حوار اسيا العتروس قال مارتن داي المتحدث الرسمي باسم الحكومة البريطانية ان اعادة بناء جسور الثقة بين بريطانيا والشعوب العربية سيتطلب بعض الوقت ونفى المسؤول البريطاني في حديث خص به الصباح ان تكون بريطانيا وقفت الى جانب الانظمة الدكتاتورية على حساب الشعوب وقال «كنا نتعامل مع الانظمة ولم يكن امامنا خياراخر» وشدد على استمرار الجهود البريطانية لمعرفة تونسالجديدة، ونفى مارتن داي ان تكون الثورة التي حدثت في تونس ثم في مصرمصدر خوف لبريطانيا معتبرا انه على العكس مما قد يتوقعه الكثيرون فان هناك فرصة ثمينة لتكون تونس ديموقراطية ومزدهرة وحذر من المخاطر التي يمكن ان تواجهها تونس خلال المرحلة الانتقالية... كما اعتبر ان انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي سيعزز الثقة بين الغرب وبين العالم العربي والاسلامي، وكشف مارتن داي عن اعتزام بريطانيا بعث صندوق لدعم التنمية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا حجمه 5 ملايين جنيه استرليني على غرار ما تم لمساعدة دول اوروبا الشرقية في تجربتها من اجل الحرية. واشاردون توضيحات الى تعاون بين تونس وسلطات بلاده لملاحقة وتقصي ارصدة افراد عائلة الرئيس المخلوع وممتلكاته في بريطانيا مشيرا الى ان الخوض في التفاصيل سابق لاوانه...
تعددت منذ الثورة الزيارات من جانب المسؤولين الاوروبين المتوافدين على تونس فهل هوالخوف من ظهور سلطة قد تكون معادية لمصالح الغرب في شمال افريقيا مثلا؟
للتوضيح اشير الى ان امام الشعب التونسي فرصة ثمينة من اجل اقامة دولة مستقرة ومزدهرة عن طريق الانتقال السلمي للسلطة في اطار دولة حرة ومستقلة، والحقيقة انه ليس هناك خيارا بين الاستقرار اوالديموقراطية والاصلاحات الديموقراطية السياسية لا بد ان تتماشى مع الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية بما يجعل تونس اكثر قدرة على الاستجابة للمطالب المشروعة للشعب. ومن هذا المنطلق كانت زيارة وزيرالخارجية ويليام هيغالي لتونس بعد اسبوع على الثورة، نامل فعلا ان تنجح التجربة التونسية في المرحلة القادمة من اجل الانتقال السلمي وهناك بعض المؤشرات التي تدعو الى الامل مثل انضمام ممثلين من المعارضة الى الحكومة الانتقالية وتشكيل لجان تدرس تعديل الدستوروترتب لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة ومكافحة الفساد. طبعا لا يزال هناك تحديات اخرى ولا يزال الكثير مما يتعين عمله. والشعب التونسي هو الذي سيقود كل هذا ولكن الواضح ان الشعب التونسي سيحتاج الى دعم خارجي سياسي واقتصادي.
بصراحة هل تخيفكم الثورة؟
لا ابدا الثورة لا تخيفنا، اننا كغيرنا لم نكن نتوقع حدوثها، نقول هناك فرصة ثمينة لتكون تونس اكثر ازدهارا واستقرارا والاستجابة لمطالب الشعوب. في نفس الوقت نقول هناك مخاطر هذه مرحلة انتقالية. تم اتخاذ بعض الاجراءات ولكن في اعتقادي انه على الحكومة الانتقالية ان تنفذ تعهداتها لان في ذلك خطوة مهمة لاعادة ثقة الشعب وتحديد جدول زمني لاجراء الانتخابات والدولة والشعب من سيقرر ذلك دون تدخل من الخارج.عنصر اخر مهم، اعتقد ان البطالة كانت سببا من اسباب هذه الثورة ولذلك لا بد من اعادة ثقة المستثمرين وتحسين البيئة الاستثمارية ومراجعة القوانين الاستثمارية.
كان من السهل بالنسبة لكم التعامل مع انظمة دكتاتورية ترعى مصالح الغرب على التعامل مع انظمة ديموقراطية اليس هذا صحيحا؟
لا.. لا اعتقد ذلك، ليس صحيحا، بريطانيا عضو في الاتحاد الاوروبي. ونتعاون مع دول ديموقراطية ومع غيرها من الانظمة ايضا لا نرى خيارا بين الديموقراطية والاستقرار سواء في مصر اوفي تونس نريد علاقات مبنية على المصالح ولكن ايضا على القيم والمبادئ الديموقراطية، في السابق كانت المصالح مهمة ولكننا اليوم امام تحول تاريخي مهم لقد عايشنا تجربة دول اوروبا الشرقية التي نجحت الى حد كبير كما نجحت شعوبها في الاندماج الى المجتمع الدولي والتاثير على الاستقرار في اوروبا وقدمت بذلك ثورة شعوب اوروبا الشرقية مزيد الفرص الى الشعوب. وهناك ايضا المثال التركي وقد بذلنا جهودا كبيرة من اجل التقارب مع تركيا ودعمنا دون تحفظ انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي لان ذلك سيزيد الاستثمار قوة وسيعزز المصالح التركية والاوروبية على اعتبار ان الاتحاد الاوروبي ليس ناديا مسيحيا وفي اعتقادنا ان انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي سيكون بمثابة الجسر بين اوروبا والعالم الاسلامي.
زيارة وزير الخارجية البريطاني الى تونس ويليام هيغ في الاسبوع الاول بعد الثورة هي الاولى من نوعها لمسؤول بريطاني على هذا المستوى فماذا وراء هذا الاهتمام؟
هيغ جاء بعد رحيل الرئيس السابق كانت عندنا علاقات ثنائية بين تونس وبريطانيا على اساس المصالح وبعد التطورات الجديدة فاننا نريد ان تكون العلاقات الثنائية قوية تربط بين المصالح ولكن وهذا الاهم على اساس القيم والمبادئ الديموقراطية وحرية التظاهر، ومن هذا المنطلق فان زيارة هيغ بعد الثورة تعبيرعن تاييد بريطانيا لمطالب الشعب التونسي. رئيس الوزراء كاميرون زار بالامس مصربعد الثورة حرصا على ضمان نجاح العملية السياسية، العالم اليوم يتحرك بسرعة. وهناك دور متزايد لوسائل الاعلام والتقنيات الحديثة وبريطانيا لا يمكنها ان تعيش منعزلة عن هذه التطورات.
كيف يمكن تجاوز حالة انعدام الثقة السائدة اليوم سواء بين تونس وبريطانيا اوحتى بين تونس والغرب عموما الذي طالما كان الى جانب الانظمة الدكتاتورية وضد الشعوب؟
للتصحيح نحن لم نكن الى جانب الانظمة الدكتاتورية كنا نتعامل مع الانظمة القائمة ولم يكن امامنا خياراخر ليس من حقنا اختيار حكومة اخرى الان وبعد التطورات الحاصلة في تونس ومصر قلنا ان النظام الذي سيتشكل شان لا دخل لنا فيه اما كيفية بناء الثقة فهذه مسالة مهمة جدا والاسلوب الافضل هو الاتصالات المباشرة مع الناس والمؤسسات والزيارات والسياح وعبر المجلس الثقافي البريطاني واعتقد ان أية عملية اعادة للثقة ستاخذ بعض الوقت ولكن بريطانيا حريصة على تقوية العلاقات على كل المستويات.
ولكن الصمت المخجل والموقف المتخاذل للغرب عموما ازاء المجازر المستمرة ضد الشعب الليبي الذي يواجه المدفعية والقصف الجوي لا يمكن ان يؤسس لبناء ثقة اوامكانية التعويل على موقف عادل من جانبه ولا حتى من جانب مجلس الامن الدولي؟
لا اعتقد ان هناك صمتا من جانبنا شخصيا اعجز عن وصف ما يحدث في ليبيا ولا اجد العبارات للحديث عما يعيشه هذا البلد من جانب الحكومة البريطانية فقد تم اصدار بيان ادانة لم يحدث كما تم استدعاء السفير الليبي اما في ما يتعلق لمجلس الامن فانه ينتظر ان يعقد اجتماعه خلال ساعات لبحث كيفية الضغط على النظام الليبي ومطالبته بوقف فوري لاستخدام القوة واجراء تحقيقات شاملة في الاحداث في بنغازي وليبيا الشرقية والسماح بدخول مراقبين دوليين. ليس هناك صمتا على الاقل من جانب الحكومة البريطانية. صحيح ان بيننا وبين ليبيا مصالح ولكن هذه المصالح ليست اهم من القيم والمبادئ الانسانية لقد ادانت الحكومة بوضوح وبدات تحفظ ما يجري. نحن لا نتدخل فيمن سيحكم مصراوتونس اوما اذا كان الاخوان المسلمون في السلطة. في التسعينات عملت في مصر وكانت لنا اتصالات مميزة مع الاخوان الامر يتعلق بفصيلة من الفصائل السياسية الموجودة في مصروالمجلس الاعلى للقوات المسلحة المصرية دعا الاخوان للمشاركة في الحوار الوطني والقرار في نهاية المطاف مصري وأية قوة من حيث المبدا تريد المشاركة في الحياة السياسية. وحتى في افغانستان الحكومة اطلقت حوارا مع طالبان ونحن ندعم ذلك بشرط نبذ العنف واحترام الدستور. وبالنسبة لحماس فنحن لا نشكك في فوزها في الانتخابات ولكن هناك موقفا دوليا من الاتصالات مع الحركة تستوجب من حماس القبول بمبادئ الرباعية والاعتراف بحق اسرائيل في الوجود والقبول بكل الاتفاقيات الدولية ونبذ العنف.
اذا كان هذا واقع الحال فهل انتم مقتنعون بان اسرائيل بصدد احترام الاتفاقات الدولية والحال انه لم يسبق ان التزمت اسرائيل بتطبيق أي اتفاق يذكر؟
قلنا دوما انه لا بد للحكومة الاسرائيلية ان تنفذ كل التزاماتها في اطار خارطة الطريق، بالامس صوتت الحكومة البريطانية لصالح قرار مجلس الامن الذي عارضته واشنطن وذلك لان الحكومة البريطانية تعتبر انه بموجب القانون الدولي فان المستوطنات غير الشرعية وهي عقبة امام احراز تقدم في مسار السلام وتجعل من حل الدولتين امرا مؤجلا. سنعترف بالدولة الفلسطينية في اطار اتفاق الاتحاد الاوروبي في الوقت المناسب.
هل تخشون امتداد الثورة الى العراق لتهدد بذلك المصالح الامريكية والبريطانية هناك؟
كل دولة تختلف عن الاخرى ولكل دولة خصوصياتها. الوضع الراهن في العراق هناك حكومة منتخبة لا يمكن القول ان كل شيءعلى مايرام هناك مشاكل كثيرة واعتقد ان الشارع العراقي يفهم جيدا ما يريده وعلى الحكومة ان تستمع جيدا الى مطالب شعبها بريطانيا سحبت قواتها من العراق منذ اكثر من عام ونحن نسعى لاقامة علاقات جيدة مع بلد يتمتع بسيادته.