يوم 19 6 2006 على الساعة العاشرة صباحا تلقى ممثل النيابة العمومية بسوسة مكالمة من قبل اقليمسوسة مفادها العثور على شخص اجنبي متوفي بغرفة النزل الذي يقيم فيه متأثرا بعدة طعنات. وتم التحول صحبة حاكم التحقيق الى النزل اين تمت معاينة الجثة وهي لسائح ايطالي وتحمل اثار طعنات على مستوى الرقبة والصدر انجر عنها الموت. فتم فتح بحث تحقيقي من اجل القتل العمد مع سابقية القصد.. وبالتحقيق مع المدعو «س» حول الموضوع اجاب بالاعتراف التام بما نسب اليه متمسكا بتصريحه امام الباحث الابتدائي محققا انه فعلا قتل المجني عليه بان تولى طعنه بسكين عدة مرات واصابه بعنقه وصدره حيث كان ليلتها متواجدا مع الهالك بالغرفة اين يقيم معه منذ خمسة عشر يوما وخلالها طلب الهالك منه الاتصال جنسيا، فرض وتحول الامر الى مشادة كلامية بينهما وفي صباح اليوم الموالي اي قبل حصول الواقعة يوم 18 جوان غادر الغرفة صحبة الهالك لقضاء حاجات. وحوالي العاشرة صباحا عاد الهالك الى النزل بمفرده، وبعد ساعة تقريبا عاد هو ايضا وصعد الى الغرفة فوجد صاحبه بصدد اعداد وجبة الغداء. وتجددت المناوشة الكلامية بينهما بحضور احدى المنظفات بالنزل وقد تعرض للشتم والسب والاستفزاز من الهالك وقد تواصل ذلك بعد مغادرة العاملة فاغتاظ كثيرا واشتدت المناوشة وهدده الهالك بالقائه من النافذة وكان حينها يمسك بالسكين بيده لاعداد الطعام وهو ما جعله ينفعل واتجه نحو خصمه وشرع في تعنيفه باللكم فاسقطه ارضا وانجر عن ذلك سقوط الفم الاصطناعي للهالك ومع ذلك ظل يلوح بالسكين لضربه بها فاختطفها منه ومسكها بيده اليمنى وتولى طعنه بها في رقبته مرتين وثالثة بصدره ثم توجه الى غرفة الاستحمام وازال اثار الدماء من السكين ووضعها بالمطبخ ثم شاهد المتضرر وحوله الدماء النازفة تغطي الارضية فتخطاه ثم خرج وتوجه الى منزل والديه بمدينة قريبة ولم يعلم احدا.. وفي الغد رجع الى النزل وبقي امامه لمعرفة مآل العملية، ثم قام بتسليم نفسه للاعوان الموجودين بالمكان معلما بارتكابه الجريمة. واوضح انه يعرف الهالك منذ تسع سنوات حيث يلتقي به كلما اقبل الى تونس وكان يعتني به كلما حل بسوسة ويساعده لكبر سنه وقد وعده بتحسين حالته المادية، ولكنه شعر انه يماطله، وانه اصبح ضحية له حين يصر على الاعتداء عليه جنسيا ولما يرفض يستفزه ويهينه ويهدده كما حصل في المرة الاخيرة مما جعله ينتقم منه بالقتل واضاف انه سافر معه الى ايطاليا على اساس ان يقيم معه بها فلم ينجح زيادة عن الظروف القاسية التي مر بها حيث لم يجد شغلا يناسبه مما جعله يخضع للهالك ويرتبط به ويستجيب لرغباته الشاذة.. ولاحساسه المستمر بالمهانة من تصرفه قرر اخيرا الكف عن ذلك نهائيا وعدم الاستجابة لرغبات الهالك المهينة الا ان الهالك تمسك به واصر على استمرار العلاقة، فكانت النهاية على هذا النحو. هذا وقد افاد المتهم انه عولج عدة مرات لدى طبيب نفساني، وقد حاول الانتحار ثلاث مرات بشرب مواد سامة وبقطع شرايينه، فلم يفلح وبمزيد التحقيق قام بتشخيص الواقعة واتى على جميع تفاصيلها من بدايتها الى نهايتها مقرا باقدامه على ازهاق روح الهالك.. وبعرضه على طبيب نفساني استنتج انه يعاني من اضطراب في الشخصية الا انه لا يعاني من اضطراب في الوعي والادراك والقدرة على التمييز والتوجه في الزمان والمكان، او اي مرض مسقط للمسؤولية ولذلك وجب اعتباره مسؤولا عن كل ما صدر منه على ان تكون مسؤوليته مخففة قليلا.. وهكذا احيل على المحاكمة بتهمة القتل العمد طبق الفصل 205 ق ج. وفي الجلسة اعترف واوضح انه ساعة الجريمة تملكه شعور تجاوز قدرته على السيطرة على نفسه.. وطرح محاميه ملاحظات تمهد للتخفيف عنه خاصة من صدفة العملية وعدم التخطيط لها والدفاع عن النفس ضد الاهانة والاستفزاز والظروف الاجتماعية والمادية التي حفت بموكله.. وفي اخر الجلسة قضت المحكمة بسجن المتهم لمدة عشرين عاما من اجل القتل العمد المنسوب اليه.