تنتظم الدورة السادسة لمهرجان الفيلم الوثائقي بتونس (أواللقاءات الدولية للفيلم الوثائقي) فيما بين 20 و24 أفريل الجاري. وتتوزع العروض على قاعتي الفن الرابع والمونديال إلى جانب المسرح البلدي بالعاصمة. وكانت مؤسسة «ناس الفن» بإدارة سهام بلخوجة وراء بعث هذا المهرجان الذي مكن إلى حد اليوم حسب احصائيات المنظمين من عرض 400 فيلم وثائقي من جنسيات مختلفة. وإذ تكتسي الدورة الجديدة للمهرجان بعدا خاصا لأنها ستكون الدورة الأولى التي تنظم بعد انتصار الثورة الشعبية بتونس فإن المنظمين راهنوا على الشباب وخاصة على مجموعة من بينهم من عشاق الصورة لتكون لهم كلمتهم في هذه الدورة التي أعلن أصحابها أنها دورة خاصة. مع العلم وأن المنظمين شددواعلى أن الإصرارعلى تنظيم المهرجان جاء من منطلق أن خلق الحدث الثقافي اليوم بالعاصمة وبالشوارع الرئيسية بها على الرغم من الظروف التي تعيشها بلادنا خاصة على مستوى ضمان الأمن يعتبر انخراطا في فعل المقاومة بالنسبة للمنظمين وللفنانين والمبدعين ذلك أنه من المهم بالنسبة لهؤلاء العودة إلى شارع الحبيب بورقيبة وإلى الإحتكاك مجددا مع الجمهور المتلقي لإبداعهم. ينتظر أن تعرض بمناسبة الدورة الجديدة للمهرجان أكثر من 40 فيلما من بينها أفلام حول الثورتين التونسية والمصرية. وقد يكون من المفيد الإشارة إلى أن تونس شهدت منذ فترة شبه غياب كلي للفعل الثقافي لأسباب لها علاقة بالأمن ولكن أيضا لأسباب لها علاقة بقراءة خاصة حاول أصحابها من خلالها أن يقصوا الفن والثقافة من كل حركة تغيير تشهدها بلادنا وكأن الثقافة غير معنية بالنضال من أجل إرساء الديمقراطية في تونس. لكن العودة إلى الأنشطة الفنية والثقافية شيئا فشيئا التي نلاحظها يجب الإقرار بالفضل فيها بالأساس إلى إصرار المبدعين ورجالات الثقافة على رفض كل محاولات إقصاء الفعل الثقافي من المشهد العام في تونس حيث تشهد بلادنا ما يمكن أن نشبهه بالمخاض من أجل إنتاج نظام جديد للبلاد ومن المفروض أن يكون أهل الفن ورجالات الثقافة في طليعة الحركة من أجل البناء الديمقراطي الفعلي وتطوير الحس الحضاري بالبلاد. ويمكن القول أن تنظيم دورة جديدة لمهرجان الفيلم الوثائقي في المرحلة الإنتقالية في تونس التي تعيش حركة مطلبية كبيرة على المستوى الإجتماعي وصراعات شديدة من أجل فرض الكلمة في المشهد السياسي وما ينجرعن ذلك من ظروف أمنية استثنائية فيه شجاعة ولعله يكون حافزا لمن مازال مترددا إزاء الإقدام على المغامرة بتنظيم تظاهرات ثقافية خاصة تلك التي تدور في قلب العاصمة.