بعد سنوات من الحجب و"الصنصرة" والتضييق على الحريات عبر إغلاق المواقع الالكترونية ومتابعة المدونين تحت غطاء "منع المواقع الإباحية والإرهابية"، جاءت ثورة 14 جانفي لتفتح الباب أمام الحريات وخاصة منها حرية الرأي والتعبير وتم رفع الحجب والرقابة على جميع مواقع الأنترنات دون استثناء بما في ذلك المواقع الإباحية. هذا "الانفتاح" استغله بعض القاصرين وحتى الكهول للدخول إلى المواقع الإباحية وسبب إحراجا كبيرا للعائلات وخاصة منها التي تعودت على ترك الحرية لأبنائها للإبحار عبر المواقع الالكترونية على أساس أن هذه المواقع مراقبة.وحسب إحصائيات الهياكل المسؤولة فانه ومنذ رفع الرقابة وبعد 45 يوما عن ذلك، تم تسجيل احتلال خمسة مواقع إباحية لمواقع متقدمة ضمن أفضل 100 موقع من حيث الزيارات في تونس حيث يحتل أحدها المرتبة 47 !!! مصدر من كتابة الدولة لتكنولوجيات الاتصال أفادنا أن المبدأ هو الحرية وأن القضاء هو الجهة الوحيدة التي تحدد إن كان هذا الموقع مخالفا للقانون أم غير مخالف سواء كان اباحيا أو إرهابيا أو يحثا على الكراهية والتناحر... وأضاف أن المصالح الفنية التابعة لكتابة الدولة أو للوكالة التونسية للانترنات لا تقوم بحجب أي موقع إلا إذا أذنت النيابة العمومية بذلك. رغم أن القانون في هذه المسالة لا زال غير واضح ورغم أن الآراء تختلف بين مؤيد لوجود قانون ينظم سير الانترنات وبين رافض لهذا القانون على أساس ان ذلك يعد تضييقا للحريات وضابطا جديدا أمام الحريات. وبخصوص من يمكنه رفع قضية والمطالبة بإغلاق بعض المواقع أجابنا مصدر قضائي أن القضية ترفع من قبل من يرى نفسه متضررا أي بإمكان أي مواطن أن يرفع الأمر للقضاء وكذلك من قبل الجمعيات والمنظمات الخاصة بالمستهلك أو الخاصة بالطفولة. وحول احتمالات تحميل مزود خدمات الانترنات مسؤولية حجب بعض المواقع ذكر مصدر كتابة الدولة لتكنولوجيات الاتصال أن بإمكان الحريف أن يطلب عند التوقيع على العقد مع المزود حجب المواقع التي يراها لا تتناسب مع وضعه العائلي والاجتماعي والعقائدي كما يمكن لمستعمل الانترنات نفسه استعمال خيار "الحماية الأبوية". وعموما لا تعد هذه الرقابة مسا من الحريات وكان لا بد على الهيئات المسؤولة وقبل رفع الرقابة كليا عن جميع المواقع أن تبادر إلى القيام بحملات وقائية وتوعوية قبل رفع الرقابة على المواقع الإباحية وكان لا بد كذلك من التعريف بالبرمجيات الخاصة بالوقاية لحماية القاصرين وتقديم الطرق الممكنة للأولياء للتحكم في تصفح أطفالهم للشبكة. وبخصوص هذه المسالة ذكر السيد نوفل الفريخة مدير بالوكالة الوطنية للسلامة المعلوماتية ل"الصباح" أن الوكالة لا تتدخل في مسالة الرقابة وحجب المواقع بل فقط في مسالة الحماية من القرصنة وغير ذلك. وبخصوص إمكانيات فرض رقابة على بعض المواقع الإباحية أفادت مصادرنا أن آليات المراقبة العائلية متوفرة وذلك عبر برمجيات توزع مجانا في أقراص مغناطيسبة كما يمكن تحميل هذه البرمجيات مباشرة عبر الانترنات.وتحتوي هذه البرمجيات على مراقبة قبلية أي إغلاق لعدد من المواقع بصفة آلية أو المراقبة البعدية أي إمكانية التعرف على المواقع التي تم الدخول إليها من قبل القاصرين. وأفاد أن الحاسوب إذا أصيب بفيروس يمكن معالجته لكن إذا أصيب الطفل بفيروس المواقع الإباحية فان لا إمكانية لمعالجته وإصلاحه وتلك الطامة الكبرى. وأضاف أن الوكالة تحاول توفير البرمجيات الحامية للطفل بصفة مجانية على عكس دول أخرى توفر هذه البرمجيات بمقابل.وقال ان مشكل المواقع الممنوعة يمكن ان بكون اخطر خلال السنتين القادمتين باتساع رقعة الأطفال المالكين لهواتف ذكية من الجيل الثالث وبالتالي لن تبقى وسائل المراقبة الحالية مجدية. وأضاف السيد الفريخة ان الوكالة الوطنية للسلامة المعلوماتية تعمل حاليا وبشكل أعمق على حماية الطفل من المخاطر الممكنة لشبكة الأنترنات وذلك من خلال السعي إلى تحقيق جملة من الأهداف الكبرى من ذلك نشر الوعي لدى الطفل بإمكانية التعرّض إلى مخاطر عند استعمال شبكة الأنترنات. السعي إلى أن يكون الوليّ (الأمّ أو الأب) المرجع الأساسي للطفل عند التعرّض إلى مضمون مزعج أو غير أخلاقي (رسالة أو صورة) عبر شبكة الأنترنات. والعمل على نشر الوعي لدى الطفل بخطورة الإدلاء بمعطيات خاصّة عند التحاور عبر شبكة الأنترنات مثل الإدلاء بعنوان المنزل أو المدرسة أو بمواعيد التنقلات الشخصية. هذا الى جانب التشجيع على إرساء وتعزيز مبدإ الحوار داخل الأسرة وذلك بين الولي والطفل والتعريف بقواعد الإستعمال الرشيد لشبكة الأنترنات داخل الأسرة والتشجيع على تنمية قدرات الأولياء على الإحاطة بإبحار أبنائهم على الشبكة.