جدد جمهور الفن السابع أول أمس الموعد مع مهرجان الفيلم المغاربي بنابل في نسخته الجديدة المغاربية بعد أن كان ينظم في السابق تحت عنوان «ليالي السينما بنابل». وقد حضر شخصيات رسمية حفل الإفتتاح من بينهم ممثلي المفوضية الأوروبية ورؤساء المراكز والبعثات الثقافية الأوروبية ووجوه سينمائية من كل دول المغرب العربي... وتميز الافتتاح بإعلان مدير المهرجان أنيس لسود عن تأسيس صندوق لدعم السينما المغاربية. وتلا حفل الافتتاح عرض لفيلمين، الأول تونسي قصير وعنوانه «بيضاء» (tabou) لمريم ريفال والثاني مغربي وهو فيلم طويل بعنوان «البراق» لمختار مفتكر والفيلمان يعرضان لأول مرة في تونس باعتبارهما إنتاجا سينمائيا حديثا... ولعل اللافت في فيلم «البراق» الحاصل على الجائزة الكبرى في الدورة الأخيرة لمهرجان واغادوغو (بوركينا فسو) أن مخرجه مختار مفتكر يقوم بالإخراج السينمائي لأول مرة ومع ذلك استطاع أن يقدم تجربة فنية تميزت بالدعوة إلى الفرجة الذكية والفهم المشفر وقطعت مع المنطق النمطي والاعتيادي المعتاد في الأفلام في سرد الأحداث. الفيلم بسيكودرامي يرهق المشاهد دون شك بسبب مشاهده النفسية المدمرة وكذلك بغموض معانيه وأغراضه إلى درجة التعقيد الفلسفي.
الميثولوجيا بامتياز
ويطرح فيلم «البراق» (pégase) قصة فتاة من البادية تدعى ريحانة أراد لها والدها جنسا ذكرا غير جنسها الأنثوي لتجد في الأخير نفسها في غرفة منفردة بمستشفى للأمراض النفسية والعقلية بعد أن أخبروها عندما افتضح أمرها أنها حامل من كائن خرافي أوما سمي في الفيلم بإله البراق وليس من صديقها الآدمي زايد. وتجد الطبيبة النفسية التي كلفت بمباشرتها عنادا كبيرا ورفضا قطعيا من ريحانة حيث ترفض هذه الأخيرة التعاون مع طبيبتها لحل عقدها النفسية والتحقيق العلمي فيما إذا كانت هذه الأشياء الغيبية والغريبة التي أصبحت تؤمن بها ريحانة موجودة بالفعل في ذهن المريضة أم لا وعما إذا كانت مريضتها تكذب وتختفي وراء حقائق أم هي بالفعل على اعتقاد بكائنات خفية تسير وتسطر حياتها... وتجدر الإشارة إلى أن الفليم لا يقدم حكاية تقليدية يمكن للمشاهد معرفة أحداثها مسبقا بل قصة غارقة في الأسطورة مقارنة بوضع المرأة اليوم واعتمد المخرج فيها تناولا فنيا لافتا في مستويات الاختيارات الجمالية على مستوى توظيف الفنطازيا والخيال التي تجسدت في المشاهد والأضواء وطريقة سرد الأحداث وكذلك على مستوى الرموز الموظفة في الفيلم على غرار البراق أوالحصان والديكورات المغلقة... وقد خدمت هذه الأدوات التناول الميثولوجي والميتافيزيقي الذي ميز الفيلم شكلا ومضمونا في تعرضه للمجتمع الذكوري الذي كانت ريحانة ضحيته...
المثلوثي في المباشروفي «البلاي باك»
أما بخصوص الفيلم القصير التونسي «بيضاء» فقد سبق عرضه آداء أمال المثلوثي لأغنية جينيريك الفيلم حيث صعدت على الركح صحبة قيثارتها ليعاد سماع الأغنية فيما بعد مسجلة في الفيلم. وقد خاضت امال المثلوثي من خلاله تجربتها الأولى في التمثيل. لكن مضمون الفيلم وقضيته بدت متداولة في السينما التونسية حيث طرح عقدة الجسد والشذوذ. تدور الأحداث حول تعرض فتاة في طفولتها إلى الاغتصاب من أحد أفراد عائلتها وتقرر في سن الثامنة عشرة مواجهة حقيقتها ومصيرها... ويمكن القول أن مهرجان الفيلم المغاربي بنابل فتح شهية الجمهور بفيلم «البراق» المغربي في انتظار اكتشاف بقية التجارب المغاربية الأخرى الموريتانية والليبية وأيضا الجزائرية من خلال الفيلم الأمازيغي الذي يكرّم في هذه الدورة.