قوة «طاولة وكراسي» تكمن في تناولها موضوع الثورة أما بقية الجزئيات فهي مطروحة للنقاش عندما تحول حلم المخرج عبد المجيد الجلولي في اخراج عمل درامي تلفزيوني وهو صاحب الإختصاص وهو صاحب التجارب العديدة في اخراج المنوعات التلفزيونية عندما تحول حلمه إلى حقيقة وقع بث سيتكوم «طاولة وكراسي» عن الثورة التونسية على القناة الوطنية 2... ولم يحظ بنسبة مشاهدة عالية. من هذه النقطة انطلقنا مع المخرج في الحديث عن أول تجربة درامية له في الإخراج حيث لم يخف استياءه من ظروف البث التي مرت بها سلسلة «طاولة وكراسي» وبين أن الاتفاق بينه وبين إدارة التلفزة كان على أساس بثها على القناة الوطنية الأولى وفي أوقات الذروة وليس مباشرة أثناء آذان المغرب وهو ما خالف الإتفاق حسب رايه الذي اتخذه المدير العام للتلفزة التونسية مختار الرصاع بعد أن وقف بنفسه على ظروف التصوير على عين المكان.
ظرف قياسي أم تسرع واستعجال
وعما إذا كان هذا العمل الدرامي قد وقع انجازه على حساب الجودة وبصفة مستعجلة ودون ترك مسافة للقراءة التاريخية الموضوعية أو الفنية الجيدة قال الجلولي «في رأيي يحسب للتلفزة التونسية إنتاجها لأعمال درامية مواضيعها ساخنة ومحل اهتمام جميع التونسيين في ظرف غير عادي وفي وقت قياسي...، لكن لا أنكر أن الاستعداد أو ما يسمى بالتحضيرات الأولية قبل التصوير كانت سريعة زيادة على أن النص لم يكن جاهزا باعتبار انسحاب لطفي بن ساسي بعد كتابته لأربع حلقات لأسباب شخصية تهمه، وقد عمدت إلى كتابة حلقات أخرى مع المؤلف الجديد عماد بن حميدة الذي رشحه لي لطفي بن ساسي وكانت الكتابة الجديدة مغايرة وتعتمد تشريك الممثل والمخرج في المساهمة وإبداء الرأي والإضافة وتستدعي بناء جديدا للأحداث والشخصيات زيادة على إضافة بعض الشخصيات الدرامية لملء فراغ في البناء الدرامي وفي العلاقة بين الشخصيات مثل شخصية (البكوش)...»
المشاهدة الغبية والذكية
وبخصوص تصوره الفني ورِؤيته الفنية في هذا العمل قال «لقد أردت تقديم صورة مغايرة لما كان مألوفا ومقصودا في السابق وهو تعويد المشاهد في الإفطار على المشاهدة والضحك الغبي دون تفكير، فيما اقترحت عليه في «طاولة وكراسي» معادلة جديدة وهو أن يأكل ويشاهد ويضحك ويقرأ العمل بذكاء عوض أن يأكل ويضحك ويسكت، وهذه السياسة الأخيرة مبرمجة منذ عقود من الأنظمة المتداولة في إنتاج الصورة التي تعتمد تسلسلا جامدا وخطيا وتكرس صورة نمطية. أردت لحركة الكاميرا ولحركة العلاقة بين الشخصيات روح أخرى تقطع مع المشهد المسطح، وتقدم للمشاهد صورة وحركة في الآن نفسه تدعو إلى التفكير لأنني أؤمن أن الفن هو زاوية نظر وليس صورة فوتوغرافية وهو أمر لم يكن متداولا في المجتمع التونسي. العمل الفني ليس نصا فقط بالنسبة لي هو علاقة متينة بين عناصر متعددة ومجتمعة وهي الإضاءة والديكور فكل شيء ناطق وله رمزيته بالنسبة لي.
أخطاء... وكاستينغ
وحول الهنات والأخطاء التي تضمنها العمل قال المخرج عبد المجيد الجلولي أن اختياراته في الكاستينغ لم تكن صائبة في بعض الممثلين لكنها كانت موفقة في اختيارات أخرى مثل صلاح مصدق ولطيفة القفصي ومحمد علي دمق الذي تقمص شخصية «البكوش» وهي الشخصية التي تعبر عنه كمواطن تونسي حسب تعبيره في هذه السلسلة... كما قال المخرج عبد المجيد الجلولي أنه لا يبرر الأخطاء الأخرى مثل ضعف السيناريو وضيق الوقت فهو يرى أن كل شخص مطالب بتحمل نتائج مسؤولياته.
مقاربة هي عبارة عن تفاعل مع الثورة لأن مسارها لم يكتمل بعد
وحول توظيف الثورة قبل الأوان كما نشاهد ذلك في كل القنوات قال الجلولي «نحن لم نتحدث عن الثورة ولم نقدم أنفسنا على أننا ثوريين وإنما كانت مقاربتنا عبارة عن تفاعل مع ثورة مسارها لم يكتمل بعد... وشدد المخرج عبد المجيد الجلولي في ختام حوارنا معه على المطالبة بإعادة بث سلسلة «طاولة وكراسي» في أوقات جيدة حتى لا يهضم حقه، علما أن إدارة التلفزة كانت قد وعدته بذلك في النصف الثاني من رمضان على القناة الأولى ولم تفعل على حد ما أخبرنا به.