشوا في أوساط عائلية تتميز بالعنف بين الأزواج يتبين أن العنف الجسدي واللفظي ممارسة متداولة في عدد من الأسر يعتمدها الأزواج في تعاملهم مع زوجاتهم.. وفي هذا الصدد يقول صابر البالغ من العمر 17 سنة والذي أودع المؤسسة الإصلاحية في مناسبة أولى بسبب السرقة وفي مناسبة ثانية بسبب مسك واستهلاك مادة مخدرة أنه لا يزال يعاني من انفصال والديه ويرفض قبول هذه الوضعية وهو يصرح" كان والداي يتخاصمان باستمرار وكان أبي يعنف أمي وقد انتهى الأمر بهما إلى الطلاق وأنا لم أتجاوز السابعة من عمري وأعيش أنا وإخوتي مع أبي منذ انفصالهما وقد طلبت من والدي وفي عدة مناسبات إرجاع أمي.. كما أن حالتنا المادية طيبة ولا ينقصنا إلا وجود أمي معنا فأنا متعلق جدا بها وأزورها باستمرار وقد كان لطلاق والداي أثر كبير في حياتي فقد انقطعت عن الدراسة والتحقت بمؤسسة إصلاحية وتعاطيت المخدرات". وتبين أنه بالرغم من مرور أكثر من عشر سنوات على تاريخ انفصال والديه فقد ظل صابر غير قادر على تجاوز هذا الألم وهو يعيش على أمل الإصلاح بينهما. المشاكل مادية من بين أسباب العنف الزوجي التي تحدث عنها بعض الشبان نجد المشاكل المادية وفي هذا الإطار يقول علي البالغ من العمر 16 سنة و5 أشهر والمودع بمؤسسة إصلاحية بسبب السرقة والاغتصاب: "تتميز علاقة والداي بالتوتر والخصام المستمر وهما يتنازعان غالبا حول مصروف البيت وأحيانا يعنف والدي والدتي".. وهو ما عبر عنه نزار البالغ من العمر 18 سنة وسالم البالغ من العمر 19 سنة ووحيد البالغ من العمر 19 سنة. أما فيصل البالغ من العمر 17 سنة والذي أودع بمؤسسة إصلاحية في مناسبة بسبب العنف وفي مناسبة ثانية بسبب السرقة المجردة وعقوق الوالدين فإنه يبدو أكثر قبولا لانفصال والديه من صابر وهو يقول " انفصلت والدتي عن أبي وهي حامل في شهرها السابع فلم تتح لي ولأختي التوأم فرصة رؤية والداي وهما يعيشان مع بعضهما ولم أر والدي إلا مرة واحدة في حياتي وهو لا يعني لي شيئا ولا أكن له أي احترام وأنا أعتبر زوج أمي أبا لي فقد كان يعطف عليّ ويمدني أحيانا بمصروفي وكنت أخير قضاء نهاية الأسبوع مع إخوتي من الأم وزوج أمي".. وولد هذا الوضع في نفسية الشاب حقدا على والده لأنه أهمله ولم يقم بواجبه تجاهه. وفي نفس الإطار يقول نعيم البالغ من العمر 16 سنة والذي أودع بمؤسسة إصلاحية في مناسبة أولى بسبب تشويه واعتداء بالفاحشة وفي مناسبة ثانية بسبب القتل العمد: " والدي لا يسأل عنا ولا نراه ولا يهتم بنا رغم أنه ميسور الحال.. كما أن النفقة التي يدفعها لأمي غير كافية لتلبية حاجياتنا". وعبرت هالة البالغة من العمر 19 سنة والتي أودعت مؤسسة إصلاحية بسبب انخراطها في تكوين عصابة والتحقت بالسجن بسبب استهلاك مادة مخدرة عن ألمها من طلاق والديها وهي تقول "أحمل وشما يتمثل في اسم أمي" كما أنها تحمل آثار تشليط تعود إلى تاريخ طلاق والديها فعدم قبولها لانفصالهما جعلها تؤرخ الحدث الأليم وتطلق صيحة فزع متخذة جسدها وسيلة لتبليغ رسالة وللتعبير عن معاناتها.. ولكن ليست الزوجات فقط أو الأزواج هم ضحايا العنف بل نجد الأبناء أنفسهم حتى أن بعضهم يصعب عليه أن يقول كلمة "أبي" أو"أمي" وهو أمر مؤسف..