بدأت مرحلة جديدة في إيطاليا بعد أن شكّل ماريو مونتي حكومة تكنوقراط لإنقاذ البلاد من أزمة الديون التي عصفت بها. مونتي «الكاردينال» كما يلقب أحيانا، يعرف برجاحة علقه ، وكفاءته واستقلاليته. إلا أنّ حجم المسؤولية الملقاة على عاتق الرجل كبيرة ، فعليه أن ينقذ اقتصاد ثامن دولة في العالم وأن يساهم في الحفاظ على قوة العملة الأوروبية المشتركةر، وأن يخرج إيطاليا من سنوات الفوضى السبع عشرة التي أمضاها برلسكوني في السلطة. صاحب ال68 عاما، رئيس الوزراء الجديد ووزيرالاقتصاد في الحكومة أيضا هو خبير اقتصادي كبير، درس بجامعة «ييل» الأميركية. كما أنّه أستاذ اقتصاد سياسي في جامعة «باكوني» في ميلانو. كلّ تلك الخبرة الاقتصادية جعلته محل ثقة الرئيس الإيطالي، خاصة أنّ مونتي يحمل في جعبته جملة من مقترحات الإصلاحات الجوهرية التي يطمح إلى تحقيقها حتى يخرج إيطاليا من عنق الزجاجة . وليس ذلك بغريب عن «واحد من أقوى البيروقراطيين الأوروبيين» كما أطلقت عليه مجلة» ذي ايكونوميست» التي لقبته ب»سوبرماريو،» عام 2000. ومن الواضح أنّ «الكاردينال» قد نجح في أول اختبار، فقد قررت حكومته بيع ما قيمته أربعة مليارات دولار من السندات، ما مكنها من أن تتعرف على مدى استعداد سوق السندات لإقراض إيطاليا ما بعد برلسكوني. غيرأن المشكلة تظل ارتفاع تكلفة الفائدة مقارنة بالمبيعات السابقة. ولكن بالرغم من الكفاءة المشهودة للرجل، فإنّ المعركة القادمة معقدة ، وتتطلب أسلحة سياسية عديدة أكثر بكثيرمن الأسلحة الاقتصادية التي يملكها مونتي. فإيطاليا تحتاج مليار دولارمن التمويل الخارجي في العام المقبل وحده لتغطية نفقاتها المرتقبة. وقد يتطلب ذلك سياسات اقتصادية «قاسية» قد لا تكون محل ترحيب في الداخل الإيطالي. كما أنّ الكافاليري» القديم لن يفوت فرصة لانتقاد أداء حكومة مونتي أو سحب الثقة منها. وأكبرخطريواجه مونتي اليوم هوأن تشعرالأسواق المالية بتردد القادة السياسيين، لأنّ ذلك يعني أنّها ستتوقف عن إقراض الحكومة ، وعندها ستضطرالبلاد إلى إعلان الإفلاس. مونتي الذي شغل منصب المفوض الأوروبي ل10 أعوام، لم يتردد في تنبيه الإيطاليين إلى احتمال القيام ب»تضحيات». حجم هذه التضحيات ومدى نجاعة السياسات التي ستتبعها حكومة «سوبر ماريو» سيكون لها الدورالكبيرفي تحديد مصيرالحكومة الجديدة. إلا أنّ التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه البلاد والتي يضاف إليها بالضرورة حضوربرلسكوني القوي على الساحة السياسية الإيطالية يجعل معركة «الفارس الجديد» أكثر شراسة أمام جمهورروما العاشق للمعارك والمحاربين.