عشاء حقيقي مع الرئيس الباكستاني برويز مشرف على ضفاف المتوسط وفي الهواء الطلق بفضاء سيدي سليمان بنابل كان جمهور السينما على موعد الأسبوع قبل الفارط مع أفلام قصيرة وطويلة اختارتها له هيئة مختصة جل أفرادها من المتيمين بالشاشة الكبيرة ومن نوادي السينما على غرار المدير الفني لهذا المهرجان السيد أنيس لسود والمنسقة العامة السيدة منية رزيق... ولعل أهم ما يميز هذه البادرة الثقافية في الوطن القبلي هو البعد التطوعي فالكل يقدم خدمات مجانية ولا ينتظر مقابلا .فأحيانا ما يصنعه التطوع لا تصنعه الأموال الطائلة. وقد اعتمد هذا المهرجان أسلوب المحاور في تقديم فقراته على غرار تخصيص سهرة لأفلام بلدان الخليج بالتعاون مع مهرجان أفلام الخليج بابو ظبي وسهرة أخرى للأفلام الألمانية بالتعاون مع معهد قوتة الألماني بتونس وسهرة ثالثة بالتعاون مع المهرجان العالمي للحب بمونس (فرنسا) وكان للمهرجان فقرات أخرى على غرار الورشات (ورشة للصورة وأخرى للمونتاج وثالثة للفوتوشوب السينمائي). موعد مع الصوفية برغم الصيف والبحر ولئن كان مدار فيلم الافتتاح ابن عربي ورحلة الصوفية إلى موعد اللقاء كما تصور ذلك السينمائي التونسي الناصر خمير في «بابا عزيز» فان فيلم الاختتام لم يكن بعيدا عن نفس الروح والمناخ السينمائي كما في فيلم «الغزالي» للأمريكي اوفيديو سالازار المهتم بالصوفية هو الآخر والذي درس العربية بانقلترا ومصر وهو يعرف باسم عبد اللطيف سالازار. والصوفية ليست نقطة الالتقاء الوحيدة في الفيلمين فهما قد صورا بنفس الديكورات الطبيعية بإيران. «بابا عزيز» و«الغزالي» فيلمان يبحثان عن العمق الروحي في الإسلام وقد حظي الفيلمان بمتابعة هامة من الجمهور برغم مقتضيات الصيف والبحر وشفع عرض فيلم «بابا عزيز» بنقاش هام وعميق مع مخرجه الذي حضر العرض وكان مبهرا في حديثه عن قضايا الدنيا والروح كما في الصورة التي قدمها في «بابا عزيز». ومن الأفلام الأخرى التي لم تخرج عن المحور العام فيلم «سامية» للمخرج الفرنسي من أصل مغربي فيليب فوكون الذي يصور حكاية سامية فتاة مهاجرة (عمرها 15سنة) تعيش في مرسيليا وهي من أصل جزائري وتتعرض لضغوطات شقيقها العاطل عن العمل والمتواكل باسم الدين فهو يقف ضدها في خصوصياتها مثل علاقة الحب مع شاب من حضارة وديانة أخرى فتقرر أن تقف ضد الجميع لتحقيق ذاتها وإرادتها. من التمثيل الى الواقع بالرغم من أنها تونسية فإن السيدة ذكرى والتي كانت حاضرة بصفة ضيفة في ليالي السينما بنابل ممثلة عن المهرجان العالمي للسينما بابوظبي الذي اختتمت أفلامه الدورة الثانية من ليالي السينما بنابل. ومن بين هذه الأفلام فيلم الغزالي الذي أشرنا إليه سلفا. وقد استطاعت هذه التونسية أن تشع في سماء الخليج من خلال نشاطاتها الثقافية والإعلامية ومن خلال ما أثبتته من جدية ونشاط ونجحت في إقامة مهرجان حضره نجوم من الوطن العربي والعالم وبمشاركة 130 فيلما من 21 دولة. وقد قدم في إطار هذا المهرجان الفيلم الوثائقي «عشاء مع الرئيس» للمخرجة الباكستانية صبيحة سومار حيث كان لها لقاء في إطار عشاء مع الرئيس الباكستاني برويز مشرف حول عدة قضايا ومواضيع ساخنة على غرار الارهاب والانقلابات العسكرية والديمقراطية وغيرها من القضايا المثيرة في العالم اليوم. وبهذه البادرة خرجت السينما عن الرؤساء والوزراء والساسة الكبار بصفة عامة من الدراما والتمثيل الى الحقيقة والتوثيق. فبعد افلام «زواج بقرار جمهوري» و«معالي الوزير» والسادات «وناصر 56» جاء دور السينما التسجيلية والتوثيقية مع هذا العالم الذي كان ممنوعا ومحرما الى وقت قريب. السينما الجوالة من بين الحضور في ليالي السينما بنابل هشام رستم والمنصف ذويب. وقدم هذا الأخير شريطه الوثائقي الجديد وعنوانه «السينما الجوالة» وقد أنجزه عن طريقته في توزيع وترويج وعرض شريطه «التلفزة جاية». واثر العرض كان للجمهور لقاء مع المنصف ذويب وهشام رستم حول أزمة السينما التونسية وترويجها.و قد اعتبر المنصف ذويب السينما الجوالة عن طريق حافلة مجهزة بتقنيات العرض السينمائي طريقة مثلى للخروج من الازمة وترويج الفيلم نظرا لانعدام قاعات السينما التي أغلقت ونظرا لكثرة القرصنة حيث علمنا منه أن عدد المحلات المختصة في القرصنة في تونس سبعين ألفا منها 35 ألفا في العاصمة. وبنكتته المعهودة ذكر المنصف ذوي بان فيلمه تعرض للقرصنة وبيع بدينار واحد قبل نزوله للقاعات وبالمناسبة تساءل ذويب عن المانع لتصبح هذه المحلات هي المروج الرسمي للفيلم التونسي بوضوح وتنسيق مع كل الأطراف المعنية بالفيلم التونسي ومع ضمان حقوق كل طرف. لا بد من الإشارة إلى انه زيادة على النهج السينمائي الهام الذي يحرص عليه هذا المهرجان الفتي والمتمثل في انفتاحه وتقريب التجارب السينمائية من الجمهور التونسي فان الأهم من ذلك هو المناخ الذي يسوده فهو يقيم الدليل على أن ما تصنعه العزائم لا تقدر عليه أكبر الميزانيات في مهرجانات كبرى. وحيد عبد الله للتعليق على هذا الموضوع: