بقلم: آسيا العتروس من المنتظر أن يعلن اليوم من بنغازي مهد الثورة الليبية عن تحرير ليبيا نهائيا من كتائب القذافي ايذانا بانطلاق مرحلة جديدة في البلاد وهي مرحلة لن تكون هينة في ظل المشهد الراهن في ليبيا وما شهدته البلاد من دمار وخراب للبنية الاقتصادية ومن حالات تهجير وتشرد الالاف العائلات الليبية التي اضطرت لمغادرة ليبيا بحثا عن ملجا آمن من قصف كتائب العقيد وأبنائه... على أن الاهم من هذا الاعلان وقبل أن يتوجه رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل للاعلان رسميا عن هذا التحول أن يحرص المجلس قبل ذلك على اعلان صريح لا يقبل التاجيل عن انتهاء مهمة الحلف الاطلسي في ليبيا ومغادرة كل القوات والاليات العسكرية التي استقرت في ليبيا وايضا في منطقة حوض المتوسط وانسحابها نهائيا. قد لا يضيف في هذه المرحلة العودة لاثارة الجدل القديم الجديد حول دور الحلف الاطلسي في ليبيا وما اذا كان يتعين على الشعب الليبي تولي مهمة ازاحة نظام القذافي دون تدخل أجنبي شيئا للمشهد الليبي الراهن تماما كما هو الحال بالنسبة للجدل المستمر لبحث أسباب التسرع في اعدام القذافي بتلك الطريقة وعدم التريث واللجوء بدلا من ذلك الى القضاء لكشف ما خفي من أسرار وهي بالتأكيد كثيرة بين القذافي وبين الغرب فيما يتعلق بأكثر من ملف أمني وسياسي قد لا تفتح أبدا لاسيما بعد أن قضي الامر.. الا أنه يبقى في المقابل البحث حول كل الدروس والمواعظ التي يمكن صياغتها في الحالتين أمر مطلوب في التعاطي مع ملفات الثورات العربية المعقدة العالقة وأهمها تلك المتعلقة بدورها في تقرير المصيرالذي تستحق ومسؤوليتها في وجود أنظمة استبدادية تمتلك كل أسباب الالتفاف على ارادة الشعوب ومصادرتها... وبالعودة الى المشهد في ليبيا فقد بات واضحا أن الغرب بدأ يحاول التبرأ من تلك النهاية التي آل اليها العقيد حتى أن الاممالمتحدة طالبت بالتحقيق في أسباب الموت وهو ما يمكن اعتباره محاولة لتلميع صورة الغرب مجسدا في الحلف الاطلسي وبالتالي استباق حكم التاريخ بالبحث عن كل أنواع التبريرات لدرء المسؤولية عن الناتو ازاء ما حدث في ليبيا خلال الساعات القليلة القادمة والترويج له كآلية انقاذ عسكري ليس الا. ولعل في تصريحات وزير الخارجية الفرنسي الان جوبي الصادرة بالامس من الهند بأن العقيد رفض الشروط الجيدة مقابل استسلامه ولكنه رفضها الامر الذي يرجح ضمنيا الاعتراف بأنه استحق في نهاية المطاف ما آل اليه فيكون بذلك الحلف أدى المهمة كاملة.. لقد انتهى الان الرهان على الاطلسي وبات يتعين على كل القوى الليبية مواجهة المرحلة الراهنة بعيدا عن لعبة الحسابات الانية ومحاولات التشفي والانتقام التي لا يمكن الا أن تعمق الجرح الليبي وتزيد حجم الماسي والانقسامات والشروخ.. وقد وجب الاعتراف أن دور الحلف الاطلسي في ليبيا أن ينتهي فقد أن الاوان أيضا لكل مظاهر الاقتتال والصراع القبلي أن تنتهي أيضا فعملية البناء والاعمار والانتقال الديموقراطي غالبا ما تكون أعقد وأطول وأعسر من عملية هدم الدكتاتوريات...