سيدي بوزيد: انطلاق أشغال المستشفى الجهوي بمعتمدية جلمة في موفى ماي الجاري    فتحي النوري : 120 دولارًا شهريًا... تحويلات التونسيين بالخارج أقل من المعدل العالمي بكثير!!    عاجل/ وزير اسرائيلي: "سكّان غزّة سيرحلون نحو دولة ثالثة"    عاجل/ الحوثيون يتوعّدون بالرد على العدوان الاسرائيلي والامريكي    مجموعة شعرية جديدة للشاعرة التونسية وداد الحبيب    نقابة الصيدليات الخاصة تدعو التونسيين إلى الإقبال على الأدوية الجنيسة    كرة اليد: حارس المرمى وابن المدرب باسم السبكي يعزز صفوف الترجي    روّعوا الأهالي: الاطاحة بوفاق اجرامي يسرق السيارات بهذه الجهة    عصام الشوالي:'' ليلة أخرى من ليالي الأبطال.. إنتر وبرشلونة على جوزيبي مياتزا''    قبل أن تحج: تعرف على أخطر المحرمات التي قد تُفسد مناسك حجك بالكامل!    ثأر باريس أو تألق أرسنال اليوم : الموعد و القناة الناقلة اليوم    ثورة في عالم الموضة: أول حقيبة يد مصنوعة من ''جلد ديناصور''    68 بالمائة من التونسيين يستمعون إلى الموسيقى بصوت مرتفع ويتجاوزون المستوى العادي للاستماع (دراسة)    تظاهرة ثقافية في باجة احتفالا بشهر التراث    اختتام الدورة العاشرة لمهرجان "سيكا جاز"    تنظيم لقاءات مهنية ثنائية في قطاع الصناعات الغذائية في إطار تظاهرة تجارية يومي 2 و3 جويلية 2025 بسانت بطرسبرغ    كأس العرب لكرة القدم "فيفا قطر 2025": سحب القرعة يوم 24 ماي الجاري بالدوحة    المهدية: تقديرات بإنتاج حوالي 115 ألف قنطار من الحبوب خلال الموسم الحالي    وزير التربية: التدخل العاجل في المؤسسات التربوية أولوية والدولة حريصة على ضمان حق التمدرس للجميع في بيئة آمنة وجاذبة    هام/ كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الفارطة في مختلف جهات البلاد..    450 ألف دينار قيمة المحجوز: تفاصيل عملية احتكار الموز المورّد في نابل    دليلك الكامل لمناسك الحج خطوة بخطوة: من الإحرام إلى طواف الوداع    الإعلان الرسمي المرتقب عن موعد عيد الأضحى    قابس: وفاة شخصين وإصابة 8 آخرين في حادث مرور    وزارة الحج: خفّفوا الأمتعة وتفرّغوا للعبادة في المشاعر المقدسة    بعد نقصها وارتفاع أسعارها: بشرى سارة بخصوص مادة البطاطا..    حملات أمنية تسفر عن حجز كميات من المخدرات والقبض على 26 مفتشا عنهم..    منزل بوزلفة: الاحتفاظ بتلميذ من أجل إضرام النار بمؤسسة تربوية    هام/ تطوّرات الوضع الجوي خلال الأيام القادمة..    وزارة الرياضة تعلن عن مشروع إصلاحي في علاقة بخطة المديرين الفنيين الوطنيين للجامعات الرياضية    مؤسسة "فداء" تدعو جرحى الثورة ممّن لم يتسنّ عرضهم على اللجنة الطبية إلى الاتصال بها    "بلومبرغ": الصادرات الصينية تتحدى الرسوم الأمريكية وتسجّل نمواً    بريطانيا تستعد "سرا" لهجوم عسكري مباشر من روسيا    عرض خاص من الخطوط التونسية لأعضاء fidelys    العائلة التُونسيّة تحتاج إلى أكثر من "5 ملاين" شهريًا..!!    