لئن اقترنت إقامة بعثة النادي الصفاقسي في الخرطوم بحملة إعلامية واسعة النّطاق وبتعبئة شاملة للرأي العام السوداني وإضفاء مسحة الوطنية على الحدث فإن هذه الوسائل أبرزت قيمة النادي الصفاقسي بالقارة السمراء وقدمت معلومات ضافية عن مسيرته الطويلة المشرقة الا أن ما حدث هو سلاح ذو حدين إذ عادت التعبئة ضد المريخ خاصة وقد اقترنت بمكافآت خيالية من رئيس النادي رجل الأعمال البشري جمال والي ومن عدد آخر من المحبين الفاعلين الاثرياء بحيث ولد هذا الشحن غرورا لدى الجميع ودخل اللاعبون المباراة وهم منتصرون وبفارق عريض على منافس يعلمون علم اليقين أنه يعاني من مشاكل حادة ومن توتر العلاقة بينه وبين جانب هام من أنصاره إلى درجة أن البعض من أحباء المريخ ظلوا يصيحون «البنزرتي البنزرتي بأصوات عالية لاستفزاز اللاعبين» إشارة منهم إلى هزيمة النادي الصفاقسي أمام فريق عاصمة الشمال دون أن تخرج الاستفزازات عن حدود اللياقة والأخلاق. أجواء صاخبة وفعلا كان الجو صاخبا إلى أبعد الحدود جراء الإقبال المنقطع النظير على المباراة والذي استوجب غلق الأبواب بعد ساعة أو ساعتين من فتحها مع بقاء الآلاف المؤلفة خارج الأسوار وبالفضاءات الشاسعة لمتابعة الشاشات العملاقة التي نصبها المشرفون على التنظيم للحد من زحف جماهيري لا مثيل له. مدارج حمراء وصفراء وشماريخ في كل مكان وطبعا فوجئنا ونحن ندخل الملعب قبل ساعتين من انطلاق المباراة بأجواء نارية وصاخبة إلى أبعد الحدود إذ ظل أنصار المريخ الذين رابطوا بالمدارج بأعداد تفوق الثلاثمائة الف متفرج يتغنون ويصيحون ويهتفون ويلوحون بالاعلام والرايات فأضفوا مناظر خلابة وأهازيج عذبة تؤكد القاعدة الشعبية العريضة لهذا النادي صاحب الامكانيات الضخمة التي مكنته من تعزيز صفوفه بلاعبين من طراز رفيع على غرار قلب الدفاع الطوغولي أيالو ولاعبي الوسط النيجيريين إيفوسا وإيداهو والبرازيلي باولينو والزمبي إليجاتا وجلهم ينتمون إلى منتخبات أوطانهم فضلا عن انتماء أغلب اللاعبين السودانيين إلى منتخب بلادهم أيضا كما وفرت له الامكانيات الطائلة ملعبا من الطراز الرفيع سيزداد أهمية بانطلاق توسعته وتعصيره في آخر الشهر الحالي.. وفي هذا الخضم والإطار غير العادي الذي أضفى على المدارج أجواء المناسبات الكبرى التي نعيشها في ملاعبنا في الأدوار النهائية بين فريقين كبيرين كالنادي الصفاقسي والترجي أو الترجي والنادي الإفريقي وغيرها من المناسبات الكبيرة. في مرحلتين في هذا الخضم واجه النادي الصفاقسي الظرف بالخروج إلى الميدان بأزياء مدنية في مرحلة أولى وبأزياء رياضية في مرحلة ثانية للتعود عليه شيئا فشيئا وانطلق اللقاء والأيدي على القلوب من توصل المنافس إلى النّيل من شابك الحارس لطفي السعيدي منذ البداية لأن ذلك يبعثر كل الأوراق ويزيد الأجواء الملتهبة هياجانا وتأجّجا لكن من حسن حظنا وحظ النادي الصفاقسي والإطار الفنّي والهيئة أن توفق اللاعبون في النيل من شباك الحارس الدولي بهاء الدين بعد مرور الزوبعة والقذفة الساحقة للفيصل عجمي منذ الدقيقة الاولى الى مغالطة المنافس في مناسبتين في ظرف وجيز وعزز هذا الكسب الباهر بثالث قلب المعطيات رأسا على عقب إذ ألهب جذوة الحماس لدى لاعبي النادي الصفاقسي وثبت أقدامهم على منافس طعن في الصميم وهو الذي شحن بكل الوسائل إلى حد التخمة ودخل الميدان وهو مسلم بانتصار عريض فتكبلت الأرجل وتشتت العقول وأضحى الأبطال الأشاوش أشباحا على الميدان. فالنادي الصفاقسي عرف من أين تؤكل الكتف وفتح صفحة مشرقة جديدة لاعتلاء منصة التتويج وللعودة إلى السباق الوطني بوجهه الحقيقي الذي يناسب حجم الكفاءات البشرية المجودة فيه مع الحذر كل الحذر من الغرور ومن الإفراط في التفاؤل والابتهاج لأن الأمر لم يحسم ويستدعي قراءة ألف حساب للمنافس حتى لا يمكنه من تدارك الأمر بعد الانجاز الرائع الذي حققه في الخرطوم والذي يجب أن يتكرر يوم 24 وبنفس الكيفية حتى تزداد سمعة النادي الصفاقسي لمعانا في المحافل الدولية. عيون من كل مكان وتجدر الاشارة إلى أن الدور النهائي الذي تولت تغطيته كل وسائل الاعلام السودانية العديدة جدا أو الشركة الراعية للمسابقة تابعه العديد من السماسرة والفنيين من الخليج ومن أوروبا لمعاينة أبرز اللاعبين وللدخول في اتصالات معهم بعد الدور النهائي وشملت بالخصوص فاتح الغربي وهيثم المرابط وكريم النفطي وكواسي بلاز ولولي مبالي والأكيد أن الهيئة المديرة ستفرط على الأقلّ في كريم النفطي وبلاز وهيثم المرابط بعد الدور النهائي الثاني لمجابهة الوضع المادي الدقيق جدّا.