تتعدد مشارب القادمين للإعتصام أمام المجلس الوطني التأسيسي وتختلف مطالبهم وإن إلتقت في جوانب كثيرة منها. وشباب ثورة تالة كما تدل عليهم اللافتة المعلقة على إحدى الخيمات أمام قصر باردو- يقولون أنهم يعتصمون من أجل إيصال صوت الشهيد الذي يراد إسكاته وغض الطرف -قصدا أوسهوا- عن حق عائلات الشهداء في كشف الحقيقة ومحاسبة المجرمين. ويقول بهذا الصدد محمد الفاضل السايحي الذي يتذكر إلى الآن ملابسات استشهاد ابن عمه وجدي السايحي وكأنها جدت البارحة، إنه ورغم مرور أكثر من 11 شهرا على أحداث ملحمة الثورة التي عرفتها تالة والقصرين لم يشعرالأهالي هناك بوجود رغبة حقيقية في تغيير الممارسات السابقة التي حاولت على امتداد عقود طمس الحقائق وتهميش المطالب المشروعة واضطهاد المطالبين بالحق والعدل.
الحقيقة الكاملة
ويضيف "اليوم وفي ظل الغوغاء التي أضحت تتعالي من هنا وهناك بموجب وبدونه تتواصل نفس ممارسات التغييب والتجاهل لأهم مطلب شرعي يرفعه شباب تالة وهو الكشف عن الحقيقة الكاملة للمشاركين في عمليات القتل والقنص في تالة والقصرين أيام 7 و8 و9 جانفي الفارط ". ويعتقد محمد الفاضل كما بقية المشاركين في الإعتصام أمام المجلس التأسيسي أن الإرادة السياسية لم تتوفر بعد للمرور بجدية لفتح ملف المحاسبة والمحاكمة العادلة. وهم يرون في انطلاق جلسات المحاكمة العسكرية لبعض المتورطين في قضايا القتل لا يمكن اعتباره مؤشرا كافيا بل أكثر من ذلك يعتبرها البعض صورية ويهددون بمقاطعتها لا سيما وأن الكثير من المتهمين المعروفة أسماؤهم لدى أهالي تالة ولدى القضاء مازالوا في حالة سراح ويكفي إحضارهم والتحقيق معهم بشكل جدي ليفصحوا عن من أعطاهم الأوامر لإطلاق النار والقتل العمد والتنكيل بأهالي عزل خرجوا من أجل المطالبة بحقهم في التنمية والشغل والكرامة.
مطالب مستعجلة
يسعى كذلك شباب الثورة بتالة من خلال الإعتصام أمام المجلس التأسيسي إلى تذكير نواب الشعب وحكومة تصريف الأعمال أوالمرتقبة، بوجود جملة من المطالب المستعجلة في تلك الجهات المعدومة تستوجب إجراءات وقرارات فورية وهي لا تحتمل كما لا تستدعى انتظار الاتفاق على توزيع الحقائب وتنظيم السلط وحسم الجدال الدائر حول محتوى الدستور الجديد. ويعتبر محمد جملي (عاطل عن العمل) أن رفع حظر التجول عن مدينة كتالة يعد مطلبا ملحا ومستعجلا قد لا يعيره كثيرون وفي مقدمتهم الحكومة الحالية إهتماما لكن الإستجابة له قد تغير الكثير في مدينة غابت فيها مظاهر التنمية الإقتصادية لسنوات وهي ترتكز أساسا على دورة إقتصادية صغيرة من خلال نشاط "الحماص"و"التاكسيفون" والمقهي.. وجميع هذه الأنشطة تتأثر بموجب حظر التجول المفروض الآن في تالة من السابعة مساء إلى السابعة صباحا.
تغيير ممارسات التهميش
ويطالب المعتصمون من شباب الثورة بتالة ببذل جهود أكبر والإلتفات لتلك الجهات المحرومة وذلك بتوفير موارد رزق وإن كانت محدودة أو في شكل مبادرات ولو رمزية بإقامة مشاريع صغيرة تستوعب بعضا من شباب الجهة المعطلين عن العمل. ويؤكد في هذا الإطار أبو هريرة قناوي (متحصل على ماجستير في الجغرافيا ومعطل عن العمل) أن شباب تالة واعون بأن حل مشكل التشغيل لن يكون بين عشية وضحاها ولن يتم بعصا سحرية بل يتطلب وقتا وإعادة تفكير في توزيع الإستثمار ومراجعة منوال التنمية وإعادة انعاش الدورة الإقتصادية الوطنية ككل، لكن هذا الشباب نفسه يطالب في المقابل بمبادرات ومحاولات ولوعلى سبيل بعث نوع من الإطمئنان والثقة في النفوس ببداية تغيير ممارسات التهميش والإقصاء التي مورست طيلة عقود في حق جهة حرمت من أبسط مقومات التنمية. وهم يطالبون بأن تستجيب الحكومة ولو جزئيا لمطالب توفير عدد من موارد الرزق في الجهة نسجا على منوال إستجابتها لمطالب الترقيات في سلك الأمن والزيادة في الأجور وفي الإمتيازات في بعض القطاعات الأخرى التي لم تكن يوما من مطالب وأهداف الثورة التي ضحى من أجلها الشهداء...