بقلم: آسيا العتروس أنيقة في كلماتها هادفة في أفكارها متواضعة في حديثها، هي امرأة استأثرت بكل بساطة بصفات قلما تتوفر في شخص واحد،قرأنا في السابق مقالاتها وأدركنا أنها لا يمكن أن تكون امرأة عادية في الزمن الوضيع فالشجاعة والجرأة وان كانت من الخصال المطلوبة فانها غالبا مالا تجد لها موقعا لدى أصحاب القلوب الضعيفة وتحديدا قلب الانثى ولكن شجاعة هذه المرأة جعلتنا نخجل من أنفسنا بدل المرة مرات، ثم كان ان استمعنا بعد طول صمت الى تصريحاتها ومواقفها واستمتعنا بحديثها فأدركنا أنها قد جمعت الى جانب الشجاعة صفة أخرى وهي المسؤولية ونقصد المسؤولية عند الشدائد وبعدها... الاسم نزيهة رجيبة والكنية أم زياد هي أم قبل كل شيئ وهي مواطنة تونسية ومربية وكاتبة ومناضلة حقوقية صمدت حين كان يراد لها أن تنهار، وتكلمت وأفصحت عندما كان الاغلبية صامتين أومناشدين ولكنها اختارت الانسحاب والصمت عندما بدا الجميع يتكلمون وينسبون لانفسهم بطولات وهمية لا يصدقها الا السذج أوالمغفلون. لم يعرف عنها أنها غيرت خط كتاباتها أو قلبت السترة التي على كتفيها كما يفعل الكثيرون كانت تتصدى للتضييقات والتهديدات والاهانات التي تمارس عليها بمزيد من الاصراروالحرص على تبليغ صوتها واستقرائها للاحداث، اتهمت أكثر من مرة بتهم مفتعلة وكانت في كل مرة تخرج أكثر قوة وصلابة من السابق.. وعلى عكس الكثيرين لم نرى هذه المرأة ويرغم مسيرتها النضالية من أجل الحرية والكرامة بعد الرابع عشر من جانفي تتربع أمام الكاميرات لتستعرض مسيرتها في مواجهة الظلم والاستبداد ومناصرة أصحاب الرأي الحر والمواقف الصادقة لم تشأ أن تهرول الى المنابر الاعلامية اوتحرص على أن تكون الضيف الممل في مختلف الفضائيات لتتحدث عن بطولاتها وتروي ما تحملته من أذى وما تعرضت له من انتهاكات واهانات بسبب ارائها ومواقفها بل انها رفضت أن تكون ضمن تلك القافلة من الانتهازيين في عوائها المستمر بأنها من صناع الثورة. صمتت أم زياد ورفضت امتطاء الثورة لتصنع لنفسها صورة وهمية ورفضت القفز على الاحداث والارجح أنها كانت أكثر من يدرك أن ذاكرة التونسي أقدر وابلغ على التمييز بين المتملقين وبين الوطنيين وان الذين سارعوا لاستغلال المشهد الجديد في البلاد مراهنين على ما سبق من محاولات لحرق والغاء مختلف الوثائق والتسجيلات التي تثبت تورطهم في الكثير من المصائب التي عاني ويعاني منها هذا البلد... وحتى عندما كانت تتحدث عن مظالم العهد البائد كانت أم زياد هادئة وهي التي اختارت المصارحة بدل الانتقام... وقد كان لكلماتها وقعها في النفوس وهي تقول في تصريحاتها للقناة الوطنية بأن للقضاء اليوم أوليويات كثيرة عليه الاستعداد لها وأن تحقيق العدالة وتجفيف دموع الثكالى وأمهات الشهداء أهم من كل محاولات التشفي والرغبة في الانتقام... فلا نملك الا أن نقول شكرا أم زياد لشجاعتك شكرا أم زياد لترفعك وشكرا أكثر وأنت من جعلتنا نكتشف جزءا من الاسرار التي دفعت الزعيم حشاد الى القول "أحبك يا شعب"...