الدورة الثامنة لتظاهرة 'الايام الرومانية بالجم - تيتدروس' يومي 10 و11 ماي بمدينة الجم    المنتخب التونسي في ثلاث مواجهات ودية استعداداً لتصفيات مونديال 2026    الدورة الخامسة للصالون الدولي للانشطة والتكنولوجيات المائية يومي 7 و8 ماي بمقر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية    عاجل | تشديد شروط التجنيس في فرنسا يُقلق التونسيين المقيمين بالخارج    اليوم: تواصل مؤشّرات الأمطار    كل ما تريد معرفته عن حفلة ''Met Gala 2025''    خبراء يحذّرون و يدقون ناقوس الخطر: ''فلاتر التجميل'' أدوات قاتلة    قليبية: ايقاف المعتدي على النساء بشفرة حلاقة    ترامب: نعرف من المسؤول عن تفجير "نورد ستريم"    بطولة روما للتنس :انس جابر تستهل مشوارها بملاقاة التشيكية كفيتوفا والرومانية بيغو    رئيس الجمهورية يوصي بفتح باب الانتدابات وإعداد مشروع قانون المالية للسنة القادمة    طقس الثلاثاء: أمطار غزيرة بهذه المناطق    تونس: قسم جديد لأمراض الدم بمستشفى عزيزة عثمانة    عاجل : بريطانيا تلوّح بتقليص التأشيرات لهذه الجنسيات    السجن والغرامة لرجل الأعمال يوسف الميموني في قضية استيلاء على الملك البحري    سعيد: تونس تحملت الكثير من الأعباء ولا مجال ان تكون معبرا أو مقرّا للمهاجرين غير النّظاميّين    صفاقس : عودة متميزة لمهرجان سيدي عباس للحرف والصناعات التقليدية في دورته31    مهرجان محمد عبد العزيز العقربي للمسرح...دورة العودة والتجديد و«ما يراوش» مسك الختام    لأول مرة في السينما المصرية/ فيلم يجمع هند صبري بأحمد حلمي    هبة يابانية    تتمثل في أجهزة التنظير الداخلي.. تونس تتلقى هبة يابانية    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتهى الدرس أيها الأغبياء فهل استخلصتم العبرة منه؟
نشر في الصباح يوم 22 - 02 - 2011

الأستاذ أحمد العكريمي المحامي المتقاعد في غفلة من التاريخ وفي ظروف استثنائية صعبة ومعقدة تكتنفها الحيرة والغموض تجتازها البلاد التونسية نتيجة ما آلت اليه الامور من تدهور وتسيب وانفلات في العشرية الاخيرة من عهد الزعيم الرئيس الحبيب بورقيبة لاسباب يعرفها الجميع ولا فائدة في ذكرها واستعراضها في هاته العجالة استطاع رجل امن واستخبارات مغمور ومعقد يكاد يكون مجهول الهوية ان يتسلق سلم الترقيات الادارية حتى اصبح رئيسا للحكومة ثم اغتنم تلك الظروف وانقض على كرسي رئاسة الجمهورية ليقتلع منه الرئيس (المريض والخرف) وينصب نفسه رئيسا للجمهورية.
وليقتنع التونسيين والعالم بأحقيته للرئاسة اصدر بيانا يعتبر وثيقة تاريخية بالغة الاهمية من حيث البلاغة والشمولية والاختصار يطمئن فيها الشعب على ضمان امنه وحريته واستقراره وتنمية موارده الاقتصادية ونشر لواء العدل والمساواة بين سائر اطيافه ومكوناته السياسية والاجتماعية.
وتجدر الاشارة الى ان جل التونسيين يعرفون ان ذلك البيان كان من تحرير مستشاره الاول في تلك الفترة الذي يكن للرئيس بورقيبة حقدا دفينا فوجد الفرصة سانحة للانتقام منه بتشجيع ذلك الصعلوك ودفعه لارتكاب هاته المغامرة الخطيرة الحمقاء ضاربا بعرض الحائط مصلحة الشعب وطموحاته وتطلعاته وحريته التي ضحى في سبيل تحقيقها بالغالي والنفيس.
فتقبل الشعب باحتراز وحذر هذا الامر الواقع باعتباره اخف الاضرار نظرا لما كان يعانيه من فراغ وتسيب وانفلات وخوفا على مستقبله اثناء تلك الفترة من رئاسة بورقيبة زعيم الشعب وباني تونس الحديثة وبقي ينتظر بفارغ الصبر ما سيؤول اليه الامر وعسى ان يفي هذا الرئيس الجديد بوعوده الواردة ببيان 7 نوفمبر ويتنفس الشعب الصعداء ويردد (أنجز حر ما وعد).
لكن وا اسفاه فقد خاب ظنهم وجرت الرياح بما لا تشتهي سفنهم اذ تبين شيئا فشيئا ان للرجل اهدافا وغايات اخرى شيطانية خبيثة وبعيدة كل البعد عن طموحات الشعب وتطلعاته وامانيه كان اولها التخلص بالطلاق من زوجته الاولى نعيمة الكافي (ام الثلاثة بنات) ثم التزوج من ليلاه (ليلى الطرابلسي) التي كان احد مجانينها وليس هو مجنونها الاوحد ثم بدأ حكمه باحاطة نفسه بمجموعة من الاشخاص والاعوان الذين عمل البعض منهم معه بادارة الامن والاستخبارات اثناء توليه وزارة الداخلية ورئاسة الحكومة ووزعهم في اجهزة الدولة ومراكز السلطة والنفوذ واحكم سيطرته على وسائل الاتصال والاعلام المكتوبة منها والمرئية والمسموعة لتصبح مجرد ابواق دعائية لتلميع صورته وشرع هو وليلاه واصهاره وافراد عائلته وعملاؤه ومستشاروه والدائرون في فلكه في نهب وافتكاك حقوق الشعب وممتلكاته من منقولات وعقارات وشركات ومناجم ومصارف بنكية ومؤسسات تجارية واقتصادية الى ان تجاوزت قيمة ثرواتهم ميزانية الدولة حسب تقدير الخبراء وقد تمكنوا من تهريبها للخارج واستثمارها بعيدا عن اعين التونسيين. كل ذلك بمرأى ومسمع من افراد الشعب المقهور الذين لا حول لهم ولا قوة.
وهكذا استمر الطاغية في جبروته وطغيانه غير عابئ بما اصبح يعانيه الشعب الذي هو امانة في عنقه من فقر وقهر وجوع وبطالة وحرمان بمن فيهم حملة الشهادات الجامعية من الشباب الذين يتفاقم عددهم عاما فعاما ولم يعودوا قادرين على الصبر والاحتمال.
وما درى هذا الطاغية وزبانيته ان للصبر حدودا وان للشعب رب يحميه وشعبا انجب ابن خلدون والشابي وبن غذاهم والثعالبي وبورقيبة وحشاد وحرر بلاده من الاستعمار الفرنسي لن يسكت على هذا الظلم والقهر والاستبداد.
وهكذا مرت الايام حالكة السواد والطاغية وبطانته جاثمون فوق صدور افراد الشعب المقهور الى ان استيقظ الشاب الجامعي العاطل عن العمل محمد البوعزيزي من نومه ذات ليلة على صدى صوت يناغيه ويتلو على مسمعه صيحة شاعر تونس والعروبة ابو القاسم الشابي.
إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلابد ان يستجيب القدر
ولابد للظلم ان ينجلي
ولابد للقيد ان ينكسر

ثم أردفه ببيت شاعر النيل احمد شوقي:
وللحرية الحمراء باب
بكل يد مضرجة يدق

ثم تلاه هاتف اخر يردد:
من يخطب الحسناء لا يغله المهر

فانتفض قائما من نومه منزعجا يردد كلمات كلها تكبير واستغفار وبعض الادعية ثم ارتدى ملابسه بسرعة وألقى نظرة على والدته التي كانت نائمة فقبلها من جبينها واسرع الى سوق الخضر بمدينة سيدي بوزيد يدفع عربته اليدوية التي يحمل عليها بعض الخضر والغلال قصد بيعها.
وتشاء الاقدار ان تدفع احدى موظفات البلدية المكلفة بمراقبة الباعة الى اعتراض سبيله وتمنعه من الانتصاب في المكان الذي اختاره لبيع بضاعته. ولما اراد اقناعها بحقه مثل غيره في بيع بضاعته بنفس المكان اهانته ببعض العبارات الجارحة لرجولته وكرامته ثم صفعته على وجهه فاسودت الدنيا في عينيه ولم يعد يعي ما يفعل او يقول سوى دفع عربته بسرعة واتجاهه الى مقر الولاية مستحضرا صدى صوت الهاتف الذي أيقظه من نومه مرددا مقاطع شعر الشابي وشوقي والشاعر الاخر ليتظلم الى الوالي من صنيع ممثلة البلدية لكن الوالي رفض قبوله فأيقن اذاك ان جميع ابواب ومنافذ الحياة الكريمة قد اغلقت في وجهه ولم تعد لحياته اية معنى فقال في نفسه:

يا موت زر ان الحياة ذميمة
ويا نفس جدي ان دهرك هازل

ولم يتردد فبادر بسكب قارورة البنزين التي كانت بعربته اليدوية على جسمه الغض النقي واشعل فيه النار لكن هاته النار لم تكن هي النار المتعارضة بل كانت النار المقدسة التي سرعان ما ارتفعت شعلتها ولهيبها في ربوع تالة والقصرين والرقاب ومنزل بوزيان وسائر مدن تونس العزيزة وسرى خبر احتراق محمد البوعزيزي سريان البرق بين شباب تونس المقهور رجاله ونسائه مثقفين وجامعيين وعاطلين عن العمل فلم يترددوا لحظة في الاقتداء بالشهيد الاول: محمد البوعزيزي واخذوا يتنافسون في الاحتراق بالنار المقدسة تحقيقا للثورة المقدسة التي اخذ سعيرها يمتد وينتشر بسرعة الهية عجيبة حتى اقتربت من مكامن وقصور اعداء الشعب وجلاديه بالعاصمة وضواحيها. كل ذلك وفرعون الطاغية وزبانيته واصهاره ومستشاروه وعملاؤه مستمرون (في طغيانهم يعمهون) غير عابئين ولا مكترثين بانتحار الشعب واحتراقه وحتى فناؤه الى ان فوجئ الفرعون بقائد جيشه الخاص والمسؤول عن امنه يقتحم عليه باب قصره مرتعشا ويعلمه بالخبر اليقين ويقول له (اهرب وفز بنفسك) وواجه مصيرك المحتوم فأمر حكمك قد انتهى الى غير رجعة بفضل نار الثورة المقدسة التي اكتوى بها محمد البوعزيزي ورفاقه الشهداء الابرار، فلم يصدقه في بادئ الامر وظن انه يهزل لكن قائد جيشه وحافظ امنه دفعه بقوة الى السيارة التي كانت تنتظره بباب القصر وقاده الى المطار العسكري حيث كانت الطائرة في انتظاره فما كان منه الا ان اجهش بالبكاء ولم يتمكن حتى من القاء نظرة اخيرة على عاصمة ملكه التي كان يظن انه سيخلد فيها مدى حياته ثم يورثها لليلاه واصهاره وافراد عائلته.
والآن ليس لي الا ان اقول له ولاتباعه وعملائه (اشباه الرجال) انتهى الدرس ايها المتخاذلون الاغبياء ولنهتف جميعا بالدعاء:
«يا نار كوني وسلاما على روح عبدك الشهيد محمد البوعزيزي ورفاقه الشهداء الابرار كما كنت بردا وسلاما على خليل الله ابراهيم عليه السلام».
والعزة والمجد لتونس واللعنة لاعدائها الخونة المتخاذلين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.