- تعيش وراء القضبان العديد من النساء اللاتي وان اختلفت حكاياتهن ورواياتهن، يجمعهن المكوث داخل السجن. ولعل ما يزيد من معاناتهن خصوصا خلا ل شهر رمضان المعظم افتقادهن لأجواء"اللمة" العائلية؛ وما يزيد في مأساتهن امتناع الأهل والأقارب عن زيارة بعض السجينات ممن لهن قضايا تتعلق بالأخلاق العامة. وبمناسبة شهر رمضان ولمزيد الاطلاع على الظروف التي تعيشها السجينات خلال هذا الشهر، زارت «الأسبوعي» سجن النساء بمنوبة قبيل الإفطار وتحدثت الى العديد منهن حول خصوصيات إقامتهن في ذلك المكان ، كما كان لنا لقاء مع المديرة والأخصائية النفسانية بهذا السجن. ولعل من أهم ما يجدر ذكره أن هذه المؤسسة السجنية تعمل على إرساء تقاليد سجنية جديدة بتكثيف الرعاية والإحاطة المادية والنفسية للسجينات من خلال السهر على توفير ظروف إقامة أفضل وإضفاء أجواء خاصة عليها بمناسبة شهر رمضان. وقد أجمعت السجينات اللاتي تحدثنا إليهن على المعاملة الحسنة من قبل المشرفين على السجن واحترام الحدود الدنيا من حيث جودة الأكلة المقدمة خاصة خلال شهر رمضان الذي وضعت له ادارة السجن برامج ثقافية ودينية وترفيهية متنوعة سواء عبر الاذاعة الداخلية للسجن أو الورشات التنشيطية أو حلقات التكوين قصد إعدادهن للاندماج في سوق الشغل بعد مغادرتهن السجن، دون أن تخفين افتقادهن للأجواء العائلية كخصوصية من خصوصيات هذا الشهر الكريم. ظروف إقامة طيبة هذا ما أكدت عليه السجينة( نهيدة خ) المتهمة في قضية استغلال موظف لوظيفته والتي قضت إلى حد الآن قرابة 7 أشهر وأضافت أن اللأجواء العامة طيبة في ظل الأخلاق العالية التي تتمتع بها أغلب السجانات والمشرفات على السجن لكن الشيء الوحيد الذي تفتقده هو العائلة حيث تحترق كل يوم بسبب ابتعادها عن زوجها وأبنائها لكن زياراتهم المتكررة تخفف عنها المعاناة. نفس الأمر تعاني منه السجينة (ف.خ) المتهمة في قضية سرقة مصوغ منذ 4 أشهر والتي أكدت أن عائلتها تعاني ظروفا مادية صعبة جعلت أختها الوحيدة هي التي تتكفل بزيارتها وكذلك نفس الشيء بالنسبة لأميرة نمار والمتهمة أيضا في قضية سرقة. مختصة في المرطبات والحلويات زهوة حمادي سجينة أيضا بتهمة القتل دفاعا عن شرفها وقد قضت 7 سنوات ونصفا من جملة 15 سنة وجدناها في الغرفة المخصصة لتحضير الحلويات والمرطبات ؛ وفي حديثها معنا أكدت أن العلاقة التي تربط السجينات فيما بينهن يطغى عليها الاحترام والعطف مؤكدة أن الأجواء مع العائلة لا يمكن تعويضها خلال الشهر المعظم مبيّنة أن الأمر الوحيد الذي يشغل بالها هو عملية تقبل العائلة والمجتمع لها بعد خروجها من السجن. كما أكدت أنه منذ دخولها السجن وعمرها آنذاك 18 سنة لم يتجاوز عدد زيارات أهلها 12 زيارة الأمر الذي يحزّ في نفسها خصوصا أن عائلة المرحوم التي أقدمت على قتله قد غفرت لها لكن عائلتها لم تغفر لها ذلك. في المقابل وفي حديث مع (سهام د )في قضية قتل أيضا قضت من العقوبة 9 سنوات وجهت دعوة للمشرفين على قرى الأطفال إلى مزيد تكثيف المراقبة على هذه الفضاءات التي تقر أن بها تجاوزات في حق الأطفال الذين يتواجدون هناك ومن ذلك أبناؤها حيث يقع ضربهم و يتعاملون معهم بأسوإ الطرق. أم سجينة ملتاعة سميرة بن زمال أم سجينة متهمة في قضية سرقة وقد حكم عليها ب4 أشهر كانت برفقتها ابنتها التي لم تتجاوز السنة من عمرها أكدت أن الجو العام طيب وأن الأكلة التي توفرها ادارة السجن لها ولابنتها لا يمكن أن تتوفر لها في منزلها لكن الأمر الذي يحزنها كثيرا هو وجودها رفقة ابنتها بين 4 جدران خصوصا أن لها 7 أطفال تركتهم يعيشون مع أبيهم العاجز عن توفير لقمة العيش لهم. سجينة جزائرية بعد 12 سنة زارتها والدتها عيشة جريدي متهمة في قضية مخدرات حكم عليها ب30 سنة سجنا لكن تم تخفيف الحكم عنها... دخلت السجن وعمرها 22 سنة وقد قضت إلى حد الآن قرابة 13 سنة لكن ومنذ شهر نوفمبر الفارط تمكنت والدتها من زيارتها والتي كانت لا تعلم شيئا عنها وعن أخبارها الأمر الذي خفف عنها معاناتها خصوصا أنها حاولت في السابق الانتحار حيث أن آثار ذلك بادية على مستوى يدها اليسرى. امتيازات لمساجين الإعدام بشيرة وحيدة قضت 11 سنة في السجن بسبب قضية قتل حكم عليها بالإعدام حيث كان يمنع عنها طوال تلك الفترة الزيارات و»القفة» و الرسائل لكن بعد الثورة أمكن لها ولبقية السجينات الصادر بشأنهن نفس الحكم التمتع بهذه الامتيازات التي كانت في السابق ممنوعة. 5 ورشات لأكثر من 270 سجينة أكدت مديرة السجن أن شهر رمضان هو شهر عادي كالبقية غيرأنه يتسم بتزايد الأنشطة الثقافية والدينية من خلال الإذاعة الداخلية للسجن اضافة إلى تحسن نوعية الأكل. في جانب آخر يهم الورشات الموجودة بينت مديرة السجن أن هناك 5 ورشات تم توفيرها من أجل مساعدة السجينات على توفير اختصاص للاندماج في سوق الشغل. وهذه الورشات هي ورشة المرطبات التي تنشط على غير العادة خلال شهر رمضان ؛ كذلك هناك ورشة الخياطة والتطريز والزربية والحلاقة. إحاطة نفسية...و«القفة» يوميا خلال شهر رمضان في ما يهم الإحاطة النفسية للسجينات أكدت مديرة السجن أن هناك مرافق رعائية للسجينات من خلال توفر عدة مكاتب تعمل كلها جاهدة للإحاطة النفسية للسجينات وخصوصا مكتب العمل الاجتماعي للإحاطة النفسية الذي يعمل على الاستماع والإصغاء لمشاكل السجينات والعمل على إيجاد حلول لها. في جانب آخر يهم «قفة» السجينات أوردت مديرة السجن أنه خلال الأيام العادية يتم قبول «القفة» 3 مرات في الأسبوع لكن في شهر رمضان فإن القفة يومية أي كامل ايام الأسبوع مضيفة أن السجينات تتمتعن بمجانية الأكل والتداوي أما المعوزات منهن فزيادة عن ذلك يتمتعن بمجانية الإكساء والإعاشة (الاكل). أغلب القضايا اقتصادية وبشأن نوعية القضايا للسجينات أكدت محدثتنا أنها متنوعة بين قضايا البغاء والمراودة والسرقة والمخدرات والقتل وفي الأغلب قضايا اقتصادية كالتحيل والشيكات، وعن جنسيات السجينات أوضحت أن كلهن تونسيات ما عدا 3 منهن واحدة جزائرية وأخرى نيجيرية والثالثة ماليّة. فضاء خاص للأمهات السجينات في ما يهم الأمهات السجينات أكدت مديرة السجن أنه لا توجد سجينة وضعت مولودها بعد 14 جانفي مضيفة في نفس الإطار أنه تتوفر بالسجن روضة بإمكان الام السجينة أن تأخذ صغيرها الى هناك وفي نفس السياق أوضحت أن بعد سنة 2008 لما أقرّ قانون بضرورة توفير فضاء خاص لإقامة الأمهات السجينات فان هذا الفضاء جاهز للتسليم في غضون شهر من الآن مؤكدة أن هناك من السجينات من يعملن على طبخ الاكلات للسجينات سواء الامهات أو الحوامل والمرضى وفق برنامج يقع إعداده مسبقا كما تتقاضى السجينات مقابل ذلك أجرة يقع تحديدها مسبقا. هذا وقد بينت الإخصائية النفسانية للسجن «إيمان ودرني» أن أكثر ما يقلق السجينات هو إحساسهن بالعزلة عن العالم الخارجي من خلال غلق باب السجن مما يوحي لهن بسلب لحريتهن لذا نحاول قدر المستطاع ومن خلال قدومهن إلى المكتب المخصص للإحاطة النفسية من خلال المحادثات التي نقوم بها لامتصاص غضبهن. هذا وتجدر الإشارة إلى أن طاقة استيعاب السجن هي 450 سجينة لكن العدد الحالي غير مستقر حيث يتراوح بين 270 و 280 سجينة بعد أن كان قبل 14 جانفي يصل إلى 420 سجينة. سعيدة الميساوي