رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    فاتورة استيراد الطاقة لا تطاق .. هل تعود تونس إلى مشروعها النووي؟    في علاقة بالجهاز السرّي واغتيال الشهيد بلعيد... تفاصيل سقوط أخطبوط النهضة    مذكّرات سياسي في «الشروق» (5) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم الصادقية حاضنة المعرفة والعمل الوطني...!    أخبار المال والأعمال    تقديرات بانحسار عجز الميزانية الى 6.6 ٪ من الناتج المحلي    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مزاد دولي يبيع ساعة أغنى راكب ابتلعه الأطلسي مع سفينة تايتنيك    الرابطة الثانية (ج 7 إيابا) قمة مثيرة بين «الجليزة» و«الستيدة»    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    ترشح إلى «فينال» رابطة الأبطال وضَمن المونديال ...مبروك للترجي .. مبروك لتونس    فضاءات أغلقت أبوابها وأخرى هجرها روادها .. من يعيد الحياة الى المكتبات العمومية؟    تنديد بمحتوى ''سين وجيم الجنسانية''    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    الكاف..جرحى في حادث مرور..    نبيل عمار يؤكد الحرص على مزيد الارتقاء بالتعاون بين تونس والكامرون    استشهاد خمسة فلسطينيين في قصف لطيران الاحتلال لمناطق وسط وجنوب غزة..#خبر_عاجل    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    ماذا في لقاء وزير الخارجية بنظيره الكاميروني؟    طقس الليلة    تسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لدى اليونسكو: آخر الاستعدادات    بطولة الرابطة 1 (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    البطولة الافريقية للجيدو - ميدالية فضية لعلاء الدين شلبي في وزن -73 كلغ    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    نابل: الاحتفاظ بشخص محكوم بالسجن من أجل "الانتماء إلى تنظيم إرهابي" (الحرس الوطني)    أكثر من 20 ألف طالب تونسي يتابعون دراساتهم في الخارج    التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيدين للفلسطينيين    مواطن يرفع قضية بالصافي سعيد بعد دعوته لتحويل جربة لهونغ كونغ    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    الجزائر تسجل حضورها ب 25 دار نشر وأكثر من 600 عنوان في معرض تونس الدولي للكتاب    المؤرخ الهادي التيمومي في ندوة بمعرض تونس الدولي للكتاب : هناك من يعطي دروسا في التاريخ وهو لم يدرسه مطلقا    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب؟    وزارة التجارة تتخذ اجراءات في قطاع الأعلاف منها التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    الرابطة 1 ( تفادي النزول - الجولة الثامنة): مواجهات صعبة للنادي البنزرتي واتحاد تطاوين    افتتاح المداولات 31 لطب الأسنان تحت شعار طب الأسنان المتقدم من البحث إلى التطبيق    تضم فتيات قاصرات: تفكيك شبكة دعارة تنشط بتونس الكبرى    يلاحق زوجته داخل محل حلاقة ويشوه وجهها    عاجل/ إصابة وزير الاحتلال بن غفير بجروح بعد انقلاب سيارته    القلعة الصغرى : الإحتفاظ بمروج مخدرات    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    هام/ ترسيم هؤولاء الأعوان الوقتيين بهذه الولايات..    تقلص العجز التجاري الشهري    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    عاجل/ تحذير من أمطار وفيضانات ستجتاح هذه الدولة..    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    التشكيلة المنتظرة للترجي في مواجهة صن داونز    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلاميون في وضح النهار
نشر في الصباح يوم 28 - 02 - 2011

صلاح الدين الجورشي :ضرورة الفصل بين الدين والدولة..وليس الفصل بين الديني والسياسي
تونس- الأسبوعي انتمى صلاح الدين الجورشي في بدايته الى الجماعة الإسلامية وخرج عنها في نهاية السبعينات ليكون أحد مؤسسي تيار «الإسلاميون التقدميون» أو ما عرف باليسارالإسلامي
كما يتولّى الجورشي خطة نائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وكان قد أسّس في 1989 منتدى الجاحظ وما زال يتولّى رئاسته والمنتدى مفتوح أمام رجال الفكر من العرب وغيرهم للنقاش حول مختلف القضايا الفكرية. ساهم الجورشي في عدد من الصحف التونسية بدءا من مجلة «المعرفة» الإسلامية في السبعينات ثم عمل في الثمانينات في جريدة «الرأي» فمجلة «المغرب العربي» المستقلتين.وترأس في الثمانينات أيضا تحرير مجلة الفكر الإسلامي المستقبلي 15-21 ...وتمتاز كتاباته بالجدية والعمق.. «الأسبوعي» التقت بصلاح الدين الجورشي في استذكار لتيار «الإسلاميون التقدميون» وأطروحاتهم وليبدي رأيه في الكثير من المسائل التي تحتاج اليوم وبالذات إلى تناول موضوعي ونقدي..
* حركة «الإسلاميون التقدميون» تيار فكري انفصل عن الجماعة الإسلامية (النهضة حاليا) لخلاف فكري يرتكز أساسا على نقد حركة «الإخوان المسلمون» لو تعرّفنا أكثر بالتيار الذي كنت من مؤسسيه؟
«الإسلاميون التقدميون» تيار فكري نشأ في تونس نتيجة انفصال حصل داخل ما كان يسمّى» الجماعة الإسلامية» وهذه الجماعة هي التي ستتحوّل فيما بعد لتحمل اسم «الاتجاه الإسلامي» قبل أن تتبنّى اسم» حركة النهضة». هذا التيارنشأ في ظلّ خلاف فكري بالأساس بين شقين داخل هذه الجماعة و سرعان ما انفصل عن الجسم الأمّ نظرا لفشل الجماعة يومها في إدارة هذا الخلاف والارتقاء به إلى مستوى التنوّع داخل التنظيم الواحد,وقد تطوّرت محاورالاختلاف يومها لتشمل نقد حركة الإخوان المسلمين التي كانت تنتمي إليها النواة الأولى للحركة الإسلامية وتتخذّ منها مثالا لاستلهامها الفكري الديني ونقد كذلك لبنيتها التنظيمية كما شمل الخلاف مراجعة فلسفة التنظيم وطالب التيارالإسلامي التقدمي في تلك المرحلة «بتونسة» الحركة الإسلامية أي دراسة خصوصيات الواقع التونسي والاطلاع على الفكر الإصلاحي...كذلك شمل الخلاف قضايا العلاقة بين الدين والدولة وتجاوز ثنائية القانون والشريعة وتمت الدعوة يومها إلى إعادة قراءة التاريخ الإسلامي في سياق نقد جذري لأطروحة سيّد قطب. وهناك قضايا عديدة يمكن استعراضها من خلال الاطلاع على مجلة 15/21 التي عكست هذه الحركة الفكرية و التي رجّت كل مكونات الحركة الإسلامية في التاريخ وتجاوزت بكثيرما كان يحكم هذه الحركة من فكر ديني محافظ من ذلك القول بأن مجلة الأحوال الشخصية هي اجتهاد إسلامي عميق وأصيل وهو ما أثار موجة احتجاجية ضدّ هذه الأفكار خاصّة عندما دعا التيار إلى تفكيك الثقافة السلفية ونقدها في بنيتها الداخلية مؤكّدا على أن التفسير المهيمن في فهم النصوص الإسلامية ليس في الحقيقة سوى قراءة هيمنة تاريخية في حين تم طمس قراءات أخرى لا تقلّ أصالة في فهمها للدين ولدوره وكان التعبير عنه في تلك المرحلة بإعادة ترتيب العلاقة بين العقل والنصّ وذلك عندما قدّم هؤلاء العقل على النصّ اعتقادا منهم بأن النصّ لا يفهم خارج دائرة العقل.وهذا ما جعلهم يؤسسون منذ وقت مبكرّ الديمقراطية باعتبارها المنهج السياسي الأكثر تعبيرا عن روح الإسلام وذهبوا أيضا إلى القول بعدم وجود نظرية للحكم في الإسلام جاهزة بقدر ما قالوا إن النظام السياسي الذي يشرّك كل مكوّنات المجتمع ولا تحتكم فيه الشرعية للأغلبية والانتخاب وسيادة الأمة هو حكم مستبدّ حتى لو كان غلافه دينيا. وبناء على هذا التصوّر طرحوا منذ ذلك الوقت تجاوز إشكالية «الإسلامي والعلماني» وانفتحوا على مختلف مكوّنات النخب السياسية والفكرية في تونس بما فيها اليسارلما اعتبر أن مقولة الدولة الإسلامية «شعار هلامي» وقد يحمل رؤية استبدادية تتناقض مع الدولة الديمقراطية لأن الدولة كلما اقترنت بالايديولوجية تحوّلت إلى الوصاية والتنميط القهري.
*و ما رأيك في من يتدثّر بعباءة الدين وينادي بخلافة إسلامية؟
دعاة الخلافة الإسلامية في هذه المرحلة التاريخية يقفزون على التجربة التاريخية التي شهدت قيام الدولة الوطنية والدولة القومية إضافة إلى نظرتهم الطوباوية لعملية التوحيد التي يطرحونها لكل الأقطار والدول الإسلامية ضمن هيكل سياسي ديني واحد يدار بخليفة يعتقدون بأنه سيكون الأفضل والأقدرعلى إدارة شؤونهم وهو في تقديري تصوّرلا يستجيب للحدّ الأدنى للمرحلة التاريخية الراهنة خاصّة إذا كانت مقولة « الخليفة»و»الخلافة « مقولة تاريخية وليست مقولة دينية ملزمة وعلى كل حال لهم الحق في الدعوة لما يرونه. والكلمة الأخيرة ستكون للتجربة وللممارسة ومن جهة أخرىستكون للتونسيين المتشبثين بتونس كبلد وكدولة وهو ما أثبتته وعكسته الثورة التونسية.
*هل تعتقد فعلا أن يقبل المجتمع التونسي أن يحكم بخلفية إيديولوجية دينية على وجه الخصوص؟
للإجابة عن هذا السؤال يجب التأكيد أنّنا عند تناولنا هذا الموضوع اليوم لم نعد ننطلق من فراغ بل نعتمد على تجارب حصلت مثلا في ايران والسودان وهاتان التجربتان على الأقل قد أثبتتا أن دمج الإسلام بالدولة بشكل كلي أدّى إلى مأزق سياسي وديني في ألآن نفسه وهو ما يؤكّد ضرورة إخضاع هذين التجربتين للنقد العلمي والعميق. وعندما نمارس هذا النقد نصل إلى رأي اعتقده ويتلخّص في ضرورة الفصل بين الدين والدولة دون أن يعني ذلك الفصل بين الديني والسياسي. فالدولة يجب أن تبقى جهازا جامعا في خدمة كلّ مكوّنات المجتمع خاصّة إذا كان هذا المجتمع متعدّد الطوائف والأديان في حين أن المواطن المتديّن من حقه أن ينشط سياسيا وأن يؤسس لهذا النشاط على قراءته الذاتية للنصوص الإسلامية التي يراها تشكّل مرجعيته الروحية...وهنا أميّز بشكل واضح بين العلمانية غيرالمعادية للدين والتي تسعى لتمكين الجميع من ممارسة حرية المعتقد والتي لا تلغي أهمية الدين ودوره خاصّة في المجتمعات الإسلامية. قلت أميّز بين هذه العلمانية وبين اللائكية على الطريقة الفرنسية التي خلقت صراعا حادّا بين العلمانية والدين.
*الإسلاميون التقدميون هل هم معنيون بالنشاط السياسي ألآن ؟
بالنسبة إلى الإسلاميين التقدميين فقد أسّسوا لتجربة تاريخية على المستوى الفكري والثقافي لكنهم لم يتحوّلوا إلى حزب سياسي إنهم حاولوا أن يفرضوا تجربة تنظيمية من خلال بناء حركة منظمة ذات مضمون سياسي لكن مقولة الحزب السياسي تجنّبوا الخوض فيها اعتقادا منهم بأولوية الثقافي على السياسي و لكنهم اليوم يجدون أنفسهم في حالة تنوّع بين من لا يزال يؤمن بأن الجبهة الثقافية لا باقية ذات أولوية من أجل حماية المكاسب الفكرية التي فرضت نفسها على الكثير من مكوّنات الساحة الإسلامية وحتّى العلمانية وبالتالي فهي مكاسب يمكن أن تتعرّض للتهديد إذا لم يقع مزيد تطويرها وتأصيلها.
لكن ومن جهة أخرى هناك من الإسلاميين التقدميين الذين يعتقدون بأن الظرف أصبح مناسبا لكي يقع ترجمة هذه الأفكار التنويرية بممارسة سياسة ميدانية في ظل تأسيس حزب سياسي أو أكثر وأنا أرى أن هذا التنوّع سيكون مفيدا لتعميق تعدّد المداخل لنفس الخطاب الذي أكّدت الأحداث والتطوّرات في تونس وفي غيرها أنه الخطاب الأكثر قدرة على مواكبة التحوّلات العالمية إضافة إلى أنه خطاب يستجيب لتطلّعات شعبنا نحو التحرّر والكرامة والعدل.
*وماذا عنك؟ هل ستخوض غمار النضال السياسي أم ستواصل النضال الثقافي والفكري؟
أنا شخصيا إلى حدّ ألآن لا أزال مشدودا إلى النضال الثقافي والفكري رغم التصاقي بالحياة السياسية والحقوقية واعتقد أن منتدى الجاحظ الذي كان أحد ثمرات هذه التجربة والذي لعب دورا صعبا في مرحلة الدكتاتورية ولم يخضع لضغوط النظام السابق من أجل دفعه لكي يتحوّل إلى حليف السلطة في معركتها ضدّ حركة النهضة...فنحن في أشدّ الحاجة الى الفكر النقدي خاصّة أني أشعر بتفاقم خطاب «دوغمائي» يدفع نحو قولبة فكرية وسياسية هذه القولبة التي من شأنها أن تطمس الخلافات أو تؤجّلها من منطلقات تكتيكية أو لتحقيق مصالح ظرفية,ان الثورة التونسية لن تستكمل مهمتها ولن تحقّق النقلة النوعية التي نطمح لها اذا ما أصيب بعمى الألوان واختلط فيها الحابل بالنابل وهيمنة الشعارات الفاقدة للمضمون والعمق. لهذا نعتقد أن المنابر الفكرية قد تكون أكثرأهمية من الناحية الاستراتيجية من تكوين الأحزاب السياسية دون التقليل من أهميتها

عبد الفتاح مورو :اخترت العمل السياسي على العمل المسلح وهو خلاف تاريخي مع النهضة
هو من احد رموز ومؤسسي حركة النهضة في تونس.عرف الاستاذ او «الشيخ» كما يحلو للبعض ممن تابع محاضراته ودروسه الدينية تسميته انه عبد الفتاح مورو ،الذي تحدث ل»الاسبوعي» عن علاقته بحركة النهضة ومستقبل الحركة الاسلامية في بلادنا و مدى نجاح الحركة او الحزب في استقطاب المواطنين وغيرها من المواضيع .ان الداخل وللوهلة الاولى الى مكتب الاستاذ عبد الفتاح مورو ينتابه شعور بالحنين الى المعرفة (خاصة المعرفة القانونية و الدينية). كيف لا وكأن الزائر يتجول في حديقة كتب فيها من العناوين التاريخية القيمة الكثير ينبعث منها سحر فترة زمنية محددة من تاريخ تونس.
الاسلام ممثل اغلبه في النهضة
تراوحت آراء العارفين و الباحثين في الحركات الاسلامية في بلادنا بين معتقد بان حركة النهضة هي الممثل الاكبر ان لم نقل الوحيد للحركة الاسلامية في تونس,فيما يرى البعض الآخران الحركة الاسلامية في بلدنا هي نسيج من التيارات والاتجاهات الاسلامية الكثيرة . يقول الاستاذ عبد الفتاح مورو في هذه النقطة :»لا يختلف عاقلان في ان حركة النهضة - والتي وقع تأسيسها منذ اواخر ستينيات القرن الماضي هي من اكبر الحركات الاسلامية في بلادنا من حيث عدد منتسبيها، لكن في المقابل توجد تيارات اسلامية اخرى ...
طفت على السطح استغل بعضها غياب النهضة عن الساحة السياسية بسبب التضييق الذي مورس عليها ليظهر بقوة على غرار السلفية التي انحصرت دعوتها في طلب العلم مبتعدة كل البعد عن الحراك السياسي.»
لاوجود لاي انشقاق
راجت اخبار مؤخرا تتمحور حول حصول انشقاق بين الاستاذ وبين الحركة وعند سؤاله عن مدى صحة ما قيل أجاب محدثنا:»
لا وجود لاي انشقاق في صلب حركة النهضة ، لكن حدث امر لم استسغه الى حد الآن حيث لم يقع ادراج اسمي ضمن القائمة التي وقع تقديمها من الحركة لوزارة الداخلية للحصول على تاشيرة تصبح بموجبها حزبا سياسيا قائم الذات,ولعل ما اتاه مرسلو القائمة يعود حسب اعتقادي الى خلاف تاريخي جد في ما مضى في صلب الحركة تمحور حول اختيار النهج المتبع: إما العمل السياسي اوالمسلح وقد قلت آنذاك ان لا للخيار المسلح وهو ما اثار حفيظة البعض..عموما لسائل ان يسال هل يعقل ان يقع نسيان او تناسي احد مؤسسي حركة النهضة في وقت اصبح فيه المجال مفتوحا للممارسة السياسية؟
وعن امكانية تاسيسه لحزب سياسي في حال قرر الابتعاد كليا عن حركة النهضة اضاف الشيخ عبد الفتاح مورو:»ان كنت سأؤسس حزبا سياسيا هذا غير وارد حاليا لا يمكن ان يكون حزبا على الورق أي هيكل سياسي تديره مجموعة من الاسماء بعيدة كل البعد عن الشعب,لذلك فالمطلوب في هذا الظرف بالذات من قبل الاحزاب الاقتراب اكثر من المواطنين والعمل على ايجاد حل لمشاكلهم حتى يشرعن وجوده في الخارطة السياسية التونسية
نجاح الاحزاب رهين..
عانى منتسبو الحركات الاسلامية في تونس الكثير بسبب الطريقة التي عوملوا بها في عهد نظامي بورقيبة وبن علي اذ يقول الشيخ في هذا الصدد:»لقد وقع اضطهاد الحركات الاسلامية في بلادنا طيلة حكم الزعيم بو رقيبة والرئيس المخلوع حيث وقع التنكيل بالاسلاميين الذين دفعوا غاليا ضريبة اعتقادهم . لقد كان الهدف من تضييق الخناق على هذه الفئة من المجتمع جعل نظامي بورقيبة وبن علي يستاثران بالسلطة و ينالان رضا الغرب بذريعة محاربة التطرف و الارهاب وهو ما تم طيلة الستين سنة حيث مات وسجن الكثير من منستبي هذه الحركات. وعن مدى نجاح الاحزاب الاسلامية في قادم الايام في استقطاب مختلف فئات الشعب قال محدثنا:»ان نجاح أي حزب سيكون رهين التصاقه بالواقع حيث سيكون مطالبا بتحسس معاناة المواطنين والعمل على التخفيف من وطئتها لان الاحزاب الايديولوجية قد ماتت ومن المنتظر ان تندثر مع مرور الوقت.»
لا وجود لأي تحالفات
من المنتظر ان تفرض التحولات السياسية التي ستشهدها بلادنا قبيل الانتخابات بروز عدة تحالفات بين العديد من الاحزاب.وعن امكانية دخول النهضة في تحالفات مع احزاب اخرى دينينة اويسارية او قومية أكد الاستاذ عبد الفتاح مورو قائلا :»اعتقد ان لا وجود لأي تحالفات مستقبلا بين النهضة وبعض الاحزاب الاخرى اليسارية او القومية..للاختلاف الكبير في وجهات النظر و طرق العمل بين جميع القوى السياسية في بلادنا.»
تصرف قاصر سياسيا
شهدت تونس مؤخرا عدة احداث من بينها تظاهر منتسبي حزب التحرير اما المعبد اليهودي وسط العاصمة رافعين عدة شعارات مناههضة لليهود . كما طالعتنا وسائل الاعلام بصورلخبراسلاميين هاجموا في يوم جمعة بعد الصلاة لماخور العاصمة مطالبين بإغلاقه. وتعليقا عما حدث قال الاستاذ:»اظن ان هذه الأعمال مخطط لها مسبقا وهو تصرف للأفراد قصر سياسيا لأن القائمين على هذين الحدثين وغيرهما لا يعون جيدا ما يفعلونه ,فتاريخ تونس المعاصر خال من أي صراع مع اليهود اوالمسيحيين المقيمين في وطننا.اما عن قضية الماخور فإنها لا تحل بهذه الطريقة فهي إشكالية اجتماعية بالأساس تحل بآليات معينة كإيجاد عمل آخر للعاملات و العاملين به او غيره من الحلول الجذرية.»

أعلية العلاني (باحث متخصص في التيارات الاسلامية المغاربية) نقطة ضعف الحركات الإسلامية في غياب برنامج مفصل وحلول واقعية
كشفت بداية السبعينات النقاب عن تشكّل ملامح الحركة الاسلامية في تونس لتشهد السنوات المتعاقبة فيما بعد قولبة معالم هذه الحركة وتبلورطروحاتها التي كانت دائما محل تجاذب من باقي التيارات الفكرية ومحل قمع من النظام سواء بوجهه البورقيبي أوفي ظل حكم بن علي..وانطلاقا من زخم التجربة واختلاف الأراء حولها لم تكن بعيدة عن بحوث الجامعيين وأطروحاتهم ومنهم الدكتور»أعلية العلاني» أستاذ التاريخ المعاصر بالجامعة التونسية والباحث المتخصّص في التيارات الاسلامية المغاربية..
الابتعاد عن توظيف المقدّس
حول الاسلام السياسي في تونس وامكانية طرحه بجدية بعد ثورة 14 جانفي أجابنا الدكتور أعلية العلاني قائلا : «الاسلام السياسي كان معطى مجتمعيا محلّ جدل و أخذ وردّ بين مختلف أصناف النخبة لكنه اليوم أصبح معطى رسميا نظرا لامكانية الاعتراف بهذا التياروهي أوّل مرة تحدث في تونس بعد نصف قرن من الاستقلال. ويبقى السؤال المطروح :هل أن تيار الاسلام السياسي يلبي حاجيات مجتمعية بعد الثورة أم أنه على هامش الحاجيات؟
المؤكّد أن المجتمع حاليا لا يمكن أن يقصي التيار الاسلامي السياسي بشرط أن يتحوّل الى أحزاب أو حركات لا تحمل طابعا دينيا بحت حتّى وان كان يعرفها الناس بخلفيتها الاسلامية . ولهذا المطروح حاليا على هذا التيار أن يتعامل كحزب مدني بالأساس لأن المعطى الديني يبقى دائما معطى مشتركا حضاريا و فرديا وهوما يحتّم على تيار»الاسلام السياسي» أن يبتعد عن توظيف المقدّس في الصراعات السياسية والاجتماعية .وأعتقد أن التيار الاسلامي الذي عرف مختلف أشكال الاضطهاد لا يسمح لنفسه باضطهاد الأخرين.
الثابت والمتغيّر في الخطاب..
لو تتبّعنا مسار الحركة الاسلامية منذ نشأتها الى اليوم نلاحظ تغيرا في بعض الجوانب ولم تتغيّر في جوانب أخرى ..وحول الثابت والمتغيّر في خطاب الحركة يجيب الدكتورعلاني: «الجوانب التي تغيّرت في الخطاب هو ما يتعلّق بالخطاب السياسي حيث كان للحركة في السبعينات وبداية الثمانينات موقف سلبي من مسألة الديمقراطية ومسألة التعامل مع الغرب . وكانت تجاري في ذلك التيارالاخواني لأن الجماعة عند تأسيسها كانت جزءا من التنظيم الاخواني الدولي وكانت أدبيات التنظيم أدبيات اخوانية تعتمد على كتب سيّد قطب وسعيد حوى وفتحي عثمان..وكانت في عداء مع التيارات اليسارية والليبرالية ومع تيارالاسلاميين التقدميين الذي انبثق من رحم التيارالاخواني ثم اختلف معه.
وكان ظهوركتاب الغنوشي «الحريات العامة في الدولة الاسلامية» بداية لهذا التغيير من ذلك قبول الاحتكام الى صناديق الاقتراع عوض الحاكمية والى مبدإ التعايش عوض المفاصلة..والذي حصل أن حركة النهضة انخرطت في تغيير خطابها السياسي بالكامل طيلة الفترة الماضية الى الآن وأصبحت مفردات الديمقراطية والتعددية والتسامح والتعايش مستعملة بكثرة في أدبيات الحركة لكن هل فعلا تغيّر الخطاب السياسي لحركة النهضة تزامن مع تغيّر الاديولوجية للحركة ؟ ان ما نلاحظه لحدّ الان أن الحركة لم تصدر نصّا اديولوجيا جديدا يعبّرعن ثوابتها النظرية فالنصّ المعتمد لحدّ الان في انتظارالمؤتمر القادم هو ما صدرفي ديسمبر 1986 وعندما نعود الى هذا النص نجده لا يتطابق تماما مع الخطاب السياسي الحالي للحركة.
وبالتالي فان اصرار الحركات الاسلامية على الدمج بين الدين والسياسة «قفز» على الواقع وعلى تاريخ المسلمين وعلى النصوص المقدسة فنحن مسلمون ولا نرى موجبا لاقحام الدين في السياسة وأعتبرأن حركة النهضة لو أقدمت على الاقرار بهذا الفصل فانها تكون غيّرت بالفعل أرضيتها الاديولوجية التي يحوم حولها نقد وجدل كبير.
موقع حركة النهضة بعد الثورة
وحول سؤالنا عن موقع حركة النهضة بعد الثور أجاب محدّثنا «أعتقد أن حركة النهضة ستوفي بالتزاماتها في خصوص عدم الترشّح للانتخابات الرئاسية لأنها تدرك أن تواجدها في العديد من المؤسسات هوالذي يحفظ ديمومتها كالبرلمان والبلديات وسائر المجالس الأخرى ولهذا فان حركة النهضة انخرطت في الذي تنادي به بعض القوى السياسية ...وأنا أتكهّن بأن تحوز حركة النهضة في الانتخابات القادمة على نسبة في حدود 20 بالمائة انطلاقا مما يشاع من أن نظام الاقتراع القادم سيعتمد على النسبية الموسعة بحيث لا يعود في مقدور حزب واحد الحصول على أغلبية الأصوات بمفرده..وهذا ما سيجعل حركة النهضة تتدخّل في تشكيل المشهد القادم للسلطة التنفيذية وهذه النسبة يمكن أن تتحصّل عليها حركة النهضة بالتعاطف الذي تجده من الرأي العام نتيجة اضطهادها من السلطة السابقة. وتبقى نقطة الضعف الكبيرة لدى الحركة الاسلامية التونسية غياب برنامج مفصّل، مقنع ، برنامج يطرح حلولا عملية وواقعية لمعظلة البطالة والتنمية الجهوية والاعلام والثقافة الخ...
حزب التحرير يبقى دخيلا
كان للدكتور» أعلية العلاني» وجهة نظر حول تزامن ظهور حزب التحرير مع بعض الأحداث التي أثارت العديد من نقاط الاستفهام «ان ما حصل من أحداث مؤسفة سواء فيما يتعلّق بالاعتداء على الكنيس اليهودي او مقتل القسّ البولوني الخ...يؤشّر على بداية شبه منظمة للتيارالراديكالي يدّعي الحديث باسم الاسلام ولئن سبقت النهضة الى التنديد بهذه الأحداث وهو موقف ايجابي فاننا لا يمكن أن نتغافل عن تداعيات ظهورهذا التيار المتطرّف الذي اعتبره دخيلا على تقاليدنا التونسية ولا يجب أن يدفعنا ذلك الى الاتهام المجاني حتى تثبت الأبحاث الحقيقة...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.