انطلقت الجماهير من كل حدب وصوب، والاتجاه واحد..الالتحاق باعتصام القصبة، امتلأت جميع المداخل، تلامذة، طلبة، موظفون.. حتى لم يعد هناك مكان يحملهم. وفي ساحة الحكومة، تعالت الصيحات منسجمة، كأجساد المعتصمين الملتحمة ببعضها، غاضبة، اهتزت لها الجدران ووصل صداها إلى حدود باب بحر ، وآخر شارع 9أفريل. "الصباح" واكبت كما الأيام الأخيرة، الاعتصام ميدانيا، وسط الجماهير المعتصمة، استمعت لهم وواكبت تحركاتهم، وكان الروبرتاج التالي: انطلقت الجماهير من الأحياء المجاورة للقصبة، ومن العاصمة، التحم فيها التلامذة والطلبة بالمواطنين.. ومن شارع باريس وسط العاصمة تجمع المئات جابوا الشارع، إلى أن وصلوا إلى شارع الحبيب بورقيبة، أين أصبحت المئات آلافا. الوصول إلى القصبة بمجرد الوقوف أمام السفارة الفرنسية، التي لم تسلم"فقد أخذت نصيبها من شعار" Dégage " شعار الثورة التونسية، وقفة لم تستمر طويلا فسرعان ما تحركت الجماهير إلى أن وصلت إلى القصبة، قاعدة الاعتصام، أين تجمعت مئات الآلاف... الجموع، كانت منظمة جيدا ومنتشرة في كل الساحة، ورغم الاكتظاظ، حافظت خيمة الخلية الاعلامية للاعتصام والتي تبث مجريات جديدها على مدار الساعة على "فايسبوك" محتجة على آداء وسائل الإعلام الوطنية. ورفع علم تونس عاليا في كل الساحة، ورفعت اللافتات، معبرة عن اتجاه أو موقف، أو حتى نكت سياسية... وكانت الشعارات متعددة ومختلفة، فعلت الأصوات تطالب ب"الشعب يريد إسقاط الحكومة"، وارتفعت الحناجر منادية ب"مجلس تأسيسي" وأخرى ب"اعتصام اعتصام حتى يسقط النظام " إلى" يا قذافي يا جبان الشعب الليبي لا يهان"...الحرية لا رجعة فيها سألت "الصباح" عددا من المعتصمين، فاعتبرت (غفران-ع) وهي طالبة انضمت للاعتصام البارحة أن "مطالب الشعب في الحرية لا رجعة فيها"، وأن مساندتها للاعتصام كان نتيجة اهتزاز ثقتها في حكومة محمد الغنوشي التي عينت ولاة تجمعيين، ثم لم تعمل شيئا إلى الآن سوى "التسويف والمماطلة". هكذا تكلمت هذه الطالبة بحماسة وأضافت أن "الحل الوحيد في رحيل هذه الحكومة" فلا مجال اليوم في تونس ل"حكومة لا تستجيب لمطالب الجماهير". حل التجمع أما سالم رميل فقد نادى" بحل التجمع الدستوري الديمقراطي"، ف"مازالت دار لقمان على حالها"، حسب رأيه، وقال"إن التجمع مازال يحكم في البلاد لم يتغير شيء"، واعتبر أن الحكومة الانتقالية"هي التي تعارض حله"، فيجب"إسقاطها" و"استبدالها بمجلس تأسيسي". حكومة الأمريكان من ناحيته رأى حسان طرابلسي، أن الجميع هرول إلى القصبة، الكل ذهب هناك ل"يعتصم" ليعبر عن عدم رضاه بهذه الحكومة حكومة استمرارية النظام السابق، "هذه الحكومة التي تحمل بينها عددا كبيرا من التجمعيين"، ومن معاوني الرئيس المخلوع، إنها حكومة "مفروضة من الأمريكان"...وقال بحماسة"نريد تونس حرة ونرفض أي وصي ورقيب". عصابة السراق سمير بن عون اعتبر اللجان الثلاث التي بعثتها الحكومة، لم تستجب لتطلعات الجماهير في تحقيق "شفاف يعيد الاعتبار إلى تونس" وأكد أن "عصابة السراق مازالت حرة طليقة تنعم بخيرات الشعب المنهوبة" وأضاف، هناك" طبخة تعد خلف ظهر الشعب التونسي للإبقاء على الحال كما هو" وبحماسة وغضب قال" لن نحل هذا الاعتصام قبل أن تحقق مطالبنا".