فاكر بوزغاية : '' لا حصانة قانونية لدار المحامي في هذه الحالات''    العجز التجاري لتونس يتقلص بنسبة 5ر23 بالمائة خلال الأشهر الأربعة الاولى من سنة 2024    يستقطب الفتيات ويتولّى تسفيرهنّ لجلب ''الهيروين''    عاجل/ حادثة حجب العلم: طلب جديد من الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات    الإعداد لتركيز نقاط بيع نموذجية للمواد الاستهلاكية المدعمة بكافة معتمديات ولاية تونس    مدنين: تركيز برنامج التربية الرقمية بالمدرسة الإبتدائية قصر أولاد سعيد بجرجيس    قضية انستالينغو :محكمة التعقيب تقرر تاجيل النظر    الخميس القادم.. اضراب عام للمحامين ووقفة احتجاجية امام قصر العدالة    كل التفاصيل عن تذاكر الترجي و الاهلي المصري في مباراة السبت القادم    بعد تغيير موعد دربي العاصمة.. الكشف عن التعيينات الكاملة للجولة الثالثة إياب من مرحلة التتويج    فستان ميغان ماركل يقلب مواقع التواصل الاجتماعي ؟    جندوبة: حجز مخدّرات وفتح تحقيق ضدّ خليّة تنشط في تهريبها على الحدود الغربية للبلاد    النادي الإفريقي يكشف عن تفاصيل تذاكر مواجهة النجم الساحلي    كأس تونس: تحديد عدد تذاكر مواجهة نادي محيط قرقنة ومستقبل المرسى    الرابطة الأولى: الكشف عن الموعد الجديد لدربي العاصمة    أوّل أمريكيّة تقاضي أسترازينيكا: "لقاحها جعلني معاقة"    أول امرأة تقاضي ''أسترازينيكا''...لقاحها جعلني معاقة    باجة: خلال مشادة كلامية يطعنه بسكين ويرديه قتيلا    تركيز نظام معلوماتي للتقليص من مدة مكوث البضائع المورّدة بالمطار ..التفاصيل    عقوبة التُهم التي تُواجهها سنية الدهماني    تونس: 570 مليون دينار قيمة الطعام الذي يتم اهداره سنويّا    البنك الدولي يؤكد استعداده لدعم تونس في تنفيذ البرامج الاقتصادية والاجتماعية    المندوبية الجهوية للتربية ببن عروس ..9283 مترشحا لامتحان باكالوريا دورة جوان 2024    عاجل/ مستجدات الكشف عن شبكة دولية لترويج المخدرات بسوسة..رجلي اعمال بحالة فرار..    تحذير من الديوانة بخصوص المبالغ المالية بالعُملة الصعبة .. التفاصيل    9 جرحى في حادث مرور على مستوى طريق مطار تونس قرطاج..وهذه التفاصيل..    في إطار تظاهرة ثقافية كبيرة ..«عاد الفينيقيون» فعادت الحياة للموقع الأثري بأوتيك    المعهد النموذحي بنابل ...افتتاح الأيام الثقافية التونسية الصينية بالمعاهد الثانوية لسنة 2024    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الثلاثاء 14 ماي 2024    مدنين: انقطاع في توزيع الماء الصالح للشرب بهذه المناطق    عاجل : أكبر مهربي البشر لأوروبا في قبضة الأمن    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة الى أكثر من 35 ألف شهيد وأكثر من 79 ألف جريح..    بقيمة 25 مليون أورو اسبانيا تجدد خط التمويل لفائدة المؤسسات التونسية    هام/هذه نسبة امتلاء السدود والوضعية المائية أفضل من العام الفارط..    نقابة الصحفيين تنعى الزميلة المتقاعدة فائزة الجلاصي    منها زيت الزيتون...وزير الفلاحة يؤكد الاهتمام بالغراسات الاستراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي ودعم التصدير    الاحتفاظ بنفرين من أجل مساعدة في «الحرقة»    مع الشروق ..صفعة جديدة لنتنياهو    غوغل تطلق تحديثات أمنية طارئة لحماية متصفح Chrome (فيديو)    بادرة فريدة من نوعها في الإعدادية النموذجية علي طراد ... 15 تلميذا يكتبون رواية جماعية تصدرها دار خريّف    مبابي يحرز جائزة أفضل لاعب في البطولة الفرنسية    برشلونة يهزم ريال سوسيداد ويصعد للمركز الثاني في البطولة الإسبانية    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الطواقم الطبية تنتشل 20 شهيداً جراء قصف للاحتلال الصهيوني على منازل جنوب قطاع غزة    الهند: مقتل 14 شخصاً بعد سقوط لوحة إعلانية ضخمة جرّاء عاصفة رعدية    المدير العام لوكالة احياء التراث والتنمية الثقافية : التشريعات الجارية المنظمة لشؤون التراث في حاجة الى تطوير وإعادة نظر ثقافة    نابل..تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    القصرين : عروض الفروسية والرماية بمهرجان الحصان البربري وأيام الإستثمار والتنمية بتالة تستقطب جمهورا غفيرا    وزارة الشؤون الثقافية: الإعداد للدّورة الرّابعة للمجلس الأعلى للتعاون بين الجمهورية التونسية والجمهورية الفرنسية    سليانة: تقدم عملية مسح المسالك الفلاحية بنسبة 16 بالمائة    جراحة التجميل في تونس تستقطب سنويا أكثر من 30 ألف زائر أجنبي    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    وفاة أول متلقٍ لكلية خنزير بعد شهرين من الجراحة    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما أخطأت حركة النهضة في منهجية الاكتساح
نشر في الصباح يوم 30 - 10 - 2011

بقلم: د. خالد الطراولي لقد كتبت منذ سنوات، والربيع العربي لا يزال حلما يغطيه فصل الشتاء القارس، مقالين تباعا دعوت فيهما الحركات الاسلامية وهي تسعى إلى الحكم، الى التخلي عن منهجية الاكتساح، حتى وإن وُجدت على أرضية سياسية سليمة وفي إطار ديمقراطي غير مغشوش. وكانت المبررات لذلك عديدة، وأهمها عدم السقوط في الاستقطاب والاستفراد، فينال منها الواقع بكل ضفافه وترسب في الامتحان. ولعل هذه الدعوة تجد اليوم صداها بالحاح أكثر وواقعية، والحال غير الحال، إلاّ أن المشهد العام وأجنداته وخفاياه يدعون إلى طرح السؤال مجددا، مع صلاحية الإجابة وصلوحيتها السابقة.
إن منهجية الاكتساح في العمل السياسي تحمل في طياتها عنوان الضخامة والتعالي، وتبلغ رسالة تغلّب منطق القوة على قوة المنطق، وتحوي في جعبتها غالبا تغييب أو تهميش البعد الاستراتيجي لحساب البعد التكتيكي. وقد عرجنا في مقالات سابقة على أن من المعضلات الكبرى التي تعاني منها الحركات الإسلامية إجمالا، غياب العقل الاستراتيجي، فتراها غالبا تلهث وراء الحدث ولا تصنعه، وإن صنعته فلا يتجاوز مكانه أو لا يغادر يومه.
النهضة مرت من هنا ومر معها غبار كثيف
إن حصول حركة النهضة على الأغلبية في المجلس التأسيسي، ليس اضطرارا حتى يقال أن الشعب قرّر ولا مفرّ من حكم الصناديق، ولكنه خيار تكتيكي ساهمت فيه الحركة بحملتها الانتخابية وأجندتها، وهي تجد نفسها اليوم في موقف لا تحسد عليه، حتى وإن غطت نشوة الانتصار وفرحة القواعد التوقف بقدر من القلق والتوجس على تفاعلاته المستقبلية، القريبة منها والبعيدة.
لقد كان الخطاب الذي سعينا في حركة اللقاء الإصلاحي الديمقراطي إلى إيصاله إلى حركة النهضة كلما التقينا مع قياداتها، هو الدخول في الاستحقاق الانتخابي في جبهة تلتقي أطرافها على مجموعة ثوابت تحوم جميعها حول المرجعية. كان ممكنا لحركة النهضة أن تفتح باب الالتقاء والتحالف لمجموعة أحزاب ومستقلين يحملون نفس الهمّ ونفس المرجعية، وكان الإطار الإسلامي بمستقليه وأحزابه مفتوحا لمثل هذه الدعوة.
خيّرت حركة النهضة العمل الانفرادي وهذا حقها المشروع، ولعلها كانت تريد من الانتخابات أن تكون محرارا لمعرفة ثقلها الحقيقي بين الناس، خاصة أن جماهريتها لم تعد مخفية. ولكن أليس الأولى معرفة ثقل المشروع قبل معرفة ثقل العناوين، أو الأشخاص!
إن هذا التوجه التكتيكي غيب بعدا استراتيجيا أساسيا في الحراك السياسي لحركة النهضة، وهو تغييب الهمّ الدائم لحساب الهمّ الظرفي، وجعل الأولوية للعنوان على حساب المشروع، في إطار من غياب التجربة السياسية في ميدان التمكين، فالحال في المعارضة غير الحال في الدولة، وبُعد التجربة والتمرس محدّد في مثل هذه الأحوال.
هل وقعت الحركة في ورطة؟ وإن كان ذلك كذلك فما المخرج منها؟
إن السعي الحثيث إلى طرح العمل الوفاقي من خلال تكوين حكومة وحدة تجمع كل الأطياف السياسية أحزابا ومستقلين، فائزين ومنهزمين، لا يمثل الحل الأمثل ولا الوقاية الكافية لعدم السقوط والتواري:
فماذا لو رفضت الأحزاب، والكبرى منها خاصة الاستجابة لهذا الطلب رغم استدراجات السلطة، وغاب المستقلون عن المشهد، وبقيت الحركة وحيدة على الركح تسيّر هذا الواقع المتوتر والمتحدي؟
ثم ماذا لو قبلت هذه الأحزاب الدخول اليوم في الحكومة المؤقتة ثم مغادرتها في وسط الطريق بسبب أو بغير سبب، لما يتصاعد الضغط الجماهيري على حال عام غير مرضي، وتظهر بوادر الرفض والتململ، ووجدت حركة النهضة ظهرها عاريا وهي مرمية في المواجهة؟
ولعل الخطر الجاثم على الصدور، والقنبلة الموقوتة والذي ساعد البعض من السياسيين في حملتهم الانتخابية على زرعها بوعي أو بغير وعي، هي سلسلة الوعود والأماني التي أراقت لعاب البعض وأدخلت على المشهد بعدا قاتلا! فماذا لو تجلى بعد حين أن الشأن المطلبي هو الغالب على المشهد، وأن الشأن التأسيسي بقي ثانويا لدى الجماهير ومعلقا بين الجدران وفي ذمة الخبراء، في حين تعلقت همة الشعب بأعناق الحكومة وانتظرت الرد، وكان العجز والارتباك، فكيف يكون الرد؟
هل يكون جواب حركة النهضة بسيطا، فلعل الجماهير نسيت فذكّروها...أنتم انتخبتمونا لصياغة دستور وليس لصياغة قائمة مطلبية!! أم يكون : انتظروا واصبروا الصبر الجميل ببطون خاوية وبطالة عالية...؟ أم يكون الجواب قاسيا ذليلا : لسنا أهلا واعذرونا فإنا تاركو مفاتيح البلاد ومغادرين المكان غير مأسوف عنا...؟ أو تأخذ الحركة العصا والهراوة وتفتح على الناس وعليها باب جهنم، فتصبح الضحية الجلاد، والشعب الضحية! فما الحل؟؟؟
1/ على حركة النهضة التراجع عن رئاسة الحكومة وجعلها بين أيد سليمة وسطية ومعتدلة تحمل المرجعية الإسلامية متحزبة أو مستقلة وتكون من خارج الحركة، حتى تطمئن جمهورها وتضمن ولاءه ولا تزعزع ثقتها في المشروع العام.
2/ تقاسم وزارات السيادة مع كل الأحزاب، وخاصة عدم تولي وزارة الداخلية لحساسيتها المفرطة ووجودها في الصف الأول في أي تململ أو معارضة، ومن فقد الداخلية فقد ثقة الجماهير ورسم نهايته على جبينه.
3/ السعي منذ الآن، وهو البند الأهم، إلى فتح جبهة موسعة ذات مرجعية إسلامية إصلاحية ودعمها وجعلها هي الواجهة والمصب مع العمل التدريجي بالتوازي على ابتعاد حركة النهضة عن المشهد الاستعراضي وضمورها الحضوري الكاشف لحساب هذا الائتلاف.
إن هذه الثلاثية تمثل حسب زعمنا مخرجا لهذه الورطة الخطيرة التي تواجهها حركة النهضة والتي نرى أنه يجب عدم الاستهانة بها أو التحقير من شأنها فهي ماحقة وهي أيام لها ما بعدها.
إن هذه المنهجية تحمي المشروع على حساب العناوين والأشخاص وهو ما سعت إليه حركة اللقاء الإصلاحي الديمقراطي عبر نهجها الاستراتيجي المتغلغل في المنظومة الأخلاقية والقيمية التي تنبع من مرجعيتها الاسلامية الاصلاحية والتي تبني لعقلية المؤسسة التي تشيد المشروع المتدرج، والواعي بمتطلبات المرحلة وأولوياتها.
إن هذه الدعوة اللحظية المرتبطة بإلزامات الواقع الحيني والتي تدعوإلى حماية المشروع لا تتعارض مع ما نادينا به سابقا من ضرورة إيجاد قطب ثان داخل الإطار الإسلامي لأن الهدف السامي يبقى دائما حماية المشروع في إطار التمايز والاختلاف الإيجابي.
مؤسس حركة اللقاء الإصلاحي الديمقراطي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.