خلافا لما كان متوقعا من تظاهرة فنية الهدف منها تشجيع المواطنين على ممارسة حقهم الانتخابي والمساهمة في المسار الديمقراطي لتونس الجديدة شهد حفل افتتاح معرض «الشارع يصوّت» الذي انتظم مساء أول أمس بقاعة الأخبار بشارع بورقيبة بالعاصمة أحداثا غير منتظرة كادت تنغّص على المشاركين فيه والأعداد الكبيرة من المولعين بالفنون التشكيلية والمجسّمات والإبداعات الفنية الهادفة من مختلف الأجيال الذين حلوا بالمكان لمواكبة هذه التظاهرة التي تنظمها كل من وزارة الثقافة ونقابة مهن الفنون التشكيلية كما أنه كادت أن تحيد بالمناسبة عن إطارها المحدد. بداية المنعرج في البرنامج الاحتفالي حدثت عندما رفض بعض المارة قرب الفضاء الذي يقام به المعرض لمنحوتة بالذات. منحوتة كبيرة الحجم من مادة القصدير كانت قد أعدتها خصيصا لهذه المناسبة الفنانة نجاة الغريسي وهي تجسد صورة إمرأة كان مقررا أن توضع وسط قاعة الأخبار ويتولى الفنانون المشاركون في المعرض تلوينها باعتبارها ترمز إلى ما تحيل إليه المرأة من معان قريبة من الأرض والإخصاب. وكان من المفروض أن هذه المرأة توحي لتونس لكن هؤلاء المارة لم ترق لهم المنحوتة فحاولوا التهجم على المكان قصد تحطيمها ولو لا تدخل الأمن وبعض الأطراف المنظمة للمعرض الذين بادروا بإبعاد المنحوتة لتطورت الأحداث إلى ما لا يحمد عقباه. كان من الممكن ان يحيد هذا المعرض الفني عن هدفه لا سيما في ظل تصاعد موجات الرفض والاحتجاج ضد الأعمال الفنية التي يعتقد المحتجون أنها لا تتوفر على بعض الثوابت الأخلاقية. ولم يساهم بطبيعة الحال تأخر وصول وزير الثقافة السيد عزالدين باش شاوش لافتتاح المعرض في تيسير الأمور. كان من المفروض أن يحل الوزير بالمكان على الساعة السادسة مساء لكن طالت فترة الإنتظار مما دفع أغلب الحاضرين لمغادرة المكان قبل حضوره. وحول هذه الحادثة أفاد عمر غدامسي الكاتب العام لنقابة مهن الفنون التشكيلية أنه لا يرى مبررا لرفض أو الاحتجاج على نوع من التوليف الفني في جانبه السياسي لأن التظاهرة حسب قوله لا تمثل أي اتجاه أو حزب سياسي وإنما تهدف لتحسيس التونسيين بأهمية المشاركة في هذا الحدث التاريخي والمصيري الذي تعيشه بلادنا. وشددت السيدة نورة بن عياد ( إدارة الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة ) من جهتها على أنها كانت حريصة على مراعاة الجوانب التي رأت أنها من شأنها أن تكون مدعاة لإثارة احتجاج البعض وطالبت بسحب بعض اللوحات التي كانت ضمن محتويات المعرض ولكنها وحسب قولها فوجئت بردة الفعل حول المنحوتة.