تكريسا لمفهوم المواطنة المسؤولة ومحاولة التعريف بها بشتى الطرق، أصر صاحب فكرة مهرجان المواطنة- شمس الدين المشري (مصمم صناعي) على تشريك المجتمع المدني في كل المعارض والأفلام والنقاشات المتنوعة منذ انطلاق المهرجان بمدرسة بئر الاحجار يوم 3 سبتمبر الى اختتامه بقاعة الكوليزي بالعاصمة مساء السبت الفارط. اختتام تضمن ثلاثة أشرطة وثائقية، شريطين للاطفال ووثائقيا لرفيق العمراني (متحصل على ماجستير بحث في علوم وتقنيات الفنون بالمعهد العالي للفنون الجميلة بنابل) بعنوان رئيسي «فلاقة2011» وعنوان فرعي «شموع في القصبة».. يتطرق هذا الوثائقي الى التجاذبات السياسية التي انشغل بها التونسيون إثر رحيل المخلوع يوم 14جانفي2011 وخاصة منها اعتصامات شباب منزل بوزيان والرقاب والمزونة والعديد من القرى والمدن التونسية يوم23 جانفي في ساحة الحكومة بالقصبة وهم يرددون شعارات تنادي بحل التجمع (الحزب الحاكم سابقا) وانتخاب مجلس تأسيسي وحل الحكومة. اعتصامات استمرت رغم الجوع والبرد والتهميش. هذه المواقف وقع تجسيدها في «فلاقة 2011» من خلال أحداث واقعية وصور للمعتصمين تنقل أصوات بني الأرياف والمناطق البعيدة عن العاصمة ليدافعوا عن آرائهم وتوجهاتهم ويبينوا أنهم تنقلوا الى العاصمة لا لمآرب شخصية والبحث عن مساعدات مالية انما جاؤوا من أجل تونس والمشاركة في تحقيق التحول الديمقراطي السليم ليس إلا.. كل هذه المطالب في الشريط تدعوك لا شعوريا الى الغوص في أعماق مفهوم المواطنة بعيدا عن كل الحسابات والمصالح الشخصية.. والدعوة الى الانتماء الوطني مهما كان الاختلاف بيننا في سبيل الرقي بأنفسنا والقطع مع كل القيود.. هكذا تبدو فكرة الوثائقي موسمة بروح المبادرة الخاصة التي تهدف الى خلق رؤية حداثية للمواطنة المسؤولة خاصة إذا ما جمعنا كل الأعمال التي عرضت طيلة هذا المهرجان من معارض للصور الفوتوغرافية والفنون التشكيلية والوثائقي نذكر على سبيل المثال الفيلم الكوبي «لاول مرة» وسرده لقاء سكان قرية نائية عن عالم السينما عبر السينما المتجولة لاول مرة، وفيلم «أمة الكتاب» للتونسي محمد براق الذي يقص نضال مكتبي يحث أهل الريف على المطالعة، وفيلم يروي قصة معلم ينتقل بواسطة حمارين شمال كولمبيا لنقل الكتب للأطفال.. هذا الى جانب العروض والنقاشات باغلب المقاهي، وتقريب الناشئة أكثر من المدارات الفنية في بعدها التشكيلي.. كل هذه النشاطات في هذا المهرجان هدفها التحسيس بمفهوم المواطنة عسى أن تترسخ في أذهان التونسيين رويدا رويدا بكل أبعادها الحضارية..