مثلت العدالة الجنائية محور نقاش ومداخلات لمحامين ومختصين خلال الندوة الوطنية التي نظمها أمس كل من المعهد العربي لحقوق الإنسان والمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي تحت عنوان "احتياجات وأولويات إصلاح نظام العدالة الجنائية في تونس" والتي ستتواصل أشغالها اليوم. وقد أكدت الأستاذة تغريد جابر المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا للمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي أن العامل الزمني لتحقيق العدالة الإنتقالية وبالتالي تحقيق إصلاح منظومة العدالة الجنائية مهمّ ومحوري و»على الجميع أن يقتنع أن الإنتقال الديمقراطي لن يكون سهلا وسيتطلب البحث سنوات في الإصلاحات وصياغتها ومن ثمة تجسيدها على الأرض الواقع»، مضيفة "أنّ كل الأطراف منشغلة الآن بالإصلاح السياسي ومسألة الديمقراطية والحريات دون الإهتمام بالمسائل الإجتماعية التي تنطوي صلبها العدالة الجنائية بما أنها تشمل شريحة واسعة من المجتمع" وبيّنت أن إصلاح منظومة العدالة الجنائية يجب أن يستند إلى مرجعيات تعتمد على المعايير الدولية التي تحترم حقوق الإنسان لضمان ملاءمتها مع الواقع والسعي والإسراع في الإصلاحات التي تتطلب التمشي حسب ثلاث خطوات أولها مسألة «تحرير الإصلاحات والقوانين "ثمّ تحليل تكلفتها لا فقط التكلفة الإقتصادية فحسب وإنما أيضا الاجتماعية والإنسانية، إلى جانب دراسة أثر الإصلاح الجنائي على المجتمع والأشخاص من ذلك العقوبات البديلة وأثرها على قضية الاكتظاظ داخل السجون". أما الخطوة الثالثة فتتمحور حول "عملية التقييم والرقابة التي شكلت نقطة ضعف وعائقا ملحوظا بالنسبة للدول العربية للغياب البارز لهياكل المجتمع المدني من منظمات وجمعيات التي من المهم أن يوكل إليها هذا الدور لتكريس دولة القانون والمؤسسات» ومن جهتها أكدت الأستاذة نزيهة بوذيب أن العدالة الجنائية في تونس شهدت بعض الإصلاحات التي اتسمت بالتشتت والمتعلقة ببعض الإجراءات وكيفية تطبيقها، ولم تتعد مسألة الاستجابة لأنظمة مختصة صلب منظمة الأممالمتحدة وتنزيلها في إطار التسويق المحلي والخارجي لتلميع صورة تونس إزاء انتهاكات حقوق الإنسان داخل السجون وخارجها، والتي لم تحقق نتائج تُذكر على مستوى حقوق الناس وضمانات المتهمين. وأكدت الأستاذة نزيهة ذويب « أنّ العدالة الجنائية لا يمكن أن تتحقق دون إصلاحات جوهرية تشمل مؤسسات وأطرافا ذات علاقة كالمؤسسة القضائية والمؤسسة الأمنية التي كانت على مدى عقود طويلة مؤسسة قمع لا مؤسسة لتطبيق القانون وضمان تسييره». كما أن الاحتكام والرجوع إلى الخبرات الدولية في مجال إصلاح العدالة الجنائية دون "أن تكون لنا عُقد" من الآليات المهمة التي ستساعد على تكريس الإصلاحات وتحقيق العدالة الانتقالية بالإضافة إلى انضمام تونس إلى المحكمة الدولية الذي سيساعدها على الإدراج الفعلي لمنظومة حقوق الإنسان. ومن جهة أخرى، أكد عبد الباسط بن حسن رئيس المعهد العربي لحقوق الانسان على ضرورة ضبط استراتيجات عملية لاصلاح المنظومة الجنائية وادراجها في اطار الاصلاح المجتمعي ككل اضافة إلى تطوير التشريعات واصلاح السجون وإدراج مسألة العقاب بشكل واضح في منظومة حقوق الانسان.