محمد الطوير اليوم بعد أسبوع من توجه الناخبين إلى مكاتب الاقتراع وتصويتهم بكثافة منقطعة النظير حتى في أكثر الدول عراقة في الديموقراطية وبعد أن باحت صناديق الاقتراع بما تضمنته من نتائج شهد كل المراقبين على صحتها وتعبيرها بصدق عن اختيارهم، بات المطلوب وقد دخل التونسيون مرحلة التأسيس للجمهورية الثانية، من كافة الأحزاب والمنظمات وتشكيلات المجتمع المدني تجاوز مرحلة التنافس التي رافقت الحملة الانتخابية، إلى التعاون البناء من أجل عبور هذه المرحلة الحساسة والحاسمة نحو تحقيق المراد ألا وهو إنجاز الدستور الجديد وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأولى بعد ثورة 14 جانفي المجيدة. وفي هذا السياق لا بد من القول أن تونس تحتاج في هذا المفصل التاريخي إلى تظافر جهود الجميع بمن فيهم الأحزاب التي فشلت في دخول المجلس التأسيسي أو في إحراز عدد من المقاعد يجعلها فاعلة ومؤثرة مباشرة داخله، ودون تغليب لأية حسابات ضيقة، من أجل تسريع عملية تشكيل الحكومة الانتقالية المقبلة وتمكينها من المقومات والآليات الكفيلة بإنجاح مهامها في رفع التحديات المطروحة وفي مقدمتها إعادة تحريك دواليب الاقتصاد الوطني بالسرعة والنجاعة المطلوبين لدفع التنمية والتمكين من خلق مواطن شغل جديدة، باعتبارها السبيل الوحيدة للتقليص من حدة البطالة المتفشية في البلاد. نقول هذا لأن أية معالجات أخرى ثانوية تنزع، لغايات وأهداف حزبية ضيقة، إلى عكس ذلك، على غرار التشكيك في نوايا هذا الطرف أوذاك من الأطراف الفائزة بمقاعد في المجلس التأسيسي والتحريض عليه في وسائل الاعلام المختلفة لإعاقته في الاضطلاع بمهامه التي انتخبه الشعب لتحملها، إنما هي معالجات غير مثمرة، ولن تساهم في دفع البلاد إلى كسب رهان تخطي المرحلة بالسرعة المطلوبة. فالشعب التونسي قد قال كلمته بكل حرية وعن اقتناع تام كما أكدته كل تقارير المراقبين المحليين والدوليين الذين واكبوا سير العمليات الانتخابية والذين أكدوا عدم حدوث تجاوزات كبيرة من شأنها أن تؤثر على النتائج النهائية للاقتراع، ولهذا لا بد من اقتناع الجميع بأن هذا الخيار يجب أن يحظى بكامل القبول والاحترام، باعتباره في صلب قواعد اللعبة الديموقراطية. وليقتنع الجميع بأن هذا الشعب الذي نجح في الاطاحة بدكتاتورية المخلوع وعصابة أقاربه الطرابلسية هو أذكى من أن يقع التلاعب به وبإرادته أو يقبل بعودة الدكتاتورية في ثوب جديد أيا كان. فهو اختار ممثليه في المجلس التأسيسي على أساس ما قدموه من برامج ومن المؤكد أنه سوف لن يتردد في الوقوف بكل تنظيماته وتشكيلاته المدنية ووسائل الضغط التي بحوزته بالمرصاد لكل محاولة لمغالطته والقفز على إرادته وطموحاته.