آسيا العتروس بتبنيه الهجوم الانتحاري المزدوج الذي استهدف في اخر جمعة من شهر رمضان الاكاديمية العسكرية في شرشال غربي الجزائر يخرج تنظيم القاعدة في بلاد العالم الاسلامي عن صمته ويوجه لدول المنطقة وللعالم أكثر من رسالة تحد لاكثر من طرف. طبعا لا مجال لقراءة الاشارات المختلفة التي يحاول التنظيم بثها والترويج لها دون العودة الى الاطار الزماني للعملية الانتحارية التي ذهب ضحيتها ثمانية عشرمن العسكريين بينهم الرائد التونسي حمدي بن بشير الذي التحق بالاكاديمية منذ الخامس من أوت في اطار برنامج رسكلة وتكوين الاطارات العسكرية لمدة عام الى جانب اثنين من الضباط السوريين, فليس سرا أن العملية تبقى ضربة قاسية بالنسبة للاستخبارات الجزائرية وللاجهزة الامنية وللنظام الجزائري الذي طالما بشر بطي صفحة الارهاب قبل أن يجد نفسه مستهدفا في عقر داره في هجوم على مؤسسة عسكرية وعلى بعد مائة كيلومتر عن العاصمة ... وقد أعادت العملية الى الذاكرة الهجوم الذي استهدف مبنى الاممالمتحدة والمحكمة الدستورية في العاصمة الجزائرية من قبل وهو ما كان أثار مخاوف الجزائيين وأصابهم بالاحباط في أوقات كثيرة وهم يشيعون قوافل الشهداء من العسكريين والمدنيين... أكثر من نقطة من شأنها أن تثير الاستغراب في بيان ما يعرف بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي أو ما كان يعرف بالجماعة السلفية للدعوة والقتال, فالجماعة التي تجعل من الدين غطاءها صممت وخططت لتنفيذ عمليتها بالتزامن مع موعد الافطارالذي ينصرف فيه المسلمون في مشارق الارض ومغاربها في شهر رمضان الى الافطار والصلاة على عكس من اختاروا القتل والترهيب. ولعل أغرب ما تضمنه البيان الصادرعن تنظيم القاعدة في أعقاب الهجوم الانتحاري ذكره « أن المجاهدين في الجزائر يواصلون هجماتهم المباركة على أركان النظام المجرم الحليف للقذافي» وهم بذلك يعلنون عن موقف لا يخلو من غرابة وازدواجية فهم يعلنون من ناحية أولى موقفا معاديا للنظام الجزائري الحليف للقذافي ويعلنون من جهة ثانية موقفا مؤيدا للثورة في ليبيا ولكنهم لا يفسرون كيف يمكن لهجمات دامية تخلف الايتام والثكالى والارامل أن تكون مباركة أوأن تجلب الخير للبلاد والعباد موقف لا يمكن أن يقنع عاقلا وينفذ الى قلب مؤمن أويجد له موقعا لدى أحد من البشر مهما كانت هويته أو لونه أو عقيدته... لقد راجت ومنذ الايام الاولى للثورة في ليبيا أنباء عن مشاركة مقاتلين ينتمون لتنظيم القاعدة في المعارك الدائرة في ليبيا وهو ما أجج مخاوف الغرب وربما كان عنصرا حاسما في الموقف المتردد للحلف الاطلسي وللغرب في دعمه للثوار بسبب انعدام الوضوح وهيمنة الغموض على المشهد الليبي وما يمكن أن يتمخض عنه من بدائل بعد سقوط نظام القذافي خاصة في ظل تقارير متواترة عن حرص الجماعة على فرض سيطرتها على المناطق النفطية لضمان مصادر تمويل عملياتها اللوجستية والعسكرية... ما حدث في الجزائر ليس بمعزل عن المشهد في ليبيا ولا في تونس ولاشك أن الايام القليلة القادمة من شأنها أن تؤكد ما اذا كانت المخاوف من امتداد نفوذ القاعدة مشروعة أوما اذا كانت مبالغ فيها من أجل ارساء مناخ من الشك والخوف وتوفير الشماعة المطلوبة لاقامة القواعد العسكرية المطلوبة في منطقة المتوسط ... حتى هذه المرحلة يصرقائد القوات البرية في الجيش الليبي اللواء خليفة حفتر بوجود جماعات متشددة في ليبيا ولكنه ينفي وجود تنظيم القاعدة فهل تؤكد الاحداث أقواله ؟ [email protected]