آسيا العتروس غريبة هي تركيبة الزعماء والقادة العرب وهم الذين ما انفكوا يثيرون اشمئزاز العالم بميولاتهم الوحشية ويستنفرون الشعوب ويؤججون لديهم مشاعر الحقد والكراهية ويدفعون بذلك الى التساؤل عما في عقول هؤلاء الحكام وقلوبهم من أحاسيس أو أفكار وعما اذا الدماء التي تسيل في عروقهم من دماء الادميين الذين يخجلون اذا ما اذنبوا في حق الاخرين ويتألمون من ايذائهم... كل يوم يمضي يكشف المزيد من الخصوصيات المتفردة للقادة العرب الذين لم يتوقفوا عن ابهار العالم بما يخفونه من همجية ووحشية طالما تخفت خلف البدلات الانيقة وربطات العنق المستوردة والابتسامات الخبيثة. السلطة ولا شيء غير السلطة تبقى الهدف المعلن والخفي في حسابات الحكام الذين جعلوا من بقاء كرسي الحكم مرادفا لبقاء الشعوب أو زوالها، فعقلية الحاكم المستبد تعتبر أن في نهايتها نهاية لشعوبها وأوطانها وأن في بقائها وحدها بقاء لتلك الشعوب التي لا يمكنها الاستمرار بدون وصاية.. بالامس وبعد أن كنا نعتقد ونحن المغفلون أن الرئيس المخلوع الذي اختار من المنفى مقرا له لن يجرؤ يوما على الظهورعلى الملإ بعد العار الذي لحق به وهو يختار الهروب الى المنفى بعد أن أجرم في حق البلاد والعباد. بل ان في تواتر الانباء عن تدهور صحة المخلوع ودخوله مرحلة احتضار طويل ما دفع للتكهن بان الرجل ربما يعيش حالة من الندم والرغبة في تخليص ضميره من عذاب الضمير الذي يلازمه ليلا نهارا قبل أن تسقط كل التاويلات والقراءات وياتي الينا صوت المحامي اللبناني المأجور يذكرنا بأن جشع وطمع الدكتاتور لا يقف عند حد وأن الرئيس المحتضر عاد الى الحياة مطالبا باستعادة حقوقه المالية وأرصدته المجمدة التي اشترك في نهبها وسلبها من دماء وعروق التونسيين مع العصابات المقربة منه.والحقيقة أن بن علي أوالرئيس الهارب ليس اليوم سوى صورة لنظرائه وهم كثر في العالم العربي الذين لا يمكنهم الاستمرار بدون امتصاص دماء الشعوب..وبعد أكثر من ثلاثة أشهر على اندلاع الثورة اليمنية لا يزال علي عبد الله صالح يماطل ويختلق الذرائع للتهرب من مواجهة المطالب الشعبية التي تصر على رحيله فلمن يتردد في اللجوء الى قوة السلاح لترهيب الشعب قبل أن يهدد باشعال حرب أهلية في البلاد لا تبقي ولا تذر وعندما اكتشف افلاس الاوراق المتبقية لديه عمد الى القاعدة لاثارة الرعب والفوضى في صفوف أبناء الشعب اليمني..والامثلة لا تتوقف عند هذا الحد فقد اختار العقيد الليبي بدوره ألا يحيد عن خط أسلافه وأن يعمد الى الحديد والنار ليحول الأرض الليبية الى رهينة بين فكي أعوانه ومرتزقته.. وتكشف الانباء القادمة الينا من سوريا المزيد مما خفي من أهواء الحكام العرب الذين ما انفكوا يبهرون العالم بقدرتهم الفائقة على التزلف والظلم والاستبداد ونكران حق الشعوب في تقرير المصير..مشاهد من شأنها أن توفر ما يكفي للمؤرخين ليدنوا عن مرحلة مصيرية في تاريخنا المعاصر وتمنح السينمائيين أيضا كل السيناروهات لتصوير الواقع المزري للحكام العرب وقد باتوا يدركون أن الشعوب التي تحررت من خوفها لا يمكن أن تمنحهم بعد اليوم المزيد من الفرص للتنكيل بهم والبقاء على العروش التي توصلوا اليها بالقوة ولم يتخلوا عنها الا بالقوة..