خلال ندوة صحفية عقدت صباح أمس بمقر الوزارة كان موضوعها معلم برج خديجة الأثري بالشابة التابعة لولاية المهدية وتوضيح أسباب إصدار قرار أيقاف أشغال بناء أحواض لتربية الأسماك في محيط البرج وما طرحه من تداعيات قانونية وهيكلية،أكد وزير الثقافة السيد عز الدين باش شاوش أن المعهد الوطني للتراث هو الهيكل الحكومي المشرف والمسؤول على المعالم الأثرية والتاريخية في كامل البلاد باعتبارها ممتلكات ثقافية للشعب وليس مالكا لها. لذلك تنكب بعض الأطراف المختصة في الميدان وبإيعاز ودعم من سلطة الإشراف على وضع خطة عملية تهدف إلى حسن التعاطي مع هذه الثروة في مختلف الجهات من خلال وضع خطة عمل تهدف لتوظيف واستغلال الكفاءات والخبرات المختصة التي تزخر بها بلادنا على نحو يفتح آفاق التشغيل ويساهم في تحقيق التنمية الإقتصادية نظرا لدورها في تنشيط السياحة الثقافية وغيرها فضلا عن حماية وتحديد المناطق الأثرية بكامل تراب الجمهورية بعد أن ورد على الوزارة ما يقارب ألف مطلب لحامل شهادة عليا مختصة في الميدان من بينها 800 مختص في التراث. كما بين وزير الثقافة أن ما عرفه القطاع في الفترة الأخيرة من تململ بسبب عدم استجابة البعض لدواعي تغيير خطط واستراتيجيات العمل داخل الهياكل والنقابات التي تعنى بالتراث على غرار رفض مسألة إدماج المعهد الوطني للتراث ووكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية تعد من الأسباب المعرقلة لكل مبادرات الإصلاح. وبين الوزير في ذات الإطار أن الميزانية المخصصة لدعم المشاريع التي تعنى بالآثار تقدر بحوالي 18 مليارا من المليمات سنويا لكنه وعد بإيجاد الحلول للخروج من أزمة بطالة المعهد ووضع حد لجملة المشاكل والمشاغل المطروحة في القطاع في أقرب الآجال أي حسب ما تضمنه برنامج العمل المسطر الذي يمكن مواصلة تنفيذه في حالة مغادرته الوزارة بعد 23 أكتوبر القادم. وعبر باش شاوش عن أسفه لما وصلت إليه وضعية رباط برج خديجة باعتباره معلما أثريا مرتبا ضمن قائمة التراث المصان منذ سنة 1899 خاصة في ظل التجاوزات التي كشفت جانب منها التحقيقات القضائية بعد أن أحالت لجنة تقصي الحقائق ملف هذه المسألة إلى القضاء.
حقيقة التجاوزات
من جهته كشف الدكتور فتحي البحري (مختص في النصوص والحفريات والتراث) عن نتائج لدراسات والحفريات التي قام بها ضمن مجموعة من المختصين لمعرفة حقيقة وطبيعة التجاوزات التي عرفها معلم برج خديجة باعتباره كان ضمن لجنة تقصي الفساد في التراث التي أحدثتها وزارة الثقافة منذ شهر ماي الماضي للغرض فضلا عن دوره في اختصاصه ضمن المعهد. وذلك بعد عمل متواصل خلال شهري جويلية وجوان الماضيين وبمشاركة عدد من المختصين في الحفريات والآثار. وبين البحري أن فريق العمل هذا التابع للمعهد الوطني للتراث توصل إلى التأكد من وجود تجاوزات في رباط برج خديجة الأثري الذي يمتد على مساحة أكثر من 1500 متر مربع وذلك بعد موافقة خمس وزارات سنة2007 (وهي وزارات الفلاحة والبيئة والداخلية والتنمية المحلية والدفاع) على مشروع تقدم به أحد أبناء الجهة ويتمثل في إقامة أحواض لتربية الأسماك على مقربة من هذا المعلم دون استشارة أو إعلام وزارة الثقافة. كما بين الدكتور فتحي شلبي وهو مختص في الحفريات والخزف وكان أيضا ضمن فريق البحث أنه تم تسجيل تجاوزات قانونية تتمثل في عدم احترام المسافة القانونية لحفر الأحواض والمقدرة ب 200 متر خاصة بعد أن توصلت الحفريات إلى العثور على مقابر قد تعود إلى العهد البيزنطي. وأكد فتحي البحري أن وزارة الثقافة أصدرت قرارا بإيقاف أشغال هذا المشروع منذ شهر جانفي الماضي بعد أن أنجز80 بالمائة منه وأن سلطة الإشراف متمسكة بموقفها هذا في انتظار مواصلة إجراء التحقيقات من أجل معرف الأطراف المشاركة في حقيقة التجاوزات في حق التراث الوطني. واستنكر استغلال بعض الأحزاب هذه العملية للترويج لحملتها الدعائية بالجهة من خلال أيكال الاتهامات لوزارة الثقافة والأطراف التي شاركت في الدراسة والحفريات الميدانية بالجهة. وكشف الدكتور البحري كذلك عن المقترح الذي قدمه هذا الفريق من أجل تحويل برج خديجة إلى معلم أثري يشع على المنطقة ويصبح منارة في السياحة الثقافية بالجهة من خلال وضع الأثار التي تم إخراجها في متحف ببلدية الشابة وتغيير مكان الطريق الرئيسية التي تمتد على جزء هام من المدية الأثرية أو معلم البرج الذي يجب الكشف عنه. في انتظار أن تأخذ المسائل القانونية مجراها